أعلنت الأمم المتحدة، إغلاق المحكمة الخاصة بلبنان، والتي كانت مكلفة بالتحقيق في هجوم 14 فبراير 2005 بوسط العاصمة بيروت، وأودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري و22 آخرين، وذلك اعتباراً من الأحد 31 ديسمبر الجاري.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في بيان، إن "المحكمة الخاصة عقدت جلسات غيابية، وقضت بإدانة 3 أفراد هم سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، في ما يتعلق بهجوم 14 فبراير 2005، وحكمت عليهم بالسجن المؤبد 5 مرات".
وافتتحت المحكمة الخاصة بلبنان في 1 مارس 2009، بناء على طلب تقدمت به الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، وكانت ولايتها الرئيسية هي محاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ اعتداء 14 فبراير 2005.
ولم يُصادق على الاتفاق الذي توصل إليه لبنان والأمم المتحدة، وجعلت المنظمة أحكامه نافذة من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1757.
وشغل الحريري، منصب رئيس وزراء لبنان خمس مرات في أعقاب الحرب الأهلية (1975-1990). وهو ملياردير كون ثروته من العمل بقطاع الإنشاءات.
وقاد الحريري جهود إعمار بيروت، خاصة منطقة وسط العاصمة اللبنانية، واشتهر بصلاته الدولية، وكان صديقاً مقرباً للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك.
وفي 14 فبراير 2005، ركب الحريري سيارته بعد أن زار مقهى بجوار مجلس النواب الذي كان عضواً فيه. وبينما كان موكبه يمر على الكورنيش انفجرت شاحنة ملغومة في سيارته، وخلفت حفرة هائلة، ودمرت واجهات المباني المحيطة بالمنطقة.
ملابسات قانونية وسياسية
وتسبب اغتيال الحريري، فيما بات يعرف بـ"انتفاضة الأرز"، إذ خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في لبنان، احتجاجاً على الحكومة الموالية لسوريا، مع توجيه أصابع الاتهام في الاغتيال إلى نظام دمشق. واستقالت الحكومة بعد أسبوعين من الحادث، بينما انسحبت القوات السورية في أبريل من العام نفسه 2005، تحت ضغوط دولية.
ووجهت المحكمة الدولية الخاصة التي باشرت عمليات التحقيق في الحادث، اتهامات لأربعة من عناصر حزب الله غيابياً، وهم عياش، ومرعي، وعنيسي، وأسد حسن صبرا. كما تم توجيه الاتهام إلى القائد العسكري في حزب الله، مصطفى بدر الدين، حتى لقي حتفه في سوريا عام 2016.
وقالت المحكمة، إن "عياش كان مسؤولاً عن مراقبة الرئيس وهو الذي أعد العنصر المادي للتفجير، وأن منفذي الجريمة تركوا أدلة لتضليل التحقيق، واستخدموا شبكات اتصال داخلية وسرية".
واعتمدت قضية الادعاء على تحليل المكالمات بين الهواتف المحمولة التي قال إنها استخدمت للتخطيط والتحضير وتنفيذ الهجوم.
وقال الادعاء، إنه بعد وقت قصير من الهجوم، شارك مرعي وعنيسي، في توزيع شريط فيديو كاذب يعلن فيه رجل فلسطيني المسؤولية عن الهجوم نيابة عن جماعة أصولية سنية خيالية.
وفي أغسطس من عام 2005، تم اعتقال أربعة جنرالات لبنانيين، كانوا من أعمدة النظام الذي يهيمن عليه السوريون. وتم إطلاق سراحهم بعد حوالي أربع سنوات دون توجيه اتهامات لهم، بعد أن قالت المحكمة إنه "لا توجد أدلة كافية لاتهامهم".
وتراجع رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، الذي ألقى باللوم على سوريا في اغتيال والده، عن اتهامه لدمشق في عام 2010، حسبما ورد في تصريحات منه لصحيفة "الشرق الأوسط".
وفي عام 2020، أدانت غرفة المحكمة الخاصة بلبنان، عياش، بخمس تهم، بما في ذلك "ارتكاب عمل إرهابي باستخدام عبوة ناسفة" و"القتل العمد للحريري". لكن تمت تبرئة مرعي وعنيسي، وأسد صبرا من جميع التهم، إذ قال القضاة إنه "لا توجد أدلة كافية لإثبات إدانتهم، بما لا يدع مجالاً للشك".
وقدمت النيابة العامة، طلبات استئناف ضد تبرئة مرعي وعنيسي خلال عام 2021، وخلصت غرفة الاستئناف إلى أن قضاة المحاكمة "ارتكبوا أخطاءً قانونية تبطل الحكم، وأخطاءً في الوقائع تسببت في إساءة تطبيق العدالة".
وأبطلت غرفة الاستئناف بالإجماع، حكمي تبرئة مرعي وعنيسي، وأدانتهما بالتآمر بهدف "ارتكاب عمل إرهابي"، و"الاشتراك في القتل العمد"، و"الاشتراك في محاولة القتل العمد".
وصدرت أوامر اعتقال بحق المتهمين، ولا يعرف مكان وجودهما. وقال المدعي العام الكندي، نورمان فاريل، إن "الأفعال التي أدينوا بها كانت قاسية ومتلاعبة".