بوادر "تصدعات" في علاقات واشنطن بكييف.. وتحذيرات من "أزمة في الأفق"

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارة الأخير إلى العاصمة كييف. 20 فبراير 2023 - REUTERS
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارة الأخير إلى العاصمة كييف. 20 فبراير 2023 - REUTERS
دبي - الشرق

بعد مرور أكثر من عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، باتت هناك خلافات متزايدة وراء الكواليس بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن "أهداف الحرب"، كما أصبح هناك، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية، "بؤر للتوترات المحتملة" بشأن كيفية وموعد انتهاء الصراع.

ونقلت المجلة عن النائب الجمهوري مايكل ماكول وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي قوله إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "ليس لديها هدف سياسي واضح، فهل هي تهدف إلى إطالة أمد الحرب، وهو بالضبط ما يريده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ أم ترغب في منح كييف ما يلزمها للبقاء وليس من أجل الانتصار؟ فلا أرى أن هناك سياسة للنصر في الوقت الحالي، ولكن في حال لم يكن لدينا هذه السياسة، فما هو الدور الذي نقوم به؟".

وذكر 10 مسؤولين ومشرعين وخبراء أميركيين تحدثوا للمجلة، أن هناك نقاط توتر جديدة باتت تظهر في العلاقات بين واشنطن وكييف، بما في ذلك عملية تخريب خطوط أنابيب "نورد ستريم" للغاز الطبيعي في قاع المحيط الأطلسي، والدفاع الذي يستنزف الموارد عن مدينة باخموت "غير المهمة" من الناحية الاستراتيجية، بالإضافة إلى خطة القتال من أجل شبه جزيرة القرم التي ترسخت فيها القوات الروسية بالفعل منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

"تصدّعات في العلاقة"

كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية يؤكدون أن الوحدة بين واشنطن وكييف "لا زالت متينة"، ولكن هناك تصدعات ظهرت في العلاقات بينهما، حيث بدأ العديد من هؤلاء المسؤولين في الشعور بالقلق من أن تخسر أوكرانيا الكثير من الأرواح والذخيرة في باخموت بشكل قد يؤدي لاستنزاف قدرتها على شن هجوم مضاد كبير في الربيع.

كما أشار تقييم أجرته الاستخبارات الأميركية، إلى أن "مجموعة مؤيدة لأوكرانيا" هي المسؤولة عن تدمير خط "نورد ستريم" في الخريف الماضي.

وقالت "بوليتيكو" إنه على الرغم من أن هذه المعلومات الاستخباراتية الجديدة، التي أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز" لأول مرة، كانت تفتقر إلى التفاصيل، لكنها أطاحت بالنظرية التي تفترض أن موسكو هي المسؤولة عن تخريب خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الروسي إلى أوروبا.

في المقابل، لا يعتقد محللو الاستخبارات أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو مساعديه متورطون في عملية التخريب هذه، لكن إدارة بايدن ألمحت إلى كييف، مثلما فعلت عندما أودت سيارة مفخخة في موسكو بحياة ابنة المفكر الروسي ألكسندر دوجين المقرب من الكرملين، إلى أنه "لن يتم التسامح مع بعض أعمال العنف المعينة خارج حدود أوكرانيا".

كما كان هناك شعوراً بالإحباط لدى أوكرانيا في بعض الأحيان بشأن حصولها على الأسلحة من قبل واشنطن، حيث أرسلت الولايات المتحدة، معظم الأسلحة والمعدات إلى الجبهة، في وقت كانت كييف تتطلع دائماً للحصول على المجموعات التالية من الإمدادات.

"تذمّر من طلبات كييف"

وعلى الرغم من أن معظم مسؤولي الإدارة الأميركية، كانوا يتفهمون مدى حاجة كييف للدفاع عن نفسها، فإنه كان هناك تذمراً بشأن الطلبات المستمرة، كما أنه في بعض الأحيان، "لم يُظهر زيلينسكي الامتنان المناسب"، وفقاً لما نقلته "بوليتيكو" عن اثنين من مسؤولي البيت الأبيض، رفضا الكشف عن هويتهما.

وأضاف النائب ماكول، الذي لفتت للمجلة إلى أنه على اتصال دائم مع كبار مسؤولي إدارة بايدن، "أعتقد أن الإدارة منقسمة، ومجلس الأمن القومي منقسم بشأن الأسلحة التي يجب إرسالها إلى أوكرانيا، فأنا أتحدث إلى الكثير من كبار ضباط الجيش وهم، إلى حد كبير، يدعمون منح كييف نظام صواريخ (أتاكمز إم جي إم-140)".

وأدى التقرير الذي صدر مؤخراً حول قيام "البنتاجون" بمنع إدارة بايدن من مشاركة أدلة على جرائم حرب روسية محتملة مع المحكمة الجنائية الدولية إلى التأثير أيضاً في علاقة واشنطن بكييف، حيث شعر مسؤولو البيت الأبيض بالفزع عندما ظهرت قصة "نيويورك تايمز"، خوفاً من أن تلحق الضرر بالدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا ضد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الروسية.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون، إن البيت الأبيض "على اتصال دائم بأوكرانيا لأننا ندعم دفاعهم عن سيادتهم وسلامة أراضيهم"، مضيفة أنه "مع عدم إظهار بوتين أي علامات على وقف حربه، فإن أفضل شيء يمكننا القيام به هو الاستمرار في مساعدة أوكرانيا على النجاح في ساحة المعركة حتى يكونوا في أقوى موقف ممكن على طاولة المفاوضات عندما يحين ذلك الوقت".

ورأت المجلة أن "الانفصال المتزايد بين البلدين قد يُنذر بانقسام أكبر حول الكيفية التي ستنتهي بها الحرب، ولكن العديد من المراقبين لا زالوا يشيدون بالوحدة عبر الأطلسي، وبصلابة التحالف على الرغم من الخسائر الاقتصادية والسياسية التي خلفتها الحرب".

"أزمة تلوح بالأفق"

"بوليتيكو" حذّرت من أن أسباب حدوث "أزمة لا تزال تلوح في الأفق"، حيث يعتقد المسؤولون الأميركيون أن إصرار زيلينسكي على إعادة كافة أراضي أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي تخضع للسيطرة الروسية منذ عام 2014، إلى البلاد، قبل بدء أي مفاوضات سلام، لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب.

لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ألمح إلى كييف، أن احتمالية استعادتها لشبه جزيرة القرم سيكون "خطاً أحمر" بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما يؤدي إلى تصعيد دراماتيكي من موسكو.

ولفتت المجلة إلى أنه في الوقت الحالي يستمر بايدن في التمسك بأن الولايات المتحدة تترك جميع القرارات المتعلقة بالحرب والسلام لزيلينسكي، إلا أن "الحديث بدأ في جميع أنحاء واشنطن حول مدى إمكانية الإبقاء على هذه السياسة مع استمرار الحرب، واقتراب الانتخابات الرئاسية 2024".

ونقلت المجلة عن النائب الديمقراطي الأميركي جيسون كرو قوله "لم تكن هناك حرب في التاريخ من دون انتكاسات وتحديات، والسؤال ليس ما إذا كان الأوكرانيون قد تعرضوا لانتكاسات، لكن كيف يستجيبون لها ويتغلبون عليها، وأوكرانيا ستتغلب وتهزم روسيا وتبقى حرة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات