أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي، الأحد، "عفواً مشروطاً" عن عشرات الآلاف من المحتجزين في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وذلك عقب إعدام سلطات إيران 55 شخصاً خلال العام الجاري، واعتقال أكثر من 20 ألف شخص.
وأوضحت وكالة "مهر" الإيرانية أن القرار جاء بناءً على طلب من رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني أيجئي.
وقال أيجئي في اقتراحه إنه "خلال الأحداث الأخيرة (في إشارة إلى الاحتجاجات)، ارتكب عدد من الأشخاص، وخاصة الشباب، سلوكيات وجرائم خاطئة نتيجة التحريض والدعاية للعدو، ما تسبب في معاناة عائلاتهم وأقاربهم، بالإضافة إلى التسبب في مشاكل لهم".
ولفت رئيس السلطة القضائية في إيران إلى أن عدداً كبيراً من المحكومين في الأحداث الأخيرة، "طالبوا بالصفح بعد إظهار الندامة والكشف عن مخطط الأعداء الخارجيين والتيارات المناهضة للثورة والشعب".
وأفادت الوكالة بأن خامنئي وافق على طلب أيجئي بتخفيف عقوبة عشرات الآلاف من "المتهمين والمدانين" في الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد.
شروط الإفراج
وبحسب وكالة "مهر" اشترط قرار الإفراج عن المحتجزين في الاحتجاجات الأخيرة، ألا يكون المعتقل مداناً في قضايا التجسس، أو الاتصال المباشر بعملاء المخابرات الأجنبية، أو ارتكاب القتل العمد والجرح، أو التدمير والحرق المتعمد للمرافق الحكومية والعسكرية والعامة، وعدم وجود مدعٍ خاص.
ولفتت الوكالة إلى أن القرار شمل "العفو وتخفيف العقوبة على المحكوم عليهم من قبل المحاكم العامة والثورية والعسكرية".
وتختص المحاكم الثورية في طهران بقضايا "الإساءة للمرشد الإيراني"، و"التآمر ضد النظام أو تنفيذ عمل مسلح"، و"التجسس" وجميع الجرائم المتعلقة بتهريب وتجارة المخدرات"، إضافة إلى "الجرائم المهددة للأمن الداخلي والخارجي"، بحسب ما ذكرته دراسة لـ"المعهد الدولي للدراسات الإيراني".
واستبعد رئيس السلطة القضائية فئات عدة من القرار من بينهم "المتاجرون بالأسلحة النارية، والأشخاص الذين يرتكبون جرائم السطو المسلح والسرقة، والجرائم المتعلقة بالمخدرات والمهلوسات وإنشاء مراكز للفساد والدعارة، وتهريب المشروبات الكحولية".
كما استبعد القرار "مهربي السلع والعملة الصعبة بشكل ممنهج ومنتظم، والمباشرة والمشاركة في زعزعة النظام الاقتصادي، والجرائم المتعلقة بالأمن الداخلي والخارجي".
إعدام العشرات
جاء ذلك عقب أيام من تأكيد منظمة حقوق الإنسان في إيران، إعدام 55 شخصاً خلال العام الجاري، مضيفة أن الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام يهدف لبث الخوف في ظل الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أشهر، بحسب وكالة "فرانس برس".
وأشارت المنظمة التي تتخذ من النرويج مقراً إلى أن "4 أشخاص أُعدموا بتُهم مرتبطة بالاحتجاجات، بينما غالبية الذين تمّ شنقهم - 37 مداناً - أُعدموا في جرائم تتعلق بالمخدرات".
وأوضحت المنظمة أن 107 أشخاص على الأقل لا يزالون يواجهون خطر الإعدام على خلفية التظاهرات، بعد الحكم عليهم بالإعدام أو بتهم ارتكاب جرائم يُعاقب عليها بالإعدام.
ومع تزايد استخدام إيران لعقوبة الإعدام في السنوات الأخيرة، أشارت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" إلى أن "كل عملية إعدام من قبل إيران هي سياسية" لأن الهدف الرئيسي منها "هو خلق الخوف والرعب في المجتمع".
واتهم ناشطون إيران باستخدام عقوبة الإعدام كوسيلة ترهيب لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في سبتمبر إثر وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، بعد أيام على اعتقالها من قبل "شرطة الأخلاق" لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة للنساء في البلاد.
وقال مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "استخدام (إيران) للإجراءات الجنائية" لمعاقبة المتظاهرين "يرقى إلى قتل بموافقة الدولة".
ولم تنشر المنظمات الحقوقية بعد أرقاماً عن عمليات الإعدام في إيران في عام 2022، لكن منظمة حقوق الإنسان في إيران قالت في أوائل ديسمبر، إن أكثر من 500 شخص تم شنقهم بحلول ذلك الوقت - وهو أعلى رقم في 5 سنوات - بينما أفادت بياناتها بأن 333 شخصاً أُعدموا في عام 2021، في زيادة قدرها 25% مقارنة بـ267 في عام 2020.
من جهتها، أفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان "هرانا"، بأن السلطات الإيرانية اعتقلت نحو 20 ألف شخص في الاحتجاجات المناهضة للحكومة.