عارض مشرعون ديمقراطيون بارزون الرئيس الأميركي جو بايدن في قراره المثير للجدل، بإرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا، قائلين إن إمداد كييف بأسلحة تحظرها نحو 120 دولة، بمثابة "تنازل عن العتبة الأخلاقية"، وإن من شأن تلك الخطوة أن تؤدي إلى "قتل المدنيين دون تمييز".
وانتقد الديمقراطيون في لجنة القواعد بمجلس النواب، ولجنة تمويل وزارتي الدفاع (البنتاجون) والخارجية، بايدن علناً في حادثة نادرة، معلنين مخالفتهم للرئيس الديمقراطي، وفق مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وقالت النائبة الديمقراطية باللجنة الفرعية لمخصصات القوات المسلحة بيتي ماكولم، إن قرار إدارة الرئيس بايدن نقل ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا "غير ضروري وخطأ رهيب".
واعتبرت ماكولم أن تاريخ القنابل العنقودية حافل بـ"البؤس، والموت، وعمليات تنظيف باهظة تستمر لأجيال بعد استخدامها".
وشددت على أنه يجب "التخلص من مخزونات تلك القنابل، وليس إلقائها في أوكرانيا".
ذخائر محظورة
وتعرف الذخائر العنقودية على أنها "ذخائر تقليدية محسنة مزدوجة الغرض"، وهي مصممة لاستهداف أهداف متعددة بعدد كبير من القنابل الصغيرة التي تغطي مساحة واسعة.
وتحظر معظم دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) تلك الأسلحة لأن عدداً كبيراً من ذخائرها لا ينفجر، وينتهي الأمر بها وهي تقتل المدنيين، لسنوات طويلة حتى بعد انتهاء النزاع، نظراً لصعوبة تنظيف الأراضي منها، وفق "بوليتيكو".
وقال المشرعون الديمقراطيون إن الكونجرس "حظر نقل أي ذخائر عنقودية يزيد معدل الفشل في انفجار ذخائرها عن 1%"، رغم أن بايدن يمكنه تجاوز ذلك الحظر.
وقال المتحدث باسم البنتاجون الجنرال باتريك رايدر، الخميس، إن المسؤولين سيختارون بعناية القذائف ذات معدل الفشل المنخفض، مشيراً إلى أنها ستخضع للاختبار قبل إرسالها إلى أوكرانيا.
وتملك الولايات المتحدة عدداً كبيراً من الذخائر العنقودية التي تقبع في مخزوناتها، والتي قال مسؤولون أميركيون إنها ستساعد أوكرانيا على اختراق الخطوط الروسية فيما تنفد الذخائر التقليدية من كييف بمعدل سريع.
"تنازل غير مقبول"
ورغم ذلك انضم مشرعون إلى مؤيدين للحد من التسلح هذا الأسبوع، قائلين إن الإدارة الأميركية تقوم بتنازل "غير مقبول أخلاقياً" سيؤدي إلى "قتل المدنيين، وإغضاب الحلفاء، والإضرار بالأسباب الأخلاقية لدعم أوكرانيا".
وقالت النائبة التقدمية عن ولاية كاليفورنيا باربرا لي وهي عضو في لجنة تمويل وزارتي الدفاع والخارجية على تويتر، إنها قلقة بشأن الخطوة.
وقال النائب الديمقراطي جيم مكجفرن إنه فيما يقف وراء دعم أوكرانيا، إلا أن إرسال ذخائر عنقودية يتعارض مع حلفاء بالناتو مثل المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا.
ودافع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان عن قرار الإدارة الجمعة، قائلاً إن "روسيا تستخدم قنابل عنقودية منذ بداية الهجوم على أوكرانيا".
وقال إن أوكرانيا التزمت بالقيام بإزالة الألغام في مرحلة ما بعد الحرب، لمعالجة أي أخطار على المدنيين، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ضرورية بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة سترسل ذخائر كتلك أم لا.
ورغم ذلك، انتقد أكثر الديمقراطيين محافظة، الإدارة الأميركية بعنف، وقالت النائبة بلجنة القوات المسلحة كريسي هولاهان وهي ضابطة سابقة في القوات الجوية في بيان الجمعة، إنها تتحدى التقييم الذي يقول إن الذخائر العنقودية ستكون أكثر فعالية في دعم أوكرانيا.
وقالت في بيانها: "أتحدى المفهوم الذي يقول إننا يجب أن نوظف نفس التكتيكات التي تستخدمها روسيا، وهو ما يميع الخطوط الأخلاقية في النزاع".
وتابعت: "أنا أقول للجميع إن يتذكروا أن هذه الحرب سوف تنتهي، وإن أوكرانيا المكسورة ستحتاج إلى إعادة بناء. والتاريخ سيتذكر ليس فقط من سيكسب هذه الحرب، ولكن أيضاً، كيف فاز في الحرب".
معدل فشل مختلف في الميدان
وقال المسؤول السابق في البنتاجون مارك جارلاسكو وهو مستشار عسكري حالياً لمنظمة "حماية المدنيين" غير الربحية الهولندية إن معدل الفشل في انفجار تلك الذخائر في الميدان أعلى بكثير من ذلك المسجل خلال الاختبارات التي تجري تحت "ظروف مثالية وغير واقعية".
واعتبر جارلاسكو أن تصريحات المسؤولين الأميركيين المدافعين عن القرار لا تهدئ من مخاوف الكثيرين، مشككاً في بيانات اختبارات الأخيرة بشأن معدل الفشل المنخفض لتلك الذخائر في الانفجار.
وقال مدافعون عن وضع قيود على التسلح ممن حضروا مكالمة مع مسؤولي الإدارة الأميركية الجمعة، إنه رغم مزاعم أن الأسلحة التي سترسل إلى أوكرانيا ستكون ذات معدل فشل منخفض، إلا أنه لن تكون هناك أي تفاصيل بشأن نوع ومصادر الذخائر العنقودية التي تنوي واشنطن إرسالها.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع قبل إعلان القرار إن البنتاجون قدم بيانات اختبارات تلك الأسلحة، وهي بيانات سرية إلى عدد من أعضاء الكونجرس بناءً على طلبهم. واعترف بوجود متغيرات في الميدان ستؤثر على معدل الفشل في انفجار تلك القنابل.
وقال المسؤول: "أطلق تلك القنابل في الصحراء، وعلى أرض جافة مستوية، ستحصل على نتائج مختلفة عما إذا كنت ستطلقها على غابة جبلية".
مؤيدون للقرار
ورغم ذلك، إلا أنه لا تزال هناك مجموعة قوية من المشرعين في الكونجرس ممن يؤيدون إرسال القنابل العنقودية.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية الجمهوري مايك ماكول، ورئيس لجنة القوات المسلحة مايك روجر، ونظرائهم الجمهوريين في مجلس الشيوخ يحضون بشدة على اتخاذ تلك الخطوة.
وفي بيان الأربعاء، أشاد الجمهوريون بقرار الإدارة الأميركية معتبرين أنه يخفف الضغط على مخزونات الأسلحة الصاروخية، ولكنهم انتقدوا ما قالوا إنه تأخير في إرسال أسلحة معينة "بسبب خوف خاطئ من التصعيد"، واعتبروا أن ذلك يخاطر بنجاح هجوم كييف المضاد.
وقال أبرز ديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي جيم هايمز، إن واشنطن يجب أن تمنح كييف ما تحتاجه للانتصار في القتال، بما في ذلك الذخائر العنقودية، والصواريخ طويلة المدى، ومقاتلات F-16".