عقبات تواجه خطة الغرب لتسليم "مليارات روسيا المجمّدة" إلى أوكرانيا

اليخت الفاخر "نورد" المملوك للثري الروسي الخاضع للعقوبات الغربية أليكسي مورداشوف في هونج كونج. 7 أكتوبر 2022 - REUTERS
اليخت الفاخر "نورد" المملوك للثري الروسي الخاضع للعقوبات الغربية أليكسي مورداشوف في هونج كونج. 7 أكتوبر 2022 - REUTERS
باريس-أ ف ب

تبدو فكرة تسليم الغرب مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمّدة، إلى أوكرانيا من أجل تمويل عملية إعادة الإعمار، بسيطة للوهلة الأولى، لكنها في الواقع تُواجه مشكلات قانونية كبيرة.

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، جمّدت مصارف ومسؤولون غربيّون ما يُقدر بحوالي 350 مليار دولار من أصول الدولة واحتياطات أجنبية وممتلكات أثرياء قريبين من السلطة بموجب عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ضد موسكو.

وبعد 12 شهراً تقريباً، يُمارس سياسيون وناشطون في الغرب ضغوطاً من أجل توظيف هذه الثروة في عملية إعادة بناء البنى التحتية المدمرة والمنازل والشركات الأوكرانية التي انهارت جراء الحرب.

وقالت كريستيا فريلاند نائبة رئيس الوزراء الكندي ووزيرة المال، أمام الحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الشهر الماضي: "هناك الكثير من الأضرار ويجب على الدولة التي تسببت فيها دفع تكاليف إصلاحها".

"سرقة في وضح النهار"

وأطلقت كندا، في ديسمبر الماضي، إجراءات للمرة الأولى لتسليم حوالي 26 مليون دولار تعود إلى شركة خاضعة للعقوبات يملكها رجل الأعمال رومان أبراموفيتش، في خطوة وصفها السفير الروسي بأنها "سرقة في وضح النهار".

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، تعهدت المفوضية الأوروبية "تكثيف جهودها الرامية إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في دعم عملية إعادة إعمار أوكرانيا".

وطالبت بولندا و3 من دول البلطيق بالتحرك "في أسرع وقت ممكن".

وأعلنت إستونيا خططاً لتكون البلد الأول في الاتحاد الأوروبي الذي يأخذ مبادرة على هذا الصعيد.

وقال المستثمر الأميركي السابق والناشط ضد الكرملين بيل براودر إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو من أفسد الوضع وهو من عليه إصلاحه".

ويسعى براودر الذي يقف وراء قانون "مانييتسكي"، التشريع الرائد لمعاقبة المسؤولين الروس المتورطين في "انتهاكات حقوق الإنسان"، إلى الضغط على المشرعين. مشيراً إلى أن "هناك 50 اقتراحاً لطريقة القيام بذلك".

وأضاف: "إذا كنتم تريدون التأكد من عدم إنجاز أمر ما، قدّموا 50 اقتراحاً مختلفاً".

وعقد الكونجرس الأميركي جلسات بشأن الطرق التي يُمكن من خلالها تغيير القانون الذي أقرته الولايات المتحدة ليصبح بالإمكان مصادرة الأصول بشكل دائم، على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن أعربت علناً عن تحفظها على الفكرة.

عائدات من أنشطة إجرامية

الخبراء يُميزون في القانون بين الأصول الخاصة التي جمّدتها حكومات غربية، مثل يخت أحد الأثرياء وممتلكات الدولة، وبين احتياطات العملات الأجنبية للبنك المركزي الروسي.

وفي حالة الأصول الخاصة، تعني الضمانات القانونية أنه لا يُسمح للدول الغربية بمصادرتها بشكل دائم إلا في ظروف محدودة جداً، في معظم الأحيان عندما يمكن إثبات أنها عائدات من أنشطة إجرامية.

وقال أنتون مويسيينكو من جامعة أستراليا الوطنية إن "الأثرياء الروس القريبين من السلطة ينشطون في أعمال مريبة، لكننا لا نعلم فعلاً أن الممتلكات التي جمّدت هي عائدات أنشطة إجرامية".

ويُشكل وضع اليد على الأصول السياسية تحدياً للحقوق القانونية وحقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الملكية والحماية من العقاب التعسفي، والحق في محاكمة حرة.

كذلك، سيكون التزام الغرب العلني احترام سيادة القانون على المحك أيضاً.

وأضاف مويسيينكو: "كيف تثبتون أنها (الأصول المصادرة) جاءت من عائدات أنشطة إجرامية دون تعاون روسيا؟".

وهناك مشكلات أخرى مرتبطة باتفاقيات استثمار ثنائية أو دولية موقعة مع روسيا، وهو أمر قد يُعرض الدول المعنية لمطالبات قانونية في محاكم دولية.

وتُعتبر كندا الدولة الوحيدة حتى الآن التي اتخذت ما سمّاه مويسيينكو "نهجاً متشدداً فريداً".

وتابع: "سيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف ستجري الأمور في المحكمة".

"حصانة سيادية"

وتطرح أصول الدولة، مثل احتياطات البنك المركزي، مشكلات مختلفة لكنها شائكة أيضاً، كونها مغطاة بما يُسمى "الحصانة السيادية"، وهو تفاهم يقضي بألا تستولي دولة على ممتلكات دولة أخرى.

ويُعتقد أن مصارف مركزية غربية مثل الاحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك اليابان، جمّدت احتياطات تبلغ قيمتها حوالي 300 مليار دولار تحتفظ بها روسيا لدى هذه المؤسسات.

وكتب بول ب. ستيفن في مجلة "كابيتال ماركتس لو جورنال" خلال يونيو الماضي، في مراجعة للتشريع القائم: "القانون الدولي العرفي لحصانة الدول يحمي عموماً أصول دولة ما من المصادرة".

وأضاف أن "الاستثناءات موجودة لكن نطاقها غير واضح".

ويدور نقاش حيوي بين خبراء قانونيين منذ الغزو الروسي بشأن الظروف التي يُمكن للدول الغربية بموجبها "منح" أصول مثل احتياطات البنك المركزي.

وأشار خبراء إلى القانون الدولي للتدابير المضادة الذي ينص على أنه يمكن لدولة ما أن تفرض على دولة أخرى دفع تكاليف عندما تتصرف خارج حدود القانون الدولي، لكن هذه "التدابير المضادة" كما تسمى وضعت لتكون قابلة للعكس.

ويعتقد عدد من المحامين أن أفضل فرصة لأوكرانيا للحصول على تعويض هي محاولة فرض اتفاق لإنهاء القتال قد يشمل تعويضات مستحقة بموجب القانون الدولي. لكن آخرين يدعون إلى نهج أكثر تشدداً من شأنه أن يوجه رسالة إلى دول أخرى، بما فيها الصين.

وقال براودر: "يبدو من غير المنطقي أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادراً على ابتكار أنواع جديدة من الجرائم، ونحن لا نستطيع إعادة وضع إطار قانوني للرد على تلك الجرائم".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات