تتجه الولايات المتحدة إلى الضغط من أجل نشر مدققين ومحققين في مناطق الحرب بأوكرانيا بهدف تعزيز الرقابة مع توسع نطاق وحجم المساعدات العسكرية والاقتصادية الأميركية التي تجاوزت قيمتها 110 مليارات دولار.
وقال 3 مفتشين تابعين لوزارتي الدفاع والخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية لصحيفة "وول ستريت جورنال" إنهم حتى الآن، تمكنوا من إجراء مهام رقابية "مهمة" عن بُعد باستخدام موظفين مقيمين في واشنطن وبولندا وألمانيا.
وبعد زيارة قام بها المفتشون الثلاثة إلى كييف نهاية الشهر الماضي، قال المفتشون إنهم سيضغطون لنشر جزء من فريق مكون من 177 شخصاً يعملون على مراقبة مسار المساعدات على الأرض في أوكرانيا.
وقالت القائم بأعمال نائب المفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية الدولية نيكول أنجاريلا إنه "لا يمكن القيام بمراقبة قوية وشاملة وحقيقية عن بعد"، مشيرةً إلى أن "كلما اقتربنا كلما كانت الرقابة أكثر شمولاً".
ويعمل المفتشون من الجهات الأميركية الثلاثة على ضمان "عدم تحويل الأسلحة الأميركية"، و"عدم سحب أموال دافعي الضرائب"، إضافة إلى "التأكد من أن برامج المساعدة تعمل بشكل صحيح"، بحسب "وول ستريت جورنال".
تحذيرات أميركية
وذكر المسؤولون الأميركيون أنهم لم يتلقوا حتى الآن أي تقارير عن "احتيال كبير" أو "عدم شرعية المساعدة الأميركية" التي تهدف لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن المساعدات تشمل أنظمة أسلحة باهظة الثمن، وأموال تساعد على بقاء الحكومة الأوكرانية واقفة على قدميها.
ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن حجم المساعدات لأوكرانيا فرض على الجهات الأميركية الثلاثة وفرقهم إجراء تدقيق غير عادي.
وقالت نائبة المفتش العام بوزارة الخارجية الأميركية ديانا شو إن "حجم المساعدات كبير بشكل لا يصدق كما أنه موجه إلى حكومة واحدة وأيضاً لخدمة غاية واحدة في وقت قصير"، محذرة من "أي احتيال أو إهدار أو إساءة استخدام للمساعدات بعيداً عن الغاية المقصود منه يعرض تدفق المساعدات المستمر للخطر".
ومع تكثيف الدول الغربية رقابتها على المساعدات المقدمة لأوكرانيا، عمل الرئيس فولوديمير زيلينسكي في الأسابيع الأخيرة جاهداً على مكافحة الفساد، وإقالة مسؤولين حاليين ومداهمة مسؤولين سابقين من بينهم داعمين سياسيين رئيسيين له.
وأوضح مسؤولون أميركيون أن هذه التحركات الأوكرانية لا تتعلق بالمساعدات الأميركية، معتبرين أن سرعة وحجم المساعدات الأميركية الهائلة المقدمة لأوكرانيا يمثلان تحدياً.
وقال المفتش العام بـ"البنتاجون" روبرت ستورتش إن "أحد زملائي قال نحن نراقب سرعة الحرب، لذلك لابد أن نكون مرنين"، مشيراً إلى أن "المفتشين أكدوا خلال اجتماعاتهم في كييف مع رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والمالية والمدعي العام في أوكرانيا، أهمية التعاون مع الأجهزة الرقابية، فيما توقعت واشنطن هذه المساءلات".
وخصص الكونجرس خلال العام الماضي مساعدات لأوكرانيا بقيمة تتجاوز 113 مليار دولار، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن وثائق حكومية.
وتتبع المدققون الأميركيون في الغالب تدفق الأموال من بعيد، بالاعتماد على المسؤولين الأميركيين المتمركزين في سفارة كييف، والأفراد المنتشرين في البلدان المجاورة والشراكات مع الاتحاد الأوروبي، الذي لديه موظفين لمكافحة الفساد في أوكرانيا، ومع البنك الدولي.
وأدّى وضع وزارة الخارجية الأميركية سقفاً لعدد الدبلوماسيين في سفارة كييف إلى الحد بشكل كبير من عدد المحققين على الأرض، بحسب الصحيفة.
وكان بعض المشرعين الجمهوريين يضغطون من أجل وضع المزيد من خطط الإشراف والتدقيق على المساعدات الأميركية لأوكرانيا، بما في ذلك مكتب مخصص على غرار المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان.
مداهمات أوكرانية
وأدّى الغزو الروسي إلى الحد بشكل كبير من الفساد في أوكرانيا وإلى تغيير في الذهنية "لا رجعة فيه" في هذا البلد، بحسب ما قال رئيس الوكالة الأوكرانية لمكافحة الفساد أولكسندر نوفيكوف، مشدداً على أن الفضائح الأخيرة تؤكد هذا التوجه.
وقال نوفيكوف لوكالة "فرانس برس" إنه "خلال الأشهر الأولى من الحرب، لاحظنا أنه لم يعد هناك فساد عمليّاً"، متحدثاً بعد سلسلة من عمليات الدهم التي استهدفت شخصيات وإدارات في أوكرانيا.
ودهمت السلطات الأوكرانية سابقاً منزل الملياردير إيجور كولومويسكي في قضية اختلاس أموال على ارتباط بشركات نفطية، ووزير الداخلية السابق أرسين أفاكوف ودائرة الضرائب الأوكرانية فيما عُلّقت مهام إدارة الجمارك.
كما زار محققون مسؤولين في وزارة الدفاع، وذلك بعد أسبوع من إقالة مجموعة من كبار المسؤولين في قضيّة فساد تتعلّق بإمدادات الجيش، كانت أول فضيحة كبرى منذ الاجتياح الروسي قبل حوالى عام.
واعتبر نوفيكوف أن هذه التطورات الأخيرة تثبت أن "أوكرانيا تكافح الفساد"، لافتاً إلى أن "مستوى الفساد تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة" ذاكراً استطلاعاً للرأي موّلته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وأُجري في صيف 2022 في وسط الغزو الروسي.
وتظهر هذه الدراسة أن 29% من الأوكرانيين يعتبرون أن مستوى الفساد في بلادهم في تراجع، مقابل 4% فقط في العام السابق. من جهة أخرى، قال 64% من المستطلعين إنهم لم يواجهوا فسادا خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، مقابل 43% قبل عام.
وارتفع عدد الأوكرانيين الذين يعتبرون أن الرشاوى "غير مبررة في أي من الأحوال" من 40% في 2021 إلى 64% في 2022، فيما تضاعفت نسبة الأوكرانيين المستعدين للإبلاغ عن حالات فساد من 44% إلى 84%، بحسب المصدر ذاته.
وتلقت وكالة الوكالة الأوكرانية لمكافحة الفساد 1300 شكوى في قضايا فساد محتملة في 2021، مقابل 4500 العام السابق.