ترسم اليونان وتركيا أرضية مشتركة نحو "تقارب تاريخي"، بعد 3 سنوات تقريباً من تبادل الانتقادات والاتهامات، من سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى، في ديسمبر المقبل، حسبما نقلت "بلومبرغ"، السبت.
وتشهد العلاقات بين البلدين، اللذين ينتميان إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، توتراً بلغ ذروته في صيف عام 2020، إثر خلاف على حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط.
ووفقاً لأشخاص مطلعين على جوهر المحادثات وعلى الموقف التفاوضي لكل جانب، فإن رسم طريق التقارب بين الجانبين سيتم من خلال سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى، وستكون هذه القضايا على رأس جدول الأعمال.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، التقى رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على هامش الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في نيويورك للمرة الثانية خلال شهرين.
مكاسب جانبية
ويدرك الجانبان أن التقارب ربما يكون ضرورياً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن عضوية اليونان في الاتحاد الأوروبي تساعد على حل خلافاتها مع تركيا.
ولفتت "بلومبرغ"، إلى أن اليونان مستعدة لمساعدة تركيا في مساعيها نحو الاتحاد الأوروبي، بدءاً من التأشيرات إلى قيود التجارة.
وفي هذا الصدد، قال ميتسوتاكيس، في مقابلة مع "بلومبرغ" في نيويورك: "وصلنا إلى نقطة يمكننا فيها أن نكون متفائلين بشكل معقول بأن تركيا تفهم أيضاً أين تكمن مصالحها على المدى الطويل".
وأضاف: "أوضحت للرئيس أردوغان أننا نتحدث عن نزاع رئيسي، لا توجد طريقة يمكننا من خلالها التحدث بشكل جوهري مع تركيا، إذا استمروا في تحدي سيادة الجزر اليونانية. لن يكون أي رئيس وزراء، بما فيهم أنا، على استعداد للدخول في هذا النقاش".
وتابع: "هذا لا يعني بالضرورة أن الخيار هو إما الاتفاق الكامل على حل هذه القضية في المحكمة الدولية في لاهاي، أو أن نكون على شفا الحرب. يمكن أن تكون لدينا علاقة جيدة، حتى لو اختلفنا بشأن بعض القضايا الرئيسية".
وأفاد تقرير للاتحاد الأوروبي بأن انضمام تركيا للاتحاد "لا يمكن استئنافه في ظل الظروف الحالية"، منتقداً عدم إحراز تقدم لحل مشكلة تقاسم السلطة في الجزيرة والحفر غير المصرح به في المياه المجاورة.
علاقات متوترة
وقال ريان جينجيراس، أستاذ الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية لـ "بلومبرغ": "بالنسبة لأنقرة، فإن أهم شيء هو وجود انطباع بعزمها عقد محادثات جديدة"، موضحاً أن تركيا تسعى إلى "الانخراط في عملية تفاوض لصالح الجماهير الأوروبية".
وتابع: "في الوقت ذاته، تسعى اليونان إلى البناء على التقدم الاقتصادي الأخير"، إذ تم رفع التصنيف الائتماني السيادي للبلاد درجتين من قبل وكالة "موديز"، الأسبوع الماضي، ما جعلها على بعد خطوة من وضع الدرجة الاستثمارية التي احتفظت بها آخر مرة قبل 13 عاماً.
وانتقد البرلمان الأوروبي، في وقت سابق من العام الجاري، تركيا، مشيراً إلى النزاع بشأن قبرص، وهي جزيرة متوسطية يقسمها الوجود التركي منذ 50 عاماً.
وتختلف تركيا واليونان بشأن امتداد الجرف القاري لكل منهما في البحر المتوسط، ووضع قبرص المقسمة، ومسائل بحرية أخرى.
ويلقي النزاع القبرصي بثقله، في وقت ألقى فيه الغزو الروسي لأوكرانيا عبئاً قاسياً على أمن الطاقة في المنطقة، كما تشهد منطقة شرق البحر المتوسط توتراً بين تركيا من جهة، وكل من اليونان وقبرص من جهة أخرى، على خلفية قضايا عدة في مقدمها ترسيم الحدود.