شدد الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، على وقوف واشنطن وروما مع أوكرانيا "لأنها تدافع عن نفسها ضد العدوان الروسي غير القانوني"، بينما عبر الزعيمان عن التزام البلدين بـ"تعزيز المشاورات الثنائية بشأن التحديات التي تطرحها الصين".
وقال الجانبان، في بيان مشترك بعد لقائهما في البيت الأبيض، الخميس: "ستستمر الولايات المتحدة وإيطاليا في تقديم المساعدة السياسية والعسكرية والمالية والإنسانية إلى أوكرانيا على المدى الطويل، بهدف الوصول إلى سلام عادل ودائم يحترم تماماً ميثاق الأمم المتحدة وسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها".
وأشار الجانبان إلى التزامهما بمزيد من التنسيق بشأن إعادة الإعمار في أوكرانيا، واعترفا بالدور الذي ستلعبه إيطاليا في هذا الملف، مع رئاستها مجموعة السبع، واستضافة مؤتمر بهذا الشأن عام 2025.
وأضاف البيان: "تُدرك الولايات المتحدة وإيطاليا أيضاً الحاجة إلى معالجة العواقب العالمية للصراع، لا سيما على استقرار البلدان الضعيفة، والطاقة، والأمن الغذائي. ويؤكدان مجدداً على أهمية تمكين أوكرانيا من تصدير الحبوب عبر البحر الأسود".
وأدان بايدن وميلوني انسحاب روسيا أحادي الجانب من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وهجماتها على مخازن الحبوب الأوكرانية والبنية التحتية للنقل، بحسب الزعيمين.
وأضاف البيان أن "قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي عُقدت في فيلنيوس أظهرت وحدة وقوة التكتل، وقدرة الحلف الفريدة على تكييف موقف الردع والدفاع لمواجهة التحديات من جميع الاتجاهات الاستراتيجية، بما في ذلك الجناح الجنوبي للحلف".
استقرار منطقة البحر المتوسط
وأشارت الولايات المتحدة وإيطاليا، إلى الأهمية الحيوية للجهود المشتركة لتعزيز الاستقرار والازدهار في منطقة البحر المتوسط الأوسع، بما في ذلك من خلال "معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار والإرهاب وتدفقات الهجرة غير النظامية".
وأكد بايدن وميلوني "دعمهما للشعب التونسي، في وقت تواجه تونس فيه تحديات اقتصادية وسياسية مستمرة، ورغبتهما المشتركة في تونس مزدهرة وآمنة وديمقراطية، كما رحبا بنتائج مؤتمر الهجرة والتنمية الذي عقد في 23 يوليو في روما، والإعلان عن (عملية روما) لتعزيز الشراكات بين بلدان المنشأ والعبور ووجهة الهجرة في منطقة البحر المتوسط".
وفي شأنٍ آخر، أشار البيان الأميركي الإيطالي، إلى أن البلدين يلتزمان بـ"تعزيز المشاورات الثنائية والمتعددة الأطراف بشأن الفرص والتحديات التي تطرحها الصين"، مؤكداً على الأهمية الحيوية للحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان.
تجارة ثنائية بـ117 مليار دولار
وأكد البلدان مجدداً التزامهما المشترك بأمن واستقرار وازدهار غرب البلقان ودعمهما طويل الأمد للتكامل الأوروبي الأطلسي في المنطقة، وذكر البيان أن بايدن وميلوني عقدا العزم على تعزيز التنسيق لصالح التهدئة والمصالحة واعترفا بالدور الحاسم الذي تلعبه اللجنة الخماسية.
ورحّبت واشنطن بالتزام روما في غرب البلقان، بما في ذلك من خلال مساهمة القوات المسلحة الإيطالية في مهام "قوة كوسوفو" و"يوليكس" و"يوفور-ألثيا".
وعلى المستوى الاقتصادي، أوضح البيان المشترك أن "التجارة الحرة والعادلة تظل أداة أساسية لتعزيز النمو المتوازن للاقتصاد العالمي وإفادة شعوبنا"، لافتاً إلى أن التجارة الثنائية بين البلدين بلغت 117 مليار دولار عام 2022 وتنمو بشكل مطرد.
وتابع البيان: "يدعم الاستثمار الثنائي بين الولايات المتحدة وإيطاليا مئات الآلاف من الوظائف في البلدين اللذين يلتزمان بتعزيز الشراكة الاقتصادية من خلال زيادة التعاون والاستثمارات المشتركة وتنمية القوى العاملة في مختلف القطاعات الاستراتيجية، بما في ذلك التقنيات الناشئة والطاقة والدفاع. كما يلتزم الجانبان بتكثيف التعاون القضائي الثنائي، بما يتماشى مع الجهود المشتركة الجارية لتعزيز سيادة القانون ومكافحة الجريمة المنظمة الدولية، بما في ذلك الاتجار بالبشر".
وقال بايدن، إنه لا يرى أي سبب لعدم زيادة التجارة مع إيطاليا، فيما أكدت ميلوني أنها توافق على إمكانية تعزيز التجارة مع الولايات المتحدة.
ميلوني: واشنطن لا تملي علينا سياستها
وقالت ميلوني عقب اجتماعها مع بايدن، إن نهج الولايات المتحدة "ليس إملاء سياسة معينة على إيطاليا تجاه الصين"، لافتةً إلى أن الاجتماع تناول عضوية روما في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
وأضافت ميلوني خلال مؤتمر صحافي في السفارة الإيطالية بالعاصمة واشنطن: "لا يوجد نهج سنضطر من خلاله إلى اتخاذ قرارات".
وأصبحت إيطاليا عام 2019 الدولة الأولى والوحيدة حتى الآن من دول مجموعة السبع التي تنضم إلى مبادرة الصين للبنية التحتية الرئيسية، لكن لم يتحقق سوى القليل من الاتفاقية حتى الآن، ومن غير المرجح أن تجدد إيطاليا الصفقة عندما تنتهي صلاحيتها في مارس 2024.
وأعلنت ميلوني، عزمها الذهاب إلى الصين، في إحدى رحلاتها الدبلوماسية المقبلة.
وفي تصريحات خلال مايو الماضي، قالت ميلوني إنه من الممكن إقامة علاقات جيدة مع بكين دون أن تكون إيطاليا جزءاً من اتفاقية "الحزام والطريق".
وتوقعت وكالة "بلومبرغ"، أن تُخبر رئيسة الوزراء الإيطالية الولايات المتحدة بشأن خطة محتملة لإعلان انسحاب بلادها من المبادرة الصينية.
ونقلت الوكالة عن أشخاص، وصفتهم بأنهم مطلعين على الأمر، قولهم إنه من المقرر أن تناقش ميلوني المسألة مع بايدن، لافتين إلى أنه "لم يُتخذ قرار نهائي بعد".
وفي مطلع يوليو الجاري، أعرب دبلوماسي صيني رفيع، أرسلته بلاده إلى روما، عن تفاؤله ببقاء إيطاليا في المبادرة، مشيراً إلى أن الإيطاليين لا يزالوا يدعمون مفهوم مبادرة الاستثمار العالمية التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج، على الرغم من تفكير الدولة الأوروبية آنذاك في الانسحاب من الاتفاق.
ويُعتقد أنه من المستبعد للغاية أن تجدد إيطاليا الاتفاق مع الصين عندما ينتهي العمل به في مارس 2024.
وتولت ميلوني، وهي أول سيدة تشغل منصب رئاسة الوزراء في بلادها، السلطة في أكتوبر الماضي، وتسعى للعب دور بارز على الساحة الدولية في وقت تعمل فيه على رسم مسار رئاسة بلادها لمجموعة السبع، العام المقبل.
وتتبنى ميلوني وائتلافها اليميني، مواقف تتناقض مع التي يتبناها بايدن بشأن عدد من القضايا. واستغل بايدن إعلان نتائج الانتخابات الإيطالية، العام الماضي، ليحذر الليبراليين من المخاطر التي تواجه ديمقراطيات العالم.
وتأتي زيارة ميلوني الأولى لواشنطن في وقت تستعد فيه لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستبقي على عضوية بلادها ضمن مبادرة "الحزام والطريق" التي تعمل واشنطن على التصدي لها.
اقرأ أيضاً: