كشفت "بلومبرغ" أن إسرائيل تدعم الجهود الدبلوماسية للضغط على حركة "حماس" لإطلاق سراح الأسرى من قطاع غزة بسرعة، وهي خطوة يمكن أن تؤخر، وربما تغير خطة الغزو البري المحتملة للقطاع.
ونقلت الوكالة الأميركية عن أشخاص وصفتهم بأنهم مطلعون على المفاوضات، قولهم في تقرير نشرته، الأحد، إن إطلاق سراح الأسرى "بات له دور ملموس" في التخطيط العسكري الإسرائيلي، الجمعة الماضي، عندما تم إطلاق سراح أم أميركية وابنتها البالغة من العمر 19 عاماً بوساطة قطرية.
وقالت المصادر، إن الولايات المتحدة تضغط على الدوحة، التي تستضيف بعض القادة السياسيين لحركة "حماس"، لإطلاق سراح المزيد من الأسرى.
كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، أعلن الأحد، أن إسرائيل تأكدت من احتجاز 212 رهينة في غزة، دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل.
وأكدت "حماس"، السبت، أنها لن تناقش مصير الأسرى حتى تنهي إسرائيل عدوانها على القطاع، وأبدت كتائب "القسام" الجناح العسكري للحركة استعدادها لإطلاق سراح محتجزتين إسرائيليتين، كانت قد عرضت إطلاق سراحهما "لأسباب إنسانية ودون مقابل"، لكن بالإجراءات نفسها التي تم من خلالها إطلاق سراح المحتجزتين الأميركيتين، مشيرة إلى أن إسرائيل رفضت استلامهما.
"تفكيك حماس" على حساب الأسرى
"بلومبرغ" ذكرت أن مسؤولين أميركيين أبلغوا قطر أن إسرائيل تحتاج إلى الإفراج عن عدد أكبر بكثير من الأسرى والأسرى للتأثير في العملية البرية الوشيكة، ولكن وفقاً لنظرائهم الإسرائيليين، فإنهم يعملون على "تفكيك حماس" بغض النظر عما سيحدث مع الأسرى، في استعراض للقوة يعتقدون أنه ضروري للمنطقة، وإلا فإنهم يرون أن إسرائيل سيُنظر إليها على أنها ضعيفة في نظر أعدائها، خاصة أولئك الذين تدعمهم إيران، حسب "بلومبرغ".
ونقلت شبكة CNN الأميركية، عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار أثناء المفاوضات الخاصة بالأسرى والأسرى".
ومع ذلك، قالت المصادر لـ"بلومبرغ"، إن شكل العملية البرية قد يتغير في حال أدت "دبلوماسية الأسرى" إلى إبقاء إسرائيل في وضع حرج لفترة أطول، وتغيرت الظروف على الأرض، مشيرة إلى أن إطالة الوقت تصب في صالح إسرائيل، وليس "حماس"، بالنظر إلى استمرار غرق قطاع غزة بشكل أعمق في وضعه البائس.
وتستمر هذه الدبلوماسية في العمل بشكل مكثف، إذ إنه من المقرر أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل، الثلاثاء.
وقالت الوكالة إنه لا يزال من غير الواضح لماذا أطلقت "حماس" سراح الرهينتين الأميركيتين، لكن أوفير فالك، مساعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشؤون السياسة الخارجية، اعتبر أن "السبب الوحيد لإطلاق سراح الرهينتين هو الضغط الذي مورس على (حماس) ورعاتها، ولكن محاولة تصوير أنفسهم على أنهم إنسانيون من خلال هذا يعد إهانة لذكاء الجميع، وسيتكثف الضغط حتى يتم إطلاق سراح جميع الأسرى، ولكن هذا لن يغير أي شيء من هدفنا المتمثل في تفكيك الحركة".
ولعبت الولايات المتحدة دوراً كبيراً في التخطيط العسكري الإسرائيلي، خاصةً في ما يتعلق باحتمال دخول "حزب الله" المعركة بصواريخه المتعددة، إذ أرسلت أسطولين قتاليين إلى البحر المتوسط، وشارك الرئيس جو بايدن وكبار مساعديه في اجتماعات مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، الأسبوع الماضي.
وتوقع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تصعيداً من قبل من سماهم "وكلاء إيران في المنطقة ضد قواتها"، مؤكداً أن واشنطن مستعدة إذا حاولت إيران تصعيد الأزمة.
وأضاف في تصريحات لشبكة NBC، الأحد، أن الولايات المتحدة "تتخذ بالفعل إجراءات لضمان الدفاع بشكل فعال عن شعبنا إذا حاولت إيران تصعيد الحرب الإسرائيلية مع (حماس)".
خسائر المدنيين
وبحسب "بلومبرغ" يتمثل هدف الولايات المتحدة في جعل إسرائيل تركز على الحد من الخسائر في صفوف المدنيين، وما سيحدث بعد انتهاء العمليات وكيفية تحرير الأسرى، ونقلت عن المصادر قولها إنه كلما مرت أيام أكثر على صدمة هجوم 7 أكتوبر، كلما زادت احتمالات وصول الرسائل الأميركية.
ورداً على سؤال من قبل المشرعين، الأسبوع الماضي، بشأن عدم سماح إسرائيل بأي تدخل أميركي، قال وزير الدفاع يوآف جالانت: "لا يمكننا أن نأخذ الدعم الأميركي، ثم نرفض مطالبهم بشأن الأمور الإنسانية".
وقال وزير الخارجية إيلي كوهين، في مقابلة مع "بلومبرغ": "هم يدركون أننا تعرضنا لمأساة كبيرة، ويتصرفون معنا كأصدقاء".
مهمة بايدن الصعبة
في سياق متصل اعتبرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، أن بايدن أمام مهمة صعبة مجدداً تتمثل في الموازنة بين إظهار الدعم الكامل لإسرائيل، وفي الوقت نفسه الضغط عليها لضبط النفس لمنع تصعيد الحرب إلى صراع أوسع.
وقالت الوكالة، في تقرير الأحد، إن بايدن احتضن نتنياهو، بالمعنى الحرفي والمجازي، منذ هجمات 7 أكتوبر، وتعهد مراراً وتكراراً بدعم إسرائيل في سعيها للقضاء على الحركة، ولكنه في الوقت ذاته يولي اهتماماً متزايداً بالأزمة التي يمر بها الفلسطينيون والعواقب المحتملة للرد الإسرائيلي.
الوكالة الأميركية ذكرت أن "الضغط على بايدن من أجل اتباع نهج متوازن يأتي من الزعماء العرب في مصر والعراق والأردن وغيرهم ممن شهدت بلادهم اندلاع احتجاجات كبيرة بسبب غزة"، وكذلك من مسؤولين أوروبيين أعربوا عن شعورهم بالفزع من هجوم 7 أكتوبر، لكنهم أكدوا أيضاً أنه يجب على إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي والإنساني.
ويواجه بايدن أيضاً تدقيقاً من أشخاص من الجناح الأصغر سناً والأكثر ليبرالية في حزبه الديمقراطي، والذين هم أكثر انقساماً بشأن القضية الفلسطينية من قادة الحزب الوسطيين وكبار السن.
جدل واستقالات بسبب الانحياز لإسرائيل
وبعد أقل من أسبوع من الحرب، كتب عشرات المشرعين الأميركيين إلى بايدن وبلينكن يحثونهما على ضمان حماية المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال اتباع قواعد القانون الإنساني الدولي في العمليات العسكرية الإسرائيلية، والعودة الآمنة للأسرى، وتبني الجهود الدبلوماسية لضمان السلام الدائم، وأعقب ذلك تقديم أكثر من 10 مشرعين مشروع قرار يحث إدارة بايدن على الدعوة إلى وقف فوري للتصعيد وإطلاق النار.
وكشفت الوكالة عن وجود جدل داخل الإدارة الأميركية بشأن ما إذا كان بايدن يتبع سياسة تنحاز إلى إسرائيل بشكل كبير، ما دفع المسؤول البارز في وزارة الخارجية جوش بول إلى الاستقالة، الأسبوع الماضي، قائلاً إنه لم يعد بإمكانه دعم ما يصفه بـ"السياسة أحادية الجانب" التي تحابي إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
ورد بلينكن على هذا الجدل بتوزيع مذكرة داخلية على مستوى الوزارة، الخميس الماضي، يحث فيها الموظفين على النظر إلى الأهداف الأوسع للإدارة المتمثلة في العدالة المتساوية والسلام لكل من إسرائيل والفلسطينيين.