اتفاق الولايات المتحدة وإيران.. إجراءات معقدة وتحركات بطيئة

العلمان الإيراني والأميركي - Getty Images
العلمان الإيراني والأميركي - Getty Images
دبي -الشرق

توصلت الولايات المتحدة وإيران، الخميس الماضي، إلى اتفاق يتضمن إطلاق سراح 5 أميركيين محتجزين في طهران وعدد غير معروف من الإيرانيين المسجونين لدى واشنطن، بعد تحويل مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة من البنوك في كوريا الجنوبية إلى قطر، في إطار السماح باستخدام طهران لتلك الأموال في الأغراض الإنسانية. 

الإعلان عن "الاتفاق المعقد" جاء بعد أشهر من المفاوضات غير المباشرة بين عدد من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين.

وأثمر الاتفاق، عن نقل 4 من الأميركيين الخمسة المحتجزين في إيران من السجن إلى الإقامة الجبرية، فيما كان الأميركي الخامس قيد الإقامة الجبرية.

ولا تزال تفاصيل عمليات تحويل الأموال، وموعد الإفراج النهائي عن كل من السجناء الأميركيين والإيرانيين غير واضحة، لكن مسؤولين أميركيين وإيرانيين يتوقعون اكتمال تنفيذ الاتفاق في منتصف إلى أواخر سبتمبر المقبل.

تفاصيل الاتفاق

وفق وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، فإنه بموجب الاتفاق، أعطت الولايات المتحدة، الضوء الأخضر لكوريا الجنوبية، لتحويل الأموال الإيرانية المجمدة لديها من عملة الوون الكورية إلى اليورو.

وسيتم بعد ذلك إرسال هذه الأموال إلى قطر، التي كانت وسيطاً في المحادثات.

وتوقعت الوكالة الأميركية، أن تصل قيمة المبلغ إلى ما بين 6 مليارات و7 مليارات دولار، اعتماداً على أسعار الصرف. 

وهذه الأموال تدين بها كوريا الجنوبية لإيران، مقابل النفط الذي اشترته سول من طهران، قبل أن تفرض إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عقوبات على مثل هذه المعاملات في عام 2019.

وتؤكد الولايات المتحدة أنه بمجرد وصول الأموال إلى قطر، سيتم الاحتفاظ بالأموال في "حسابات مقيدة"، ولن يكون من الممكن استخدامها إلا للسلع الإنسانية، مثل الأدوية والغذاء. 

وهذه المعاملات مسموح بها حالياً بموجب العقوبات الأميركية التي تستهدف إيران بسبب التقدم في برنامجها النووي.

وشكك بعض الإيرانيين في مزاعم الولايات المتحدة، قائلين إن طهران ستسيطر بشكل كامل على الأموال، فيما لم تعلق قطر علناً على كيفية مراقبتها لصرف الأموال.

في المقابل، ستقوم إيران بإطلاق سراح الأميركيين من أصول إيرانية الخمسة المحتجزين في البلاد.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن محامي أحد المحتجزين قوله، إنهم حالياً تحت الحراسة في فندق بالعاصمة طهران.

تحركات بطيئة

لا تريد إيران الأموال المجمدة لدى كوريا الجنوبية بعملة الوون، وهو أمر أقلق كوريا الجنوبية، بحسب مسؤولين أميركيين قالوا إن سول "تشعر بالقلق تجاه تحويل 6 أو 7 مليارات دولار من الوون إلى عملات أخرى في وقت واحد، "ما قد يؤثر سلباً على سعر الصرف والاقتصاد".

لذللك تعمل كوريا الجنوبية ببطء، حيث تقوم بتحويل كميات أصغر من الأصول المجمدة لتحويلها في النهاية إلى البنك المركزي في قطر.

وخلال عمليات تحويل الأموال، يتعين على سول تجنب التلامس مع النظام المالي الأميركي، حيث يمكن أن تخضع للعقوبات الأميركية، لذلك تم ترتيب "سلسلة معقدة" وتستغرق وقتاً طويلاً من التحويلات عبر بنوك في دول أخرى.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، الجمعة: "لقد عملنا على نطاق واسع مع الكوريين الجنوبيين على هذا، وليس هناك أي عائق أمام حركة الحساب من كوريا الجنوبية إلى قطر".

الأميركيون المحتجزون

أعلنت الولايات المتحدة، هوية 3 من السجناء الخمسة، لكن لا يزال من غير الواضح هوية الاثنين الآخرين.

وسبق أن قالت واشنطن، إن الاثنين الآخرين "يريدان الحفاظ على سرية هوياتهما"، كما لم تذكرهما إيران أيضاً.

وتحتجز إيران سياماك نمازي، الذي اعتقل في عام 2015 وحكم عليه لاحقاً بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم تجسس.

كما تحتجز رجل الأعمال عماد شرقي الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التجسس، ومراد طهباز، وهو ناشط "بريطاني - أميركي" من أصل إيراني اعتقل في عام 2018، وحكم عليه أيضاً بالسجن لمدة 10 سنوات.

وتستخدم إيران ملف السجناء كورقة مساومة في المفاوضات منذ عام 1979، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

تسببت العقوبات الأميركية وبالأخص بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) في عام 2015، في الإضرار بالاقتصاد الإيراني.

انتقاد جمهوري

ويمكن أن يوفر الإفراج عن هذه الأموال، حتى لو تم صرفها فقط في ظل ظروف صارمة، دفعة اقتصادية كبيرة لطهران.

وحاولت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إعادة إيران إلى الاتفاق، الذي انهار بعد انسحاب ترمب في عام 2018. 

وفي العام الماضي، عرضت الدول المشاركة في الاتفاق المبدئي على طهران ما وصف بأنه آخر وأفضل خارطة طريق لاستعادة الاتفاق، لكن الأخيرة رفضت العرض.

ومع ذلك، انتقد صقور الكونجرس المناهضين لإيران، والنقاد الخارجيون للاتفاق النووي لعام 2015 الاتفاق الجديد. 

وشبّه كل من نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس، والجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيم ريش، وكذلك وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، عملية تحويل الأموال إلى إيران بـ"دفع فدية"، وقالوا إن "إدارة بايدن تشجع السلطات الإيرانية على الاستمرار في احتجاز السجناء".

توتر مستمر

رفض المسؤولون الأميركيون، التعليق على هوية أو عدد السجناء الإيرانيين الذين قد يطلق سراحهم في بحسب الاتفاق، لكن وسائل الإعلام الإيرانية سبق أن قالت إن عدداً من السجناء متهمين في قضايا مرتبطة بانتهاكات قوانين التصدير الأميركية، والقيود المفروضة على التعامل مع إيران.

وتشمل هذه الانتهاكات المزعومة تحويل الأموال عبر فنزويلا وبيع المعدات ذات الاستخدام المزدوج التي تقول الولايات المتحدة إنه يمكن استخدامها في برامج إيران العسكرية والنووية.

وبخلاف التوترات حول الاتفاق وطموحات إيران النووية، نُسبت سلسلة من الهجمات ومصادرة السفن في الشرق الأوسط إلى طهران منذ عام 2019.

ونشرت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" قوات أميركية إضافية في منطقة الشرق الأوسط، كما تدرس نشر قوات على متن السفن التجارية في مضيق هرمز، الذي تمر عبره 20% من جميع شحنات النفط الخارجة من الخليج العربي.

كما نشرت طائرات من طرازي F-35 و F-16 وطائرات أخرى، في المنطقة.

وفي الوقت نفسه، تزود إيران روسيا بالطائرات المسيرة التي تستخدمها موسكو لاستهداف مواقع في أوكرانيا.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات