وافق برلمان العراق في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، على ميزانية قياسية لعام 2023 تبلغ 198.9 تريليون دينار (153 مليار دولار) تشمل إنفاقاً على فاتورة أجور حكومية متزايدة، ومشروعات تنمية تهدف لتحسين الخدمات وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الإهمال والحرب.
ووفقاً لمشرعين ووثيقة الميزانية يقدر عجز الميزانية بنحو 64.36 تريليون دينار عراقي، وهو مستوى مرتفع على نحو قياسي ويبلغ أكثر من مثلي آخر عجز ميزانية مسجل في 2021.
وأفاد مشرعون أن الميزانية تستند إلى سعر نفط 70 دولاراً للبرميل، وتوقعات بتصدير 3.5 مليون برميل نفط يومياً، منها 400 ألف برميل يومياً من إقليم كردستان.
وتحدد الميزانية سعر الصرف لإيرادات النفط بالدولار الأميركي عند 1300 دينار مقابل الدولار. وسيظل هذا سارياً حتى 2025، لكنه سيكون قابلاً للتعديل.
وتضيف الميزانية أكثر من نصف مليون وظيفة جديدة للقطاع العام، ما يتعارض مع توصيات العديد من المراقبين الذين يقولون إن "على العراق تشديد السياسة المالية".
وذكر محمد نوري، عضو اللجنة المالية بالبرلمان، لـ"رويترز" قبل الجلسة، إنه تمت إضافة أكثر من مليون عامل جديد، بما في ذلك المتعاقدون والموظفون اليوميون والموظفون العاملون بدوام كامل.
رواتب الأمن
وصوت مجلس النواب العراقي على مشروع قانون الميزانية العامة للسنوات المالية (2023، 2024، 2025) وكذلك على مادة جديدة تنص على تخصيص 150 مليار دينار لتنفيذ المشاريع العراقية – الصينية.
وذكر مراسل وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "مجلس النواب صوت على المواد 50 و64 و65 و66 و67 و68، بالاضافة إلى التصويت على مادة جديدة تنص على عدم التعامل بأي نص أو قانون أو قرار يتعارض مع قانون الموازنة".
وقال البيان إن مجلس النواب أقر مادة جديدة تنص على زيادة رواتب الصحوات (قوات أمنية عشائرية) من 250 ألف دينار إلى 500 ألف دينار من موازنة وزارتي الدفاع والداخلية، وأخرى تتعلق بشأن "الحشد الشعبي".
وأشار البيان إلى أن"مجلس النواب رفض فقرة الدراسات العليا في الجامعات الأهلية، وكذلك فقرة المادة 42 المتعلقة بعوائد مبيعات البنزين والغاز والنفط الأسود والوقود المستورد".
ارتفاع تكلفة الأجور
وقدر أحمد الطبقجلي، الزميل الزائر في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، عدد الموظفين الجدد بنحو 600 ألف، وهو ما قال إنه "سيرفع التكلفة الإجمالية للأجور العامة ومعاشات التقاعد إلى أكثر من 58 مليار دولار (76 تريليون دينار)".
وأضاف:"كلما زدت هذا النوع من الإنفاق، زادت نقاط ضعفك. يجب أن يرتفع سعر النفط أكثر فأكثر فقط للحفاظ على الإنفاق، وسيؤدي هذا إلى المزيد والمزيد من الاقتراض".
وأشار صندوق النقد الدولي في مذكرة بتاريخ 31 مايو إلى "إن زيادة فاتورة رواتب القطاع العام ستسهم في تصاعد العجز والضغط المالي، ما لم تحدث زيادة كبيرة في أسعار النفط".
ولتحقيق التعادل، ذكر الصندوق أن العراق طلب سعراً للنفط يبلغ 96 دولاراً للبرميل، بينما بلغ متوسط السعر 71.3 دولاراً للبرميل في مايو.
وطالب صندوق النقد الدولي"بتنفيذ سياسة مالية أكثر صرامة؛ لتعزيز المرونة وتقليل اعتماد الحكومة على عائدات النفط مع حماية احتياجات الإنفاق الاجتماعي الهامة".
ومن المفترض أن يتم اعتماد ميزانيات العراق قبل بداية السنة التي تغطيها، لكنها تتأخر في كثير من الأحيان أو لا يتم تمريرها على الإطلاق بسبب عدم الاستقرار والخلافات السياسية.
خلافات مع إقليم كردستان
وتتخذ الميزانية خطوات لمعالجة الخلافات طويلة الأمد بين العراق وإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، إذ من المقرر إيداع عائدات النفط في حساب يشرف عليه البنك المركزي العراقي.
ولم يكن لبغداد في السابق أي رأي في إنفاق كردستان لعائدات النفط، إذ كان الإقليم يصدر النفط الخام من جانب واحد عبر تركيا على الرغم من اعتراضات بغداد.
لكن المسؤولين الأكراد أجبروا على التفاوض مع بغداد بعد أن أوقفت تركيا صادرات الخام في أبريل عندما قضى حكم تحكيم دولي بأنها غير قانونية.
وبموجب اتفاق أبرم بين بغداد وأربيل في أبريل، سيكون لشركة تسويق النفط العراقي الحكومية (سومو) سلطة تسويق وتصدير النفط الخام الذي تنتجه حقول يسيطر عليها إقليم كردستان.
ولم تستأنف تدفقات النفط على الرغم من أن بغداد طلبت ذلك من أنقرة في 11 مايو.