صوّت البرلمان الإسباني، الخميس، بفارق ضئيل لصالح تعيين بيدرو سانشيز، رئيساً للوزراء لولاية جديدة مدتها أربع سنوات، ليضع بذلك حداً لجمود طال أمده بعد انتخابات عامة غير حاسمة أجريت في يوليو الماضي.
وتوصّل الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، إلى اتفاقات منفصلة مع عدد من الأحزاب الإقليمية لكسب دعمها، بما يشمل مشروع قانون مثير للجدل بشأن العفو عن انفصاليين من إقليم كتالونيا، أثار احتجاجات في أنحاء البلاد.
وحصل سانشيز على تأييد 179 صوتاً مقابل 171 صوتاً رافضاً، مع عدم امتناع أي عضو عن التصويت. وجاء الرّفض من الحزب الشعبي المحافظ وحزب فوكس اليميني المتطرف، والنائب الوحيد في البرلمان عن اتحاد شعب نافارا.
وسيصبح في إمكان سانشيز بعد فوزه بالتصويت، تشكيل حكومة جديدة في الأيام المقبلة مع حليفه حزب سومر من أقصى اليسار، ما ينهي نحو أربعة أشهر من الجمود في البلاد منذ الانتخابات التشريعية في 23 يوليو.
وبعدما حلّ سانشيز ثانياً خلف منافسه المحافظ ألبرتو نوننيث فيخو في انتخابات 23 يوليو، تمكّن رئيس الوزراء من تشكيل تحالفات مع أحزاب إقليمية متعددة في الأسابيع الأخيرة، ويعد دعمها حاسماً بعدما لم تفرز الانتخابات أغلبية واضحة في البرلمان.
كتالونيا تنقذ سانشيز
ولتحقيق ذلك، أجرى سانشيز محادثات خصوصاً مع الحزب الانفصالي في كتالونيا "معاً من أجل كتالونيا" (خونتس بير كاتالونيا) برئاسة كارليس بوتشيمون الذي فر إلى بلجيكا منذ 6 سنوات هرباً من إجراءات قانونية على خلفية دوره في قيادة مسعى المنطقة الواقعة في شمال شرق البلاد للاستقلال عام 2017.
ولقاء دعم سانشيز، طالب بوتشيمون بعفو عن مئات الأشخاص الذين يواجهون تحرّكاً قضائياً بسبب دورهم في مسعى كتالونيا للاستقلال.
وأثار إجراء العفو الذي سيسمح لبوتشيمون بالعودة إلى إسبانيا، انقساماً عميقاً داخل المجتمع، وشكوكاً في قدرة سانشيز على الحكم بسلاسة.
ودافع سانشيز، الأربعاء، أمام النواب عن العفو عن الانفصاليين في كتالونيا داعياً المعارضة إلى التحلي بـ"المسؤولية" في سياق التوترات التي أثارها مشروعه.
وعرض خلال خطابه أولويات ولايته الجديدة التي تمتد أربعة أعوام قائلاً: "فضّلنا لمّ الشمل على الانتقام والوحدة على التمزّق".
واعتبر رئيس الوزراء أن مشروع قانون مَنحِ عفو للانفصاليين الكتالونيين "سيعود بالنفع على العديد من الأشخاص والقادة السياسيين" الذين يلاحقهم القضاء، و"لا أشاركهم أفكارهم وأرفض أفعالهم".
وأكد أهمية العفو في "تضميد الجراح" التي فتحتها هذه "الأزمة السياسية" غير المسبوقة وفق قوله، مشدّداً أمام النواب على أنه يريد ضمان "وحدة إسبانيا من طريق الحوار والتسامح".
ويتهم الحزب الشعبي اليميني، بزعامة فيخو، رئيس الوزراء الاشتراكي بتقديم تنازلات بهدف وحيد وهو البقاء في السلطة بأي ثمن. وحذّر من أن تواجه إسبانيا انتقادات من الاتحاد الأوروبي على غرار المجر أو بولندا بسبب المساس بسيادة القانون.
وأدى العفو الذي يرفضه غالبية الإسبان، بحسب استطلاعات عدة، إلى خروج مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع، الأحد، بدعوة من الحزب الشعبي اليميني المعارض.
ومن المقرر تنظيم تظاهرات جديدة، يشارك فيها زعماء الحزب الشعبي وحزب فوكس اليميني المتطرف، السبت، في مدريد.
وأكد فيخو، الأربعاء، أن "العفو لن يعزز التعايش" بين الإسبان، متهماً رئيس الوزراء بـ"شراء" دعم الانفصاليين، ما اعتبره نوعاً من "الفساد السياسي". ورأى أن البلاد ستكون "محكومة بالانقسام" طالما بقي سانشيز في الحكم.
وشهدت البلاد الأسبوع الماضي تظاهرات يومية أمام مقر الحزب الاشتراكي في مدريد، دعا إليها اليمين المتطرف الذي وصف رئيس الوزراء بـ"ديكتاتور" واتهمه بـ"تنفيذ انقلاب".