دعوات التغيير تهز أكبر حزب معارض في تركيا قبل الانتخابات البلدية

زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال كليجدار أوغلو (يمين) في البرلمان التركي بالعاصمة أنقرة. 2 يونيو 2023 - REUTERS
زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال كليجدار أوغلو (يمين) في البرلمان التركي بالعاصمة أنقرة. 2 يونيو 2023 - REUTERS
إسطنبول-آلاء جول

عقب خسارة حزب "الشعب الجمهوري" للانتخابات التركية التي خاضها بالتحالف مع 5 أحزاب معارضة، بقيادة رئيسه كمال كليجدار أوغلو، تتصاعد الأصوات المطالبة بالتغيير داخل الحزب المعارض الأكبر في تركيا قبل الانتخابات البلدية والمحلية.

وأطلق أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، ومنافس كليجدار أوغلو على رئاسة الحزب، حملة إلكترونية تحت عنوان "التغيير" لتجديد قيادة "الشعب الجمهوري".

ودعا المعارض الشاب الذي يتمتع بشعبية كبيرة خلال الحملة الإلكترونية التي أطلقها، إلى تجديد قيادة الحزب الذي ينتمي إليه، في حدث غير مسبوق بصفوف المعارضة.

وعقد إمام أوغلو اجتماعات مغلقة مع رؤساء بلديات أخرى، جرى تسريب بعضها، ما كشف عن مناقشات تخص إمكانية إحداث تغيير في رئاسة أكبر حزب معارض في تركيا.

وأجج خلافات حزب "الشعب الجمهوري" تراجع مقاعده في البرلمان من 146 إلى 130 عند استبعاد ما فاز به مرشحو قوائم الأحزاب المتحالفة معه "الجيد"، "السعادة"، "المستقبل"، "الديمقراطية والتقدم" و "الديمقراطي".

حملة إلكترونية

إمام أوغلو الذي دعا إلى "ضرورة إجراء تغيير في الحزب" خلال يونيو الماضي، عقب هزيمة كليجدار أوغلو أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كرر المطلب بإطلاق موقع إلكتروني عنونه بعبارة: "دعوة للتغيير: في حزب الشعب الجمهوري وتركيا"، على أن يصدر في الأيام المقبلة بياناً عن حملة التغيير هذه، بحسب وسائل إعلام تركية.

ونشر على حسابه في تويتر، رابط الموقع، قائلاً: "أدعوكم للمشاركة في تقديم آراء ومقترحات التغيير من أجل الحكم"، في خطوة لاقت تفاعلاً كبيراً من قبل رواد منصة التغريدات الذين شددوا على ضرورة التجديد تحت وسم "تغيير".

ضياع الفرصة

وحذر إمام أوغلو عبر حملته من خطر استمرار "الأوضاع التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة الحالية، وتعميق الاستقطاب الاجتماعي"، واعتبر أن تركيا تواجه "بنية معارضة فشلت في أن تصبح بديلاً فعالاً للسلطة".

وأضاف أن أحزاب المعارضة التركية فشلت في حماية الديمقراطية مع تدهور الدولة في السنوات الأخيرة، مشدداً على أن "الأحزاب السياسية حرس أساسي للديمقراطية، ولديها مسؤوليات لحمايتها وتعزيزها". وذكر أن "المعارضة عنصر توازن وضبط لا غنى عنه للديمقراطية".

وقال إمام أوغلو في دعوته أن فرصة تركيا للتغيير ضاعت في الانتخابات الأخيرة في ظل أضعف حالات الحكومة، لافتاً إلى ظهور "خيبة أمل كبيرة ويأس" لدى من طالبوا بالتغيير.

وأشار إلى أن المجتمع يتوقع التغيير من المعارضة"، مؤكداً حاجة مستقبل تركيا إلى نهج عقلاني في هذه المرحلة. وأوضح أن المطلب الاجتماعي هو أساس التغيير الذي يمكن حدوثه بموقف واع وصبور وحازم.

كما حذرت دعوة التغيير من أن "التصرف كما تم سابقاً والإصرار على الأخطاء، يعني عدم الاستماع لآلام الملايين من المعارضين".

واعتبر إمام أوغلو أن حزب "الشعب الجمهوري" هو المفتاح لتغيير المعارضة، مشيراً إلى أن الإرادة الثابتة للتغيير تبدأ منه، وأن إرادة التغيير ستظهر مع مرور الوقت في صفوف المعارضة بما يتماشى مع مطالب ناخبيها.

تزايد الأصوات

وبالتزامن مع  التحركات الأخيرة التي يقودها إمام أوغلو، بهدف التغيير، نظم رئيس بلدية بولو المعارض، المنتمي للحزب ذاته، تانجو أوزجان، مسيرة سيراً على الأقدام حملت شعار "التغيير والعدالة".

وانطلقت المسيرة من "بولو" إلى العاصمة أنقرة لتجعل من مقر الحزب الرئيسي محطتها الأخيرة، لدعوة كليجدار أوغلو إلى ترك منصب رئيس الحزب.

وقال أوزجان الذي يدعم إمام أوغلو في مسألة التغيير، إن كليجدار أوغلو يرفض ترك الكرسي رغم فشله، مشيراً إلى أن "هذه المسيرة لإعادة الحزب إلى خطه الأتاتوركي"، بحسب تعبيره.

وبدأت الأصوات الراغبة في استقالة كمال كليجدار أوغلو من قيادة حزب "الشعب الجمهوري" تزداد في القاعدة الشعبية، إذ انتقلت دعوة إمام أوغلو إلى التغيير في الحزب من القيادة إلى صغار المسؤولين، ما يعكس مطلبهم بضرورة استقالة الرجل الذي يتولى رئاسة الحزب منذ 2010.

وتجاهل كليجدار أوغلو في عدة مناسبات هذه الدعوات، إلا أنه بدا مؤخراً متقبلاً لفكرة التغيير، دون أن يوضح ما إن كان سيشمله أم لا.

وقال رئيس "الشعب الجمهوري" في أحدث تصريحاته أمام الكتلة البرلمانية للحزب: "سيكون هناك بالطبع قادة آخرون لهذا الحزب في المستقبل، وسواء كنت زعيم حزب الشعب الجمهوري أم لا هذا لن يغير شيئاً، لأنني أعلم أننا سنقف معاً كشعب وسنواصل نضالنا ضد هذه الحكومة".

التقدم في العمر

وبالرغم من استطاعة كليجدار أوغلو الاحتفاظ بموقعه في زعامة حزب "الشعب الجمهوري" رغم الإخفاقات السابقة، إلا أن البقاء في منصب القيادة هذه المرة يبدو صعباً، إذ يبلغ من العمر 74 عاماً، ما يزيد احتمال أن يقف عامل السن عائقاً أمام استمراره حتى انتخابات 2028، ما قد يمهد لتشكّل معارضة ضده بمرور الوقت.

بالإضافة إلى ذلك، تبدو بيئة الحزب مناسبة لتشكيل معارضة داخلية موازية، خاصة بعد الخسارة الأخيرة في انتخابات الرئاسة وتراجع مقاعد الحزب في البرلمان.

احتمال ضعيف

وقال المحلل السياسي التركي هشام جوناي لـ"الشرق"، إن المطالبة باستقالة كليجدار أوغلو "أمر طبيعي، محكوم بعامل السن وخساراته المتوالية في الانتخابات"، مضيفاً أنه كان يجب عليه الاستقالة.

ورأى جوناي أنه "إذا كان الحزب يراهن على فوزه أمام حزب (العدالة والتنمية) الحاكم في الانتخابات المحلية أو حتى الرئاسية فعليه تغيير الإدارة والتجهيز لهذه بكادر شاب وقوي".

واستدرك المحلل السياسي: "لكن هذا الاحتمال يبدو أنه بات ضعيفاً لأن الأشهر القليلة التي تفصلنا عن الانتخابات المحلية غير كافية لهذا التغيير".

وأكد أن "هذا التخبط في حزب (الشعب الجمهوري) يخدم الطرف الآخر المتمثل في حزب (العدالة والتنمية) والذي تبدو أوراقه قوية لاستعادة السيطرة على بلديات إسطنبول وأنقرة".

ومع اقتراب الانتخابات المحلية والبلدية، في 31 مارس المقبل، يزداد هذا الصراع الذي تحول لانقسامات داخل الشعب الجمهوري، بين مؤيد لهذا التغيير ومعارض له.

وترغب المعارضة في المحافظة على رئاسة كبرى المدن التركية، وخاصة العاصمة أنقرة وإسطنبول وإزمير، في مسعى لاستعادة ثقة ومعنويات أنصارها ومؤيديها.

ومن المتوقع أن تكون المنافسة على هذه البلديات محتدمة بين حزب "الشعب الجمهوري"، وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يتمسك باستعادة السيطرة على تلك البلديات.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات