وكالات إغاثية ومنظمات أممية: نصف سكان القطاع يعانون الجوع.. والنظام العام ينهار

الجوع والوضع الصحي في غزة يعززان تحذيرات دولية من نزوح الفلسطينيين إلى مصر

أسرة فلسطينية تحاول طهو الطعام أمام منزلهم الذي دمرته غارة إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة. 11 ديسمبر 2023 - AFP
أسرة فلسطينية تحاول طهو الطعام أمام منزلهم الذي دمرته غارة إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة. 11 ديسمبر 2023 - AFP
دبي -الشرق

مع اشتداد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما نتج عنها من تردّي الأوضاع الإنسانية وانهيار النّظام العام وانتشار الجوع، تتخوّف وكالات إغاثة دولية ومنظمات الأمم المتحدة من أن يشكّل ذلك كلّه حافزاً للمدنيين للنّزوح الجماعي إلى مصر، وهو ما حذّر منه في وقت سابق مسؤولون مصريون، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، حذّر، الأحد الماضي، من احتمال حدوث نزوح جماعي إلى مصر. وقال: "لا توجد حماية فعالة للمدنيين في غزة، وأتوقع أن ينهار النظام العام تماماً قريباً، وقد يتكشف وضع أسوأ".

كما حذر مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، الأحد، من أن الرعاية الصحية في قطاع غزة "في حالة ركود"، مع تضاؤل الإمدادات وأسرة المستشفيات وسط تقارير عن قصف المرافق الطبية.

ومنذ بداية الحرب، نزح ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة، أي 85% من سكان القطاع، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فيما أكدت وكالات إغاثة دولية أن ظروف الصرف الصحي في القطاع "مزرية"، ومن الصعب الحصول على المياه النظيفة، كما أن المرض والجوع ينتشران في قطاع غزة"، وهو ما يدفع آلاف الفلسطينيين إلى النّزوح صوب الجنوب".

وخلص تحليل أجراه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إلى أن نصف سكان غزة يعانون من الجوع، وأن 9 من كل 10 أشخاص لا يستطيعون تناول الطعام كل يوم. 

وقال عمال إغاثة يعملون في "المواصي" في رفح، وهي منطقة "آمنة" لجأ إليها الفلسطينيون بأوامر من الجيش الإسرائيلي، إنهم التقوا أشخاصاً لم يتناولوا طعاماً لمدة ثلاثة أيام"، حسبما نقلته الصحيفة الأميركية، ويقول مسؤولو الأمم المتحدة عبر وكالات المنظمة إن "القتال المستمر يمنعهم من القيام بعملهم وتقديم الإغاثة الإنسانية الحيوية".

رفض عربي وأممي 

وعلى مدار أسابيع، عبّرت حكومات عربية، بما فيها الأردنية والمصرية، رفضها "مخطط" تهجير الفلسطينيين من أراضيهم و"دفعهم إلى النزوح إلى مصر"، كما وجهت مصر، تحذيرات إلى الولايات المتحدة وإسرائيل من أنه إذا فرّ اللاجئون الفلسطينيون إلى شبه جزيرة سيناء، نتيجة للعملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب غزة، فقد يؤدي ذلك إلى "قطع العلاقات" بين القاهرة وتل أبيب، وفقًا لما نقلته "أكسيوس".

ويرفض سكان غزة، مغادرة أراضيهم، "حيث يفضلون الموت بدلاً من ترك بيوتهم والعيش في المنفى إلى أجل غير مسمى، وهو المصير الذي حل بأجيال من الفلسطينيين في أماكن أخرى "، تضيف "واشنطن بوست".

وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي في منتدى الدوحة الأحد: "ما نراه في غزة ليس مجرد قتل الأبرياء وتدمير سبل عيشهم، بل هو مخطط منهجي لتفريغ غزة من سكانها".

كما قال رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، إن أي نمط من التهجير القسري للفلسطينيين إلى الأردن سيشكل "خرقاً" لاتفاقية السلام، محذّراً من أن ذلك "سيعيدنا إلى حالة اللا سلم".

كما أشار المدير العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيليب لازاريني، السبت، إلى "الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة والتركيز المتزايد على المدنيين النازحين بالقرب من الحدود، والذين فروا من القتال".

وقال لازاريني في مقال رأي نشرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، إن "الأمم المتحدة والعديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، رفضت بشدة تهجير الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة".

كما أشار خلال زيارته معبر رفح الحدودي رفقة وفد من مجلس الأمن الدولي، الاثنين، إلى رفض الأمم المتحدة ودول أخرى من بينها الولايات المتحدة تهجير سكان غزة قسراً، لكن التطورات التي نشهدها تشير بوضوح إلى محاولات لنقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر، بغض النظر عما إذا كانوا سيبقون هناك، أو سيعاد توطينهم في مكان آخر.

نفي إسرائيلي 

وتنفي إسرائيل أن يكون لديها أي خطط لدفع الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحقيق هدفها المتمثل في تدمير حركة "حماس"، وتقول إنها طلبت من سكان غزة التحرك حفاظاً على سلامتهم.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، الاثنين: "لا توجد هناك خطة إسرائيلية لنقل سكان غزة إلى مصر، ولن تكون"، مضيفاً: "هذا ببساطة غير صحيح".

وتقول الحكومة الإسرائيلية إنها تطلب فقط من الفلسطينيين مغادرة منازلهم مؤقتاً حفاظاً على سلامتهم، لكن تعليقات بعض الساسة الإسرائيليين، وبعضهم مقربون من الحكومة، تثير مخاوف الفلسطينيين والدول العربية من "نكبة جديدة".

ورداً على سؤال بشأن هجوم الجيش الإسرائيلي وتهجير سكان غزة، قال وزير الزراعة وتطوير القرية الإسرائيلي، آفي ديختر، للقناة 12 الإسرائيلية في 11 نوفمبر الماضي: "هذه هي نكبة غزة، ومن الناحية العملية لا توجد طريقة لإدارة الحرب بالطريقة التي يريدها جيش الدفاع الإسرائيلي داخل أراضي غزة والحشود بين الدبابات والجنود".

وقد دعا عدد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين وكبار المسؤولين السابقين علناً إلى إبعاد المدنيين الفلسطينيين، وتدمير منازلهم، وإعادة توطين الإسرائيليين في غزة.

ورداً على هذه التصريحات، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إنه سيكون "من غير المناسب، ويتعارض مع القانون الدولي" إذا تم تهجير المدنيين الفلسطينيين من غزة إلى مصر.

في الوقت ذاته، أكد خلال جلسة في منتدى آسبن الأمني بالعاصمة الأميركية واشنطن، أن بلاده لن تسمح بنقل الفلسطينيين مؤقتاً إليها، بينما تنفذ إسرائيل عمليتها العسكرية في قطاع غزة، واصفاً هذا الأمر بأنه سيكون خرقاً للقانون الدولي.

زيارة معبر رفح

ورغم عدم تمرير مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة الماضي، قراراً يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، إلّا أن وفداً من المجلس يضم ممثلين عن ثلاثة من الأعضاء الدائمين زار معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، الاثنين، في زيارة وصفت بـ"التضامنية"، بحسب مصادر مشاركة في الزيارة.

الوفد الذي جاء من أبو ظبي، شارك فيه ممثلون عن الصين وروسيا وبريطانيا، وهي دول دائمة العضوية بالمجلس الأممي، فيما غاب عنه ممثلو الولايات المتحدة وفرنسا، وضم الوفد كذلك مندوبي الإمارات منسقة الزيارة، واليابان وموزمبيق وسيراليون ومالطا وسويسرا.

وجاءت الزيارة بعد رفض مجلس الأمن تبني مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، ضد المشروع الذي طرحته دولة الإمارات، وحصل على تأييد 13 دولة وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت.

تصنيفات

قصص قد تهمك