شككت روسيا في "إمكانية تطبيق" المقترح الذي قدمه وفد الوساطة الإفريقي لإنهاء النزاع في أوكرانيا، مما شكل إخفاقاً لمساعي الوفد الإفريقي لإحلال السلام، خاصة بعدما قوبلت الخطة برفض كييف أيضاً.
وكان القادة الأفارقة يسعون للاتفاق على سلسلة من "إجراءات بناء الثقة" حتى مع بدء أوكرانيا الأسبوع الماضي هجوماً مضاداً لطرد القوات الروسية من الأراضي التي تسيطر عليها.
واعتبر الكرملين أن خطة السلام الإفريقية "صعبة التحقيق"، إذ قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف عقب اجتماع بين الرئيس فلاديمير بوتين والوفد الإفريقي، إن هذه الخطة "يصعب جداً تنفيذها".
غير أن بيسكوف أشار في الوقت ذاته إلى أن "الرئيس بوتين أبدى اهتمامه بدرسها"، حسبما نقلت وكالات أنباء روسية.
وشدد الكرملين على أن وفد الوساطة الإفريقية لم يسلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي رسالة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
"مواقف إفريقية متوازنة"
وجاءت تصريحات الكرملين في أعقاب لقاء بوتين مع أعضاء الوفد الإفريقي في قصر حكومي بالقرب من سان بطرسبرج، الجمعة. وضم الوفد رؤساء زامبيا، وجزر القمر، والسنغال، وجنوب إفريقيا، ورئيس الوزراء المصري، وكبار المسؤولين من الكونغو وأوغندا.
وفي وقت سابق نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية الحكومية، عن بوتين قوله لوفد الوساطة الإفريقية إن روسيا "منفتحة على الحوار مع كل من يريد السلام بشرط مراعاة مصالح جميع الأطراف".
وأشاد بوتين أثناء لقائه بأعضاء الوفد بالمواقف الإفريقية التي وصفها بـ"المتوازنة"، فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، كما أعرب عن "احترام روسيا الشديد لموقف إفريقيا المؤيد للتسوية السلمية للنزاعات وإقامة نظام عالمي أكثر عدلاً"، بحسب الوكالة.
وقال بوتين "نسعى لتعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية على أساس عدم التدخل في شؤون الآخرين"، مؤكداً أن تطوير العلاقات مع إفريقيا أولوية بالنسبة لروسيا.
ونقلت "سبوتنيك" عن الوفد قوله في بيان "نشجع روسيا على الدخول في مفاوضات مع أوكرانيا لإنهاء النزاع" خاصة وأن الصراع في أوكرانيا "يؤثر على العالم وإفريقيا والأمن الغذائي".
مبادرة من 10 نقاط
وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، أثناء لقاء بوتين، إن مبادرة الوساطة الإفريقية تتكون من 10 نقاط، مضيفاً "استمعنا إلى وجهة نظر (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي، ونود أن نسمع وجهة نظركم (الرئيس الروسي) بشأن سبل إنهاء الحرب".
وشدد رامافوزا على أن المبادرة الإفريقية لا تتعارض مع أي مبادرات أخرى وقال "مقترحنا للسلام لا يتعارض مع المقترحات الأخرى للسلام".
وقالت وكالة أنباء "تاس" الروسية، إن مسودة المبادرة تتضمن بنداً يتعلق بضرورة الحفاظ على الاتفاقيات الجارية بشأن صادرات الحبوب والأسمدة عبر البحر الأسود.
وقالت وزارة خارجية جنوب إفريقيا لوكالة "تاس"، إن الإطار النهائي للمبادرة الإفريقية "لم يستكمل بعد وسيتم العمل عليه بعد الزيارة".
في الوقت نفسه، دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال لقائه ببوتين، إلى وقف فوري لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا لتمهيد الطريق لبدء مفاوضات جادة.
وقالت رئاسة الوزراء المصرية في بيان، إن "مصر ستواصل جهودها بالتعاون مع الدول الإفريقية، تحقيقاً للهدف الأسمى لهذا المسعى الصادق وهو تحقيق السلام".
رفض أوكراني
وكان الوفد الإفريقي اقترح وساطة سلام في النزاع، مشدداً من كييف على ضرورة "وقف التصعيد من الجانبين"، إلا أن الرئيس الأوكراني رفض ذلك مندداً بـ"عملية غش" من جانب روسيا في خضم هجوم مضاد تشنه القوات الأوكرانية.
وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مع القادة الأفارقة المشاركين في الوفد: "من الواضح أن روسيا تحاول مجدداً استخدام تكتيكها القديم القائم على الغش، لكنها لن تنجح بعد اليوم في الاحتيال على العالم. لن نمنحها فرصة ثانية".
وأضاف: "قلت بوضوح، خلال لقائنا الوفد الإفريقي، إن السماح بأي تفاوض مع روسيا الآن، فيما المحتل لا يزال على أرضنا، يعني تجميد الحرب وتجميد الألم والمعاناة".
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن هناك أكثر من 20 رؤية أو مبادرة لتسوية "الأزمة الأوكرانية" على مستوى حكومي وخاص، لكنها اتهمت كييف بعدم الرغبة في التفاوض، كما اتهمت واشنطن بـ"دفع أوكرانيا بعيداً عن السلام".
وقالت زاخاروفا في حوار مع "الشرق"، إن "المبادرة الصينية كانت الأكثر شمولاً" بالمقارنة مع كل مبادرات السلام الأخرى، معتبرةً في الوقت ذاته أنه ليس لدى كييف "الرغبة في إجراء أي حديث أو مفاوضات عن السلام".
اقرأ أيضاً:
