القتال يحتدم في باخموت وسط شكوك متزايدة حول أهميتها لأوكرانيا

جنود أوكرانيون في مواقع القتال الأمامية في باخموت، شرق أوكرانيا. 11 مارس 2023 - AFP
جنود أوكرانيون في مواقع القتال الأمامية في باخموت، شرق أوكرانيا. 11 مارس 2023 - AFP
كريمينا، أوكرانيا-رويترز

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن مستقبل بلاده يتوقف على نتيجة المعارك الجارية جهة الشرق، بما يشمل المعارك في باخموت وحولها، بينما تكثف روسيا حملتها الشتوية للسيطرة عليها، في وقت يتزايد فيه التشكيك بالأهمية الاستراتيجية للمدينة لأوكرانيا، ومخاوف من خسائر هائلة.

وأصبحت مدينة باخموت التعدينية المدمرة هدفاً رئيسياً للغزو الروسي وتحولت بفعل القتال المستمر على مدى أشهر للسيطرة عليها إلى أكثر معارك المشاة دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال زيلينسكي في خطابه الليلي الاثنين، "الوضع صعب جداً في الشرق.. مؤلم جداً. علينا تدمير القوة العسكرية للعدو، وسندمرها" واعتاد زيلينسكي إلقاء خطاباته ليلا منذ بدء الغزو الروسي قبل أكثر من عام.

شكوك حول أهمية باخموت

وتقول روسيا إن السيطرة على باخموت ستفتح الطريق أمام السيطرة على منطقة دونيتسك بالكامل، وهي هدف حربي رئيسي. وتقول أوكرانيا، التي قررت عدم الانسحاب والدفاع عن باخموت، إن انهاك الجيش الروسي الآن سيسهل عليها هجومها المضاد في وقت لاحق هذا العام.

لكن لا يوجد اتفاق في الآراء بين المحللين العسكريين على أن الدفاع عن باخموت هو أفضل استراتيجية بالنسبة لأوكرانيا.

وقال المحلل العسكري الأوكراني أوليه جادانوف في مقابلة "حتى الآن لدينا معلومات بأن أوكرانيا ترسل قوات الاحتياط التي تدربت في دول غربية إلى باخموت. ونتكبد خسائر بين قوات الاحتياط التي ننوي استخدامها في الهجمات المضادة".

وأضاف "يمكن أن نخسر هنا كل شيء أردنا استخدامه في تلك الهجمات المضادة".

وقال المؤرخ العسكري الأوكراني رومان بونومارينكو إن خطر تطويق المدينة "حقيقي جداً".

وأضاف لإذاعة إن.في الأوكرانية "لو تخلينا ببساطة عن باخموت وسحبنا قواتنا ومعداتنا لا يمكن أن يحدث شيء فظيع... لو أحكموا الحصار سنخسر الرجال والعتاد".

حرب خنادق

وفي ساحة المعركة، قال جنود أوكرانيون الاثنين، إنهم يصدون هجمات قرب كريمينا شمالي باخموت.

وفي غابة على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من الجبهة، دوت أصوات المدافع مستهدفة مراكز روسيا باتجاه الشمال الشرقي. ودوت الانفجارات بصفة مستمرة بطول المسافة مما يشير لوجود قتال عنيف.

وشاهد مراسلون من "رويترز" جندياً يجري نقله من الجبهة بإصابة بالغة في ساقه. وتم إسعافه في سيارة بجبيرة ومسكنات للألم قبل نقله إلى مركز طبي بعيد عن الجبهة.

وقال ميخايلو انست، وهو مسعف يبلغ من العمر 35 عاماً، قبل أن يعالج الجندي الجريح "قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع كان القتال في ذروته لكنه هدأ قليلاً. هناك الكثير من نيران المدفعية وقذائف الهاون".

وأدت حرب الخنادق، التي يصفها الجانبان بأنها مفرمة لحم، لوقوع عدد هائل من الضحايا في باخموت بمنطقة دونيتسك، حيث أعلن كلا الجانبين سقوط المئات من قوات الجانبين.

"انفراجة دبلوماسية"

ومن ناحية أخرى، قال مصدر لـ"رويترز"، إنه من المتوقع أن تسعى المحكمة الجنائية الدولية لاستصدار أوامر اعتقال لمسؤولين روس بسبب ترحيل أطفال من أوكرانيا قسراً بالإضافة إلى استهداف البنية التحتية المدنية، وذلك فيما ستكون أولى قضايا جرائم حرب دولية تتعلق بالغزو الروسي.

ومن المؤكد أن موسكو سترفض أوامر اعتقال مسؤوليها، لكن من شأن محاكمة تتعلق بجرائم حرب دولية أن "تزيد عزلة موسكو الدبلوماسية بسبب حملتها التي أسفرت عن سقوط آلاف المدنيين وشردت الملايين من ديارهم" وفق "رويترز".

لكن روسيا تقف فيما يبدو على أعتاب انفراجة دبلوماسية لطالما سعت لها إذ أبلغت مصادر "رويترز" أن الرئيس الصيني شي جين بينج ربما يزور روسيا الأسبوع المقبل.

ولم ترد وزارة الخارجية الصينية على طلبات للتعليق. وقال الكرملين إن ليس لديه ما يعلنه.

تحقيق في "الجنائية الدولية"

تقول أوكرانيا والدول الغربية الحليفة لها إن روسيا ارتكبت "جرائم ضد الإنسانية" باستهدافها المدنيين والبنية التحتية المدنية، وهي اتهامات تنفيها روسيا.

وقال مصدر مطلع إن المحكمة الجنائية الدولية، التي فتحت تحقيقاً في وقوع جرائم حرب في أوكرانيا العام الماضي، من المنتظر أن تسعى لاستصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين روس على صلة بالصراع "في المدى القريب" .

وأضاف المصدر أنه لم تتضح بعد هوية المسؤولين الروس الذين قد يسعى المدعي العام بالمحكمة لاستصدار أوامر للقبض عليهم أو الموعد المحتمل لاستصدار مثل تلك الأوامر، لكنها ستتضمن جريمة الإبادة الجماعية.

ورفض مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية التعليق.‭‭ ‬‬ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب التعليق.

"لا سلطة للمحكمة على روسيا"

وقال قسطنطين كوساتشيوف نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي إن المحكمة الجنائية الدولية لا سلطة لها على روسيا منذ سحبت تأييدها في 2016.

وأضاف "المحكمة الجنائية الدولية هي أداة للاستعمار الجديد في أيدي الغرب".

ونفت روسيا اتهامات سابقة بأنها نقلت أوكرانيين قسراً.

لكنها لم تخف برنامجاً أخذت بموجبه آلاف الأطفال إلى روسيا فيما تصفها بأنها "حملة إنسانية" لحماية الأيتام والأطفال المتروكين في منطقة الصراع.

وتقول أوكرانيا إن آلاف الأطفال الأوكرانيين المرحلين تتبناهم أسر روسية ويعيشون في مخيمات وملاجئ ويتم منحهم جوازات سفر روسية وتنشئتهم على رفض الجنسية الأوكرانية.

ويعرف ميثاق الإبادة الجماعية للأمم المتحدة "نقل الأطفال قسراً من جماعة إلى جماعة أخرى" بأنه واحدة من خمسة أفعال يمكن مقاضاة مرتكبيها باعتبارها إبادة جماعية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات