شددت كل من ألمانيا وفرنسا على ضرورة محاسبة المسؤولين السوريين، بعدما خلص تحقيق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إلى أن الجيش السوري استخدم أسلحة كيميائية في قصف على مدينة شمالي البلاد عام 2018.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الألمانية: "بالنسبة لنا من الواضح أن انتهاكاً بهذه الصراحة للقانون الدولي، يجب ألا يمر من دون عواقب"، مؤكداً وجوب "محاسبة المسؤولين" عنه.
وأكد البيان أن "جميع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مدعوة إلى الرد على هذه الانتهاكات المتواصلة لسوريا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية"، داعياً الدول الأعضاء إلى "استخدام السبل المتاحة في إطار المعاهدة لفرض احترامها".
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان، الاثنين، إن "استخدام النظام السوري لهذه الأسلحة في شكل موثق ومؤكد هو أمر مرفوض"، مشدداً على وجوب "الرد بشكل مناسب".
وتصوت الدول الأعضاء في المنظمة، في وقت لاحق هذا الشهر، على إمكانية فرض عقوبات على سوريا قد تشمل تعليق حقها في التصويت، فيما يشكل العقوبة الأشد التي تجيزها المنظمة إذا لم يتخذ البلد المعني إجراءات في هذا الصدد.
وخلصت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد إجرائها تحقيقاً، إلى أن القوات الجوية السورية استخدمت غاز الكلور، وهو سلاح كيميائي، أثناء هجوم على مدينة سراقب في العام 2018.
والتقرير هو الثاني لفريق تقصي الحقائق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الذي له سلطة تحديد الجهة المنفذة لهجوم كيميائي.
وتقع سراقب، في شمال سوريا، على بعد 50 كيلومتراً جنوب حلب. واعتبر الفريق أن "ثمة دوافع منطقية لاعتبار" أن مروحية عسكرية تابعة لسلاح الجو السوري "ضربت شرق سراقب بإلقاء برميل واحد على الأقل".
وأوضح التقرير أن "البرميل انفجر ناشراً غاز الكلور على مسافة واسعة أصابت 12 شخصاً". وقالت المنظمة إن محققيها استجوبوا 30 شاهداً، وقاموا بتحليل عينات أُخذت من المكان، وعاينوا الأعراض التي أصيب بها الضحايا والطاقم الطبي، إضافة إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية بهدف التوصل إلى خلاصاتهم.
وأورد التقرير أن الأعراض "شملت حالات اختناق والتهاب في الجلد وآلام في الصدر وسعال". وأبدى المحققون "أسفهم" لرفض لحكومة السورية السماح لهم بزيارة موقع الهجوم رغم طلبات متكررة.
هجوم سابق
ونشرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تقريرها الأول قبل عام، مشيرة فيه إلى أن القوات الجوية السورية ألقت أيضاً قنابل تحوي غازي السارين والكلور في عام 2017 على بلدة اللطامنة شمالي سوريا، في انتهاك لاتفاق حظر الأسلحة الكيميائية.
ورغم اعتراضات سوريا وحلفائها ومن بينهم روسيا، سمحت غالبية من دول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في العام 2018، للمنظمة بفتح تحقيق لتحديد هوية الطرف الذي يقف وراء الهجوم، وليس فقط توثيق استخدام سلاح كهذا.
ولاحظ محققو المنظمة أن الأوامر التي صدرت بشن الهجوم على سراقب في 2018 مصدرها مسؤولون كبار، وليس ثمة أي مؤشر إلى أن "عناصر أو أفراداً معزولين" قاموا بهذا الأمر.
وأوضح التقرير الشامل أن "فريق تقصي الحقائق حصل على معلومات من مصادر مختلفة تلمّح إلى وجوب صدور أوامر تجيز استخدام الأسلحة الكيميائية بالشكل الذي حدث".
وأضاف المحققون أنه رغم عدم كشف وجود "هرمية قيادية محددة"، يبدو أن القيادة السورية العسكرية العامة "أصدرت القرارات بشأن استخدام غاز الكلور للقادة على الصعيد العملاياتي".
"19 سؤالاً معلقاً"
وكانت المنظمة حضت سوريا على إعلان كل الأسلحة الكيميائية التي لا تزال في حوزتها، وبينها غازا السارين والكلور، في ضوء إعراب القوى الغربية عن قلقها لعدم قيام دمشق بتدمير كامل مخزوناتها.
وأعلن المدير العام للمنظمة فرناندو أرياس في مارس الماضي، أنه لا تزال هناك ثغرات ونقاط ملتبسة في التقارير التي أرسلتها دمشق إلى المنظمة.
وتقول الأمم المتحدة إن دمشق لم تجب عن 19 سؤالاً طرحت منذ أعوام في شأن منشآت قد تكون استخدمت في إنتاج أسلحة كيميائية أو تخزينها.
ونفت الحكومة السورية على الدوام أن تكون ضالعة في هجمات كيميائية، مؤكدة أنها سلمت مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية تحت إشراف دولي بموجب اتفاق أبرم في 2013.