تراجعت الولايات المتحدة عن فرض بعض الإجراءات ضد شحنات نفط إيرانية والتي واصلت التدفق خلال الأشهر الماضية، حسب ما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الأربعاء، نقلاً عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، فيما قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي للصحيفة، إن واشنطن حافظت على الالتزام الصارم بجميع العقوبات المتعلقة بطهران".
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من مفاوضات بين واشنطن وطهران، تكللت بإطلاق سراح سجناء بين البلدين الاثنين الماضي، ورفع التجميد عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية في كوريا الجنوبية ونقلها إلى قطر.
وقالت مصادر مطلعة للصحيفة، إن واشنطن اختارت عدم فرض عقوبات دولية قوية على طهران والتي زادت من شحنات النفط المصدرة للخارج، بما في ذلك إلى الصين، أكبر مشتري للنفط الإيراني.
وشددت المصادر على أن قرار الولايات المتحدة تخفيف الإجراءات على النفط الإيراني، لم يكن جزءاً من الصفقة بين البلدين لإطلاق سراح السجناء، لكن الجانبين توصلا إلى تفاهم بخصوص "تجنب أي إجراءات قد تزيد حدة التوتر" خلال مفاوضات صفقة تبادل السجناء.
وتضمنت هذه الإجراءات بين واشنطن وطهران، توقف إيران عن مضايقة أو احتجاز الناقلات الأجنبية في المياه الدولية للخليج العربي، وتراجع الولايات المتحدة عن احتجاز شحنات النفط الإيراني، وفقاً لمسؤولين مطلعين على المحادثات.
"قرار سياسي" بعدم التصعيد
وارتفعت صادرات الطاقة الإيرانية خلال السنوات الماضية، مما يشير إلى أن الولايات المتحدة "اتخذت قراراً سياسياً"، حتى قبل المفاوضات الأخيرة بشأن تبادل السجناء، وذلك "بعدم فرض عقوبات قوية في إطار مساعيها لإعادة التفاوض مع إيران" بشأن برنامجها النووي، حسب نقلت الصحيفة عن مسؤولين سابقين.
وتجاوز إنتاج النفط الخام الإيراني 3 ملايين برميل يومياً، وتقترب صادرات النفط من 2 مليون برميل يومياً، بحسب بعض المحللين.
وهذه هي أعلى المستويات منذ انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي في عام 2018، وإعادة فرض العقوبات التي تسببت في تراجع مبيعات النفط الإيراني إلى حوالي 400 ألف برميل يومياً في عام 2020.
وترفض الصين بشكل عام العقوبات الأميركية أحادية الجانب والتي تعتبرها "غير قانونية"، بحسب "وول ستريت جورنال" التي قالت إن السفارة الصينية لدى واشنطن لم ترد على طلب للتعليق.
وقفزت شحنات النفط الخام الإيراني إلى الصين، إلى ما يتراوح بين 1.4 مليون و1.6 مليون برميل يومياً هذا العام، بعدما كانت أقل من مليون يومياً العام الماضي.
"ملتزمون بجميع العقوبات"
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي للصحيفة، إن "الولايات المتحدة حافظت على الالتزام الصارم بجميع العقوبات المتعلقة بإيران ولم ترفع أي عقوبات، وأي ادعاءات بعكس ذلك كاذبة".
وذكر أن بلاده "فرضت العام الماضي عشرات العقوبات على إيران والتي شملت قطاع الطاقة"، مشدداً على أن واشنطن "تواصل بنشاط مع شركاءها الأجانب لضمان التزامهم للعقوبات".
بدورها، أفادت وزارة الخارجية الأميركية بأنها "تستخدم كل الأدوات المتاحة لفرض العقوبات"، مشيرة إلى أنها "لن نتردد في اتخاذ إجراءات ضد المتهربين من العقوبات، باستخدام جميع سلطات العقوبات المتاحة لدينا".
"تصدير دون عوائق"
من جانبها، قالت شركة الشحن الإيرانية الحكومية، وشركة النفط الإيرانية الوطنية والتي تواجه عقوبات أميركية، إنهما تمكنا من تصدير النفط إلى الصين "دون عوائق"، حسب ما أوردت الصحيفة.
جاء ذلك بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة أنها عطلت في أبريل الماضي شحنة من النفط الخام بملايين الدولارات تابعة للحرس الثوري الإيراني يجري شحنها بالمخالفة للعقوبات المفروضة على طهران، وصادرت أيضاً أكثر من 980 ألف برميل من النفط الخام المهرب.
واعتبرت وزارة العدل الأميركية في بيان، الجمعة الماضية، أن "بيع النفط الإيراني ونقله بصورة غير مشروعة" انتهاك للعقوبات المفروضة على إيران.
ونقلت وكالة "رويترز" عن محللين قولهم إن إيران تتهرب منذ سنوات من العقوبات النفطية عن طريق إجراءات مثل عمليات النقل من سفينة إلى أخرى و"الخداع" أو التلاعب بترددات نظام تحديد المواقع العالمي GPS بحيث تظهر السفن في مواقع مختلفة.
ومنذ عام 2019 شهدت مياه الخليج، ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة، سلسلة من الهجمات على سفن الشحن في أوقات التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
ويمر نحو خُمس الشحنات العالمية من النفط الخام والمنتجات النفطية عبر مضيق هرمز، وفقاً لبيانات من "شركة فورتكسا للتحليلات".