يُعتبر مخيّم جنين أحد أكثر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، فقراً واكتظاظاً بالسكان في الضفة الغربية المحتلة، كما يُمثّل رمزاً للنضال الفلسطيني ضد إسرائيل التي تدعي أن المخيم "مركز للإرهاب".
وعادة ما يشهد المخيم خلال السنوات الماضية، اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية وفصائل فلسطينية مسلحة.
وشنت إسرائيل هجوماً عسكرياً على من مخيم جنين استمر لأكثر من 45 ساعة، حيث أودى بحياة 12 فلسطينياً على الأقل وهجّر الآلاف، فيما قالت وسائل إعلام فلسطينية، إن القصف الإسرائيلي لا يزال مستمراً في المقبرة الشرقية بمخيم جنين، مشيرة إلى استمرار المواجهات في مناطق متفرقة.
رمز المقاومة
إثر "النكبة" التي وقعت عام 1948، خلال الحرب التي تلت إعلان قيام إسرائيل، تأسّس مخيم جنين بعد 5 سنوات لإيواء النازحين الذين تركوا ديارهم في فلسطين.
ويقطن المخيم الواقع شمال الضفة الغربية المحتلة، نحو 18 ألف فلسطيني. وبحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فإن مساحته تناهز 0.43 كيلومتر مربع.
وأصبح زكريا الزبيدي من مخيّم جنين قائداً في كتائب "شهداء الأقصى"، الجناح المسلح لحركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، والذي كان على لائحة المطلوبين لدى إسرائيل وعمل لسنوات من خارج المخيّم.
وفي عام 2021، فرّ الزبيدي من سجن جلبوع الإسرائيلي مع 5 فلسطينيين آخرين، ما أدى إلى مطاردة استمرت لأيام.
وعلى جدران المخيم وفي أزقته الضيقة، تنتشر صور الزبيدي، وغيرهم من الضحايا الذين قضوا برصاص الجيش الإسرائيلي.
وخضع المخيم عام 2002 لحصار من الجيش الإسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية، وحوصر لأكثر من شهر وسط قتال عنيف أدى إلى مصرع عشرات الفلسطينيين.
كما أزال الجيش الإسرائيلي حياً كاملاً في المخيم عن الوجود ليتمكن من احتلاله، حيث طال الدمار الذي تسببت به الهجمات الإسرائيلية آنذاك أكثر من 450 منزلاً، وتعرض 300 آخرون لأضرار جزئية، بحسب "الأونروا"، في حين شُرد أكثر من ربع سكان المخيم.
وتتميز مخيمات الضفة الغربية بوجود عدد من المسلحين الذين يتصدون لاقتحامات الجيش الإسرائيلي، لكن الحال في مخيم جنين يبدو مختلفاً، إذ ينتشر عدد كبير من المسلحين من مختلف الفصائل الفلسطينية داخله، خاصة حركات "فتح"، و"الجهاد الإسلامي"، و"حماس"، الذين يعملون معاً بتناغم بعيداً عن الانقسام الحاصل بينهم سياسياً.
ويقول قادة محليون إن أبناء المخيم توارثوا فكرة المقاومة من الجيل الذي قاتل في الانتفاضتين الأولى 1987، والثانية التي امتدت من 2000 إلى 2005، وبالأخص في معركة جنين الشهيرة عام 2002.
وكان مخيم جنين معقلاً للمسلحين من مختلف الفصائل في الانتفاضة الثانية، إذ تصدى هؤلاء المسلحون لاقتحام الجيش الاسرائيلي، عندما دارت معركة واسعة استمرت أسابيع عدة، سقط فيها 58 فلسطينياً و23 جندياً إسرائيلياً.
وأقام أهالي المخيم على مدخله، نصباً تذكارياً للذين توفوا في المعركة. وتحول بعضهم إلى أيقونات وطنية تتردد أسماؤها في أغانٍ وأهازيج وأدبيات المقاومة مثل أبو جندل من قادة الأمن الوطني، ومحمود طوالبة من "الجهاد الإسلامي"، وزياد العامر من "فتح" وغيرهم.
مصرع شيرين أبو عاقلة
وأثارت وفاة الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة التي لقيت مصرعها برصاص جندي إسرائيلي خلال عملية عسكرية في 11 من مايو 2022، تنديدات دولية، حيث كانت تُغطي إحدى المداهمات الإسرائيلية في مخيم جنين.
وأقر الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق بأن هناك "احتمالاً كبيراً" بأن يكون أحد جنوده قد أطلق النار عليها وقتلها مع أنها كانت تضع سترة واقية من الرصاص كتب عليها "صحافة" بالإنجليزية، وخوذة على رأسها.
تدهور الوضع الأمني
على مدار الأشهر الـ18 الماضية، تدهور الوضع الأمني في مخيّم جنين بدرجة كبيرة، وذلك في ظل غياب أي دور يذكر للسلطة الفلسطينية فيه، بحسب وكالة "فرانس برس". ويقول الجيش الإسرائيلي إن جنين كانت مصدراً لأكثر من 50 عملية إطلاق نار هذا العام.
وشنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من المداهمات استهدفت المخيم في النصف الأول من عام 2023.
وبحسب إسرائيل فإن من يقف خلف هذه الهجمات هي "كتيبة جنين" المحلية التي تضم أعضاءً من كل من "حماس"، و"الجهاد الإسلامي" و"فتح"، وتقول إسرائيل إن إيران تدعمها.
ويقع مخيم جنين الذي تم إنشاؤه عام 1953، إلى الغرب من مدينة جنين، ويطل على سهل مرج بن عامر من جهة الشمال، وتحده من الجنوب قرية برقين، وتحيط به عدة مرتفعات.
وبلغت مساحة المخيم عند الإنشاء 372 دونماً، اتسعت إلى حوالي 473 دونماً، وبلغ عدد سكانه عام 1967 حوالي 5آلاف و19 نسمة، وفي عام 2007 وصل إلى 10 آلاف و371 نسمة.
وينحدر أصل أغلب سكان المخيم من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، وقرى تابعة لجنين احتلتها إسرائيل في عام 1948.
وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد سكان مخيم جنين في منتصف عام 2023 نحو 11 ألفاً و674 لاجئاً.
اقرأ أيضاً:
