محللون: نتنياهو يستغل الخلاف لترسيخ صورته كـ"زعيم لا يخضع للمطالب الخارجية"

رغم "فشل 7 أكتوبر".. نتنياهو يراهن على الخلاف مع بايدن لاستعادة شعبيته في إسرائيل

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. 20 سبتمبر 2023 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. 20 سبتمبر 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أزمة بين خسارة الدعم الأميركي في حرب إسرائيل على قطاع غزة، بعد الخلاف ع الرئيس جو بايدن، الذي انتقد الحكومة الإسرائيلية، والقصف العشوائي على القطاع، وكسب تأييد الإسرائيليين الذين يدعمون استمرار القتال حتى القضاء على حركة "حماس".

وأبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الخلاف بين بايدن ونتنياهو، قائلة إن الأخير يختلف مع واشنطن بشأن ما يجب أن يحدث في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، مشيرة إلى أن المحللين يتوقعون أن يحاول استغلال الخلاف لتعزيز الدعم الداخلي.

وأضافت الصحيفة، في تقرير، الأربعاء، أنه بعد يوم واحد من إعراب بايدن عن أشد انتقاداته للحكومة الإسرائيلية منذ بدء الحرب على غزة، أشار العديد من الإسرائيليين، إلى أن نتنياهو ربما يسعى لتحقيق مكاسب سياسية من تصعيد الخلاف مع الولايات المتحدة.

ويرى محللون أن الخلاف بين إسرائيل وأقرب حلفائها بشأن الشكل الذي يجب أن تبدو عليه غزة بعد الحرب يشكل خطراً على حكومة نتنياهو، كما أنه "يثير تساؤلات بشأن المدة التي تستمر فيها الولايات المتحدة في تقديم الدعم غير المحدود للحرب في القطاع، ولكنه، في نفس الوقت، يوفر فرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لزيادة معدلات شعبيته الداخلية المتدنية من خلال تقديم نفسه كزعيم لا يخضع للمطالب الخارجية".

ونقلت الصحيفة عن السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، إيتمار رابينوفيتش، قوله: "نتنياهو يتطلع إلى الحملة الانتخابية المحتملة بعد بضعة أشهر، إذ سيتمثل برنامجه في تصوير نفسه باعتباره القائد الذي يمكنه الوقوف في وجه بايدن ومنع قيام دولة فلسطينية".

وكانت إدارة بايدن اقترحت أنه يجب أن تتولى السلطة الفلسطينية، مسؤولية حكم غزة بعد انتهاء الحرب كجزء من عملية يمكن أن تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، ولكن قبل ساعات من تصريحات بايدن التي انتقد فيها الحكومة الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، استبعد نتنياهو الاقتراح الأميركي، وأعرب عن رفضه فكرة تحويل القطاع إلى ما أسماه "فتحستان"، في إشارة إلى حركة "فتح" الفلسطينية التي تسيطر على السلطة الفلسطينية.

وقالت الصحيفة إن هذا الخلاف يشكل أساس المحادثات المنتظرة، أثناء زيارة جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، إلى إسرائيل، الخميس والجمعة.

وناقش المعلقون الإسرائيليون ما إذا كان توبيخ نتنياهو للإدارة الأميركية يشجعها على وضع بعض القيود على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، والذي يتضمن مليارات الدولارات من المساعدات السنوية، والذخائر، والغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة، والدعم الكامل للحرب على غزة حتى الآن.

إعادة بناء الشعبية

ولكن رابينوفيتش يرى أن هذه المسائل ربما تكون مصدر قلق ثانوي لنتنياهو في الوقت الحالي الذي يحاول فيه إعادة بناء شعبيته المتراجعة، إذ تضررت سُمعته الأمنية بشدة بسبب فشل حكومته في منع هجوم حركة "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي.

ووفقاً للصحيفة، فإن منتقدي نتنياهو يرون أن فشله في تحمل المسؤولية الكاملة عما حدث يوم 7 أكتوبر، أدى إلى "تفاقم الشعور بأنه يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح تل أبيب".

ويقول المحللون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول الآن استعادة دعم ناخبي حزب "الليكود" له من خلال التأكيد على مواقفه السياسية اليمينية التقليدية، مثل معارضة إقامة دولة فلسطينية، ورفض اتفاقيات أوسلو، واتفاقيات السلام المؤقتة بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية.

وعلى الرغم من خلافاتهما بشأن مسائل أخرى، إلا أن بايدن قدَم دعماً علنياً راسخاً لأهداف نتنياهو الأساسية في الحرب على غزة والتي تتمثل في القضاء على "حماس" وتحرير الرهائن، حتى إنه أثناء توجيهه للانتقادات إلى الحكومة في تل أبيب، الثلاثاء، جدد الرئيس الأميركي تعهده بمساعدة إسرائيل على "إنهاء مهمتها" ضد "حماس".

ومع تزايد الخلاف بين واشنطن وتل أبيب، تساءل المعلقون الإسرائيليون عما إذا كان بايدن سيضغط على نتنياهو لوقف الحرب في وقت أبكر عما يريده الجيش الإسرائيلي، أو سيتوقف عن استخدام حق النقض ضد قرارات الأمم المتحدة غير المواتية لإسرائيل.

وقال القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك، ألون بينكاس، في مقابلة مع الصحيفة: "في حال لم يبذل نتنياهو المزيد من الجهود لمعالجة المخاوف الأميركية، لن يكون أمام بايدن خيار سوى التراجع عن موقفه".

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن نتنياهو لديه تاريخ من تغيير المواقف تحت الضغط الأميركي، موضحة أنه خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء في التسعينيات، واصل تنفيذ اتفاقيات أوسلو، ونقل السيطرة على أجزاء من الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، على الرغم من معارضته الشديدة لمثل هذه التحركات عندما كان في المعارضة.

وأضافت أنه خلال فترة ولايته الثانية، بعد عقد من الزمن، استجاب للضغوط التي مارستها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من خلال الموافقة على تجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية لعدة أشهر، وتجديد مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية، كما أنه ألقى خطاباً في عام 2009، حدد فيه الشروط التي بموجبها سيقبل إنشاء دولة فلسطينية.

وقال رابينوفيتش: "نتنياهو ليس لديه مشكلة في تغيير موقفه، فالمبدأ الوحيد الذي يوجهه هو أنه يجب أن يبقى في السُلطة، ولذا فإنه في حال توصل إلى استنتاج مفاده أن البقاء في السُلطة يتطلب تغيير موقفه بشأن هذه المسائل، فإنه سيفعل ذلك".

من جانبه، رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الرد على طلب الصحيفة الحصول على تعليق.

تصنيفات

قصص قد تهمك