واشنطن تتعقب برمجيات صينية "خبيثة" قد تعرقل عملياتها العسكرية

طائرات تابعة للقوات الجوية الأميركية في "قاعدة أندرسن الجوية" بجزيرة جوام غرب المحيط الهادئ. 10 أكتوبر 2017 - REUTERS
طائرات تابعة للقوات الجوية الأميركية في "قاعدة أندرسن الجوية" بجزيرة جوام غرب المحيط الهادئ. 10 أكتوبر 2017 - REUTERS
دبي-الشرق

تتعقب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن،  برمجيات خبيثة يُعتقد أن الصين زرعتها في شبكات بنية تحتية رئيسية، بما يشكل "قنبلة موقوتة" يمكنها أن تمنح بكين القدرة على "تعطيل أو إبطاء" العمليات العسكرية الأميركية حال نشوب نزاع، بما في ذلك أثناء تحرّك صيني ضد تايوان، بحسب مسؤولين عسكريين.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير، السبت، عن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين وأمنيين أميركيين لم تذكر أسماءهم، قولهم إن إدارة بايدن تبحث عن تعليمات برمجيات خبيثة، تعتقد أن الصين أخفتها في داخل الشبكات المتحكمة بشبكات الكهرباء وأنظمة الاتصالات، وإمدادات المياه التي تغذي القواعد العسكرية في الولايات المتحدة وحول العالم.

وأشارت إلى أن اكتشاف البرنامج الخبيث أثار مخاوف بشأن قيام قراصنة صينيون، يعملون على الأرجح لصالح الجيش الصيني، بإدخال تعليمات برمجية مصممة لتعطيل العمليات العسكرية الأميركية في حال نشوب نزاع، بما في ذلك تحرك الصين ضد تايوان خلال السنوات المقبلة.

ونقلت عن مسؤول في الكونجرس، قوله إن البرنامج الخبيث يمثل "قنبلة موقوتة" من شأنها أن تمنح الصين القدرة على تعطيل أو وقف عمليات نشر القوات أو عمليات إعادة الإمداد عن طريق قطع الكهرباء، والمياه، والاتصالات عن القواعد العسكرية الأميركية، إلا أن تأثير البرنامج الضار ربما يكون "أوسع نطاقاً"، لأن البنية التحتية ذاتها غالباً ما تعمل على إمداد منازل وشركات الأميركيين العاديين، بحسب مسؤولين أميركيين.

وظهرت تلميحات علنية بشأن وجود "حملة لنشر برمجيات خبيثة" لأول مرة في أواخر مايو الماضي، عندما أعلنت شركة مايكروسوفت عن رصد رمز (كود) حاسوبي في أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية في جزيرة جوام، غرب المحيط الهادئ، حيث توجد قاعدة جوية أميركية، وأماكن أخرى في الولايات المتحدة، لكن تبين بعد ذلك أنه لا يمثل سوى جزء بسيط من المشكلة التي قد تواجهها "مايكروسوفت" في شبكاتها.

"حملة مكثفة"

وقال أكثر من 10 مسؤولين أميركيين وخبراء في الصناعة في مقابلات خلال الشهرين الماضيين، إن الجهود الصينية تتجاوز أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وإنها متواجدة قبل صدور تقرير "مايكروسوفت" بعام على الأقل.

وأضاف المسؤولون والخبراء الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم،  أن الجهود التي بذلتها الحكومة الأميركية للبحث عن الرمز الحاسوبي والقضاء عليه جارية منذ فترة.

وأظهرت التحقيقات التي أُجريت حتى الآن، أن الجهود الصينية تجرى على ما يبدو على مستوى أوسع نطاقاً مما كانوا يعتقدون في البداية، سواء في الولايات المتحدة أو المنشآت الأميركية خارج الحدود، بحسب مسؤولين وخبراء.

وأقر المسؤولون بأنهم لا يعرفون حجم تواجد الرمز الحاسوبي داخل الشبكات في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعزى جزئياً إلى كونه مخفياً بشكل جيد.

وأدى اكتشاف البرنامج الخبيث إلى إطلاق سلسلة من الاجتماعات في غرفة العمليات بالبيت الأبيض خلال الشهور الأخيرة، حيث حاول مسؤولون كبار في مجلس الأمن القومي، ووزارة الدفاع (البنتاجون)، ووزارة الأمن الداخلي، والوكالات الاستخباراتية فهم حجم المشكلة، ووضع حل لها.

وبدأ مسؤولو إدارة بايدن في إطلاع أعضاء بالكونجرس، وبعض حكام الولايات، وشركات المرافق بنتائج التحقيقات، وأكدوا بعض الاستنتاجات حول العملية في مقابلات مع "نيويورك تايمز".

وذكرت الصحيفة، أن إدارة بايدن تناقش ما إذا كانت العملية تهدف في المقام الأول إلى عرقلة الجيش، أم تستهدف الحياة المدنية على نطاق أوسع في حالة نشوب صراع.

وقال مسؤولون إن عمليات البحث الأولية عن الرمز الحاسوبي ركزت أولاً على المناطق التي يتواجد بها الكثير من القواعد العسكرية الأميركية.

وأصدر البيت الأبيض، مساء الجمعة، بياناً لم يتضمن أي إشارة إلى الصين أو القواعد العسكرية، بحسب الصحيفة.

توتر متصاعد

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي آدم هودج، للصحيفة إن "إدارة بايدن تعمل بلا كلل لحماية الولايات المتحدة من أي عرقلة لبنيتنا التحتية، بما في ذلك عن طريق تنسيق الجهود المشتركة بين الوكالات لحماية أنظمة المياه، وخطوط الأنابيب، والسكك الحديدية، وأنظمة الطيران، وغيرها".

وأضاف هودج أن بايدن كلّف باتباع ممارسات صارمة للأمن السيبراني، مشيراً إلى سلسلة أوامر تنفيذية يستند بعضها إلى مخاوف بشأن "سولار ويندز"، وهو برنامج تجاري تستخدمه الحكومة الأميركية على نطاق واسع تعرض للاختراق من قبل قراصنة روس، والهجوم الذي شنته مجموعة "إجرامية" روسية على شركة "كولونيال بايبلاين" وتسبب في انقطاع نصف إمدادات البنزين، ووقود الطائرات، والديزل التي تمر عبر الساحل الشرقي بشكل مؤقت.

ونسبت الحكومة الأميركية وشركة مايكروسوفت الهجوم إلى "جهات ترعاها الحكومة الصينية"، لكن الحكومة لم تكشف عن ملابسات توصلها إلى هذا الاستنتاج. وتناقش مختلف أجهزة الحكومة الهدف من عمليات الاختراق، وليس مصدرها، بحسب الصحيفة.

"نيويورك تايمز" لفتت إلى أن الكشف العلني عن البرنامج الخبيث يأتي في وقت تتزايد فيه التوترات بين واشنطن وبكين، وتتضمن الخلافات بين البلدين التهديدات الصينية لتايوان والجهود الأميركية لحظر بيع أشباه الموصلات المتطورة للحكومة الصينية.

وألقت واشنطن باللائمة على بكين في مجموعة متنوعة من عمليات الاختراق الكبيرة التي استهدفت وكالات وبنى تحتية أميركية، كما اتهمتها بالتجسس باستخدام منطاد بحجم حافلة في فبراير الماضي.

من جانبها، اتهمت الصين الولايات المتحدة باختراق شركة "هواوي". وأكدت وثائق سرية سربها إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، أن الاستخبارات الأميركية فعلت ذلك. ولكن جميع هذه الحالات تقريباً كانت تتضمن جمع معلومات استخباراتية، بحسب الصحيفة.

"نقطة تفوق" لبكين

ونقلت الصحيفة عن أحد كبار مستشاري بايدن، قوله إن اكتشاف البرنامج الخبيث في البنية التحتية الأميركية "يثير تساؤلات بشأن ما الذي يستعدون له".

ورجحت "نيويورك تايمز"، أنه إذا كانت الصين تستهدف اكتساب "نقطة تفوق" في حال نشوب مواجهة مع تايوان، فإن إبطاء عمليات نشر القوات العسكرية الأميركية لبضعة أيام أو أسابيع قد يمنحها "فرصة للسيطرة على تايوان بالقوة بسهولة".

وذكرت الصحيفة أن التصريحات التي أدلى بها بايدن خلال الأشهر الـ18 الماضية بشأن دفاع القوات الأميركية عن تايوان، عززت قلق بكين بشأن التدخل الأميركي.

وثمة نظرية أخرى، بحسب الصحيفة، ترجح أن الرمز الحاسوبي يهدف إلى "تشتيت الانتباه"، إذ تعتقد أجهزة الاستخبارات الأميركية أن المسؤولين الصينيين ربما يعتقدون أن أي عرقلة للبنية التحتية الأميركية أثناء أي هجوم على تايوان، أو أي إجراء صيني آخر ستستحوذ على اهتمام الأميركيين، لدرجة لا تجعلهم يفكرون في أي صراع خارجي.

في المقابل، أصدرت السفارة الصينية في واشنطن، السبت، بياناً نفت فيه مشاركتها في عمليات القرصنة.

وقال المتحدث باسم السفارة هوومينج أويانج: "نعارض بشدة جميع أشكال الهجمات الإلكترونية، ونتخذ تدابير صارمة ضدها وفقاً لأحكام القانون".

وأضاف: "الحكومة الصينية تواجه العديد من الهجمات الإلكترونية يومياً، معظمها تأتي من الولايات المتحدة. نأمل أن تتوقف الأطراف المعنية عن تشويه سمعة الصين باتهامات لا أساس لها".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات