أعلنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا، الجمعة، توصّلها إلى اتّفاق على تحديد سقف لأسعار مشتقات النفط الروسي، في وقت تراجعت فيه إيرادت روسيا الشهرية من النفط والغاز إلى أدنى مستوى منذ أغسطس 2020.
وتعد الخطوة، الأحدث في إطار مساع دولية لاستهداف صادرات موسكو الرئيسة للحد من العائدات التي يستخدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعم حربه على أوكرانيا.
ويحدد الاتفاق سقفاً لسعر برميل المشتقات النفطية الأغلى ثمناً على غرار وقود الديزل عند مئة دولار، مقابل سقف للمنتجات الأقل جودة عند 45 دولاراً، وفقاً لمسؤولين.
ووصفت السويد، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، الخطوة بأنها "اتفاق مهمّ يندرج في إطار الردّ المستمرّ من الاتّحاد وشركائه على الحرب العدوانية الروسية ضدّ أوكرانيا".
وفرض الاتحاد الأوروبي في ديسمبر حظراً على الخام الروسي الذي يصل بحراً، وحدد مع شركائه في مجموعة السبع سقفاً وقدره 60 دولاراً للبرميل، على الصادرات حول العالم.
ويُتوقّع دخول الحظر الثاني على مستوى الاتحاد الأوروبي حيّز التطبيق اعتباراً من الأحد، ويستهدف منتجات روسية من النفط المكرر مثل البترول والديزل ووقود التدفئة التي يتم شحنها بحراً.
في الوقت ذاته، اتفق الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع على فرض سقف على أسعار الشحنات الروسية من هذه المنتجات إلى الأسواق العالمية.
وجاء في بيان مجموعة السبع وأستراليا أن السقف سيخضع لمراجعة في مارس.
وجاء إقرار السقوف تماشياً مع مقترح تقدّمت به المفوضية الأوروبية.
وسعت المفوضية في اقتراحها إلى إيجاد توازن بين المتشدّدين على صعيد العقوبات، على غرار بولندا ودول البلطيق، والحريصين على عدم قطع الغرب الموارد النفطية الروسية بالكامل عن الأسواق العالمية لأن من شأن ذلك أن يرفع الأسعار إلى حد كبير.
ووصف دبلوماسيون أوروبيون السقوف بأنها "متوازنة جداً" وتحقق الهدف المرجو منها، وهو "تقليص مداخيل روسيا مع ضمان وصول (الموارد الروسية) إلى دول ثالثة".
ترحيب أميركي
وفي بيان منفصل، رحّبت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بالقرار الأخير، وقالت إنه يشكل استكمالاً لجهود سابقة.
وتابعت: "السقوف التي حدّدناها للتو تؤدي دوراً مفصلياً على صعيد عمل تحالفنا الدولي.. نحن بصدد إجبار بوتين على الاختيار بين تمويل حربه الوحشية أو تحفيز اقتصاده المأزوم".
وقدّرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، الخميس، خلال زيارة لكييف بأن السقف المحدد حالياً على أسعار النفط الروسي يكلّف موسكو نحو 160 مليون يورو (175 مليون دولار) يومياً.
وأشارت، الجمعة، إلى أن التكتل يحضّر حزمة عقوبات جديدة على روسيا ستكون العاشرة منذ اندلاع الحرب قبل عام، وقالت: "علينا مواصلة حرمان روسيا الوسائل التي تمكنها من شن حرب على أوكرانيا"، مشددة في هذا السياق على الحظر الأوروبي على واردات مشتقات النفط الروسية، الذي يبدأ الأحد.
وأضافت: "نحدد سقوفا للأسعار مع مجموعة السبع على هذه المنتجات، إذ نقطع عائدات روسيا مع ضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية".
رد روسيا
وندد الكرملين بالاتحاد الأوروبي قبيل دخول الحظر المذكور حيّز التنفيذ، مشدداً على أن الخطوة "ستزيد انعدام التوازن في أسواق الطاقة الدولية".
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "نتخذ إجراءات لحماية مصالحنا من المخاطر ذات الصلة".
ووجّهت الحرب الروسية على أوكرانيا إنذارا قاسيا للاتحاد الأوروبي الذي يعتمد منذ سنوات على الوقود الأحفوري الزهيد الثمن من روسيا من أجل صناعاته.
وتفيد بروكسل بأن الاتحاد تخلى عن نحو 90% من الواردات الروسية بموجب الحظر على النفط الخام، بعدما مُنحت استثناءات للإمدادات التي تصل عبر خطوط الأنابيب إلى البلدان غير المطلة على البحر مثل المجر.
تأثير العقوبات
وأظهرت بيانات لوزارة المالية الروسية، الجمعة، أن الإيرادات الشهرية للميزانية من النفط والغاز تراجعت في يناير إلى أدنى مستوى لها منذ أغسطس 2020، متأثرة بالعقوبات التي يفرضها الغرب على الصادرات الروسية.
ووفقاً للوزارة، انخفضت الإيرادات الشهرية من الضرائب والجمارك المرتبطة بمبيعات الطاقة 46% على أساس سنوي، بما يعكس تراجع متوسط السعر الشهري لمزيج خام الأورال الروسي 42%، رغم أنه لم يطرأ تغيير يذكر على سعر مزيج خام برنت العالمي.
وتعتمد موسكو على عائداتها التي تُقدر بمليارات الدولارات من مبيعات النفط والغاز لتمويل نفقات الموازنة، واضطرت للبدء في بيع بعض الاحتياطيات الدولية لتغطية النقص.
وذكرت وكالة "رويترز" أن البيانات أظهرت أيضاً أن إيرادات الميزانية من الطاقة انخفضت 54% مقارنة ببيانات ديسمبر البالغة 931.5 مليار روبل (13.2 مليار دولار)، رغم ارتفاع قيمة الإيرادات بعدما دفعت شركة "جازبروم" التي تحتكر تصدير الغاز ضريبة استثنائية.
وجاءت إيرادات يناير عند 425.5 مليار روبل (6.05 مليار دولار).
وأشارت الوزارة إلى أنها سترفع مبيعاتها اليومية من العملات الأجنبية بثلاثة أمثالها تقريباً إلى 8.9 مليار روبل (130 مليون دولار) يومياً خلال الشهر المقبل لتعويض انخفاض عائدات النفط والغاز.
ورد الغرب، الذي كان يُمثل في الماضي سوق الطاقة الذي تُحقق منه روسيا القسم الأكبر من إيراداتها، على غزو أوكرانيا باستهداف عائداتها من الطاقة من خلال فرض حزمة غير مسبوقة من العقوبات التي من المقرر أن تشهد المزيد من التشديد.
وتأمل بروكسل أن تؤدي القيود التي تفرضها إلى خفض صادرات النفط الروسية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 90%. وقلصت الدول الأعضاء بالتكتل حصة الغاز الروسي في وارداتها من أكثر من 40% إلى أقل من 15% منذ غزو أوكرانيا.
وأدت القيود الدولية، التي شملت وضع مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى حداً أقصى لسعر النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، إلى أن يُباع مزيج الأورال الروسي الآن بخصم كبير للغاية بعد أن كان يتم تداوله في السابق بسعر مماثل لسعر خام برنت.
وقالت وزارة المالية إن متوسط السعر في يناير بلغ 49.48 دولار للبرميل بانخفاض 42% عن نفس الشهر من عام 2022.
وجرى تداول خام برنت عند حوالي 82 دولاراً، الجمعة، فيما تم تداول خام الأورال عند حوالي 53.60 دولار.
وأضافت الوزارة أن إيرادات الحكومة الروسية من مبيعات النفط والغاز بلغت العام الماضي 11.6 تريليون روبل (165 مليار دولار).
اقرأ أيضاً: