أفاد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، بأن الحرب الإلكترونية عادت إلى دائرة النقاش، وأن الغزو الروسي لأوكرانيا، وجهود الصين لتحديث قدرات جيشها يساعدان في زيادة اهتمام الجيوش الغربية بتحسين الجوانب المُهملة في قدرات الحرب الإلكترونية، معتبراً أن هناك عمل يتوجب القيام به لإنعاش هذا المجال القتالي.
وقال المعهد، وهو مؤسسة بحثية بريطانية، إن جزءاً كبيراً من التركيز على الحرب الإلكترونية كان منصباً على التشويش على العبوات الناسفة خلال القتال الذي خاضته الولايات المتحدة وحلفاؤها في العراق وأفغانستان، طوال عقدين.
وأضاف المعهد، أن العملية العسكرية الروسية الأخيرة في أوكرانيا، وتحديث الجيش الصيني يجددان الاهتمام في الولايات المتحدة، وآسيا، وأوروبا بتعزيز القدرة على إدارة، وتعطيل، واستغلال "الطيف الكهرومغناطيسي".
وأعرب قائد القوات الجوية الأميركية الجنرال تشارلز براون، المرشح لمنصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، عن قلقه خلال جلسة التصديق على ترشيحه في يوليو الماضي.
وقال براون لأعضاء مجلس الشيوخ: "على مدى القود القليلة الماضية، فقدت القوة المشتركة فقدت جزءاً من قدرتها على الدفاع ضد الهجوم الكهرومغناطيسي بسبب إجراء عمليات في طيف كهرومغناطيسي متساهل".
الغزو الروسي لأوكرانيا
وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت للمسؤولين العسكريين وغيرهم قيمة تبادل المعلومات التي كانت تعتبر حساسة سابقاً مع الحلفاء المقربين، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالحرب الإلكترونية.
وقال جيمس هيكر، قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا، في مؤتمر عُقد مؤخراً: "تبادل المعلومات متاح في كثير من الأحيان"، وأشار إلى تمركز أكثر من 600 مقاتلة من طراز F-35" في أوروبا خلال العقد المقبل، مُوضحاً أن معظم هذه المقاتلات سيكون مع الحلفاء وليس القوات الأميركية.
وتستخدم روسيا، معدات الحرب الإلكترونية بكثافة في القتال في أوكرانيا، حيث تستخدم مزيجاً من أجهزة التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي GBS، وأنظمة أخرى للتغلّب على الطائرات المُسيرة والذخائر الموجهة الأوكرانية.
كما استخدمت روسيا، أنظمة الحرب الإلكترونية على خطوطها الأمامية لمواجهة الهجوم المضاد الأوكراني المستمر، على الرغم من أن الدعم لا يصل إلى بعض المناطق بسبب طول خط المواجهة، وفقاً لأوكرانيا.
وفي غضون ذلك، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا، بصواريخ عالية السرعة ومضادة للإشعاع من طراز "آر تي إكس إيه جي إم-88" لتعزيز قدرات الحرب الإلكترونية لدى أوكرانيا.
جهود صينية مكثفة
وفي الوقت ذاته، كثفت الصين جهودها لتصبح قوة قتالية هائلة في مجال الحرب الإلكترونية، كما رفعت مستوى المجموعة المسؤولة عن عمليات الحرب الإلكترونية منذ عدة سنوات.
وذكرت وزارة الدفاع التايوانية، أن طائرات حربية صينية من طراز G-16D، التي تحتوي على أجهزة تشويش، حلّقت في منطقة تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي الخاصة بها. وقال البنتاجون أيضاً إن الصين تعمل على بناء أنظمة حرب إلكترونية في الفضاء، من بينها أجهزة تشويش على الأقمار الصناعية.
كما تستعد البحرية الصينية لاستلام الطائرة G-15D، وهي مقاتلة ذات مقعدين تحتوي على أجهزة لجمع المعلومات الاستخباراتية.
وأدى تطور التهديد إلى تحديث قدرات الحرب الإلكترونية في أماكن أخرى. وفي العام الماضي، طلبت بولندا شراء سفينتين استخباريتين، ومن المقرر أن تتسلمهما في عام 2027.
وقالت شركة "ساب" السويدية، المتعاقد الرئيسي، إن عملية بناء السفينتين بدأت في 27 أبريل الماضي. وأن السفينة الأولى يتم بناؤها من قبل شركة "ريمونتوفا" البولندية لبناء السفن.
تحرّكات غربية
وتمضي ألمانيا قدماً في جهودها لاستبدال طائراتها القتالية والاستطلاعية "تورنادو". وتمتلك القوات الجوية الألمانية، 20 طائرة "تورنادو"، وفقاً لبيانات التوازن العسكري لدى المعهد. وقالت ألمانيا إنها ستستبدل طائرات من طارز "يوروفايتر" بطائرات "تورنادو".
ومن المقرر أن تستخدم مقاتلات "يوروفايتر" المُعدلة صواريخ متطورة مُوجهة ومضادة للإشعاع من طراز "إيه جي إم-88 إي"، وهي نسخة مطورة من الصاروخ عالي السرعة المضاد للإشعاع. وستمتلك الطائرة أيضاً القدرة على التشويش، حسبما ذكر المعهد.
وتهدف الشركات المطورة للطائرة، ومن بينها شركة "هيلسنج" الألمانية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، إلى الوصول إلى قدرة تشغيلية أولية بحلول عام 2028.
وقالت اليابان إنها تخطط لإجراء تعديل على إحدى طائرات النقل الخاصة بها، وهي من طراز "سي-2"، وتحويلها إلى أداة حرب إلكترونية تركز في المقام الأول على التشويش.
وفي الولايات المتحدة، يجري إحراز تقدم في الجهود المبذولة لتحديث أسطول طائرات التشويش "كومباس كول" التابع للقوات الجوية الأميركية.
وفي غضون ذلك، تعمل البحرية الأميركية على تحسين الطائرة "إي إيه-18 جي جرولر" بهدف استبدال نظام تشويش متطور بنظام التشويش "إيه إل كيو-99" الحالي.
وقال براون، قائد القوات الجوية، إن اليابان، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة تعمل على تحسين التعاون الثلاثي، بما في ذلك في مجال الحرب الإلكترونية.
وأضاف المعهد، أن مستوى الجهود لا يتناسب مع التهديدات في بعض المناطق، وأن أوروبا تعاني على ما يبدو من نقص الاستثمار في معدات الحرب الإلكترونية، ما يخلق اعتماداً محتملاً على الولايات المتحدة وأسطولها من مقاتلات "إي إيه-18 جي".
اقرأ أيضاً: