عضوان بـ"الشيوخ" يطالبان بعملية "أكثر بساطة" لتوصيل الدعم إلى القطاع

قرارات تعسفية وأسباب غامضة.. شهادة أميركية بشأن "مساعدات غزة"

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين تنتظر في طريقها إلى معبر رفح الحدودي لدخول غزة. 12 نوفمبر 2023 - Reuters
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين تنتظر في طريقها إلى معبر رفح الحدودي لدخول غزة. 12 نوفمبر 2023 - Reuters
دبي-الشرق

وصف عضوان بمجلس الشيوخ الأميركي آلية إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بأنها عملية عبور "مرهقة"، وتشهد قرارات رفض "تعسفية"، مع غياب نظام لتأمين الشحنات، حسبما نقلت عنهما وكالة "أسوشيتد برس".

وقال العضوان الديمقراطيان كريس فان هولين، وجيف ميركلي إنها عملية "مرهقة"، وتؤدي إلى إبطاء إغاثة سكان القطاع المحاصر، مرجعين سبب ذلك بنسبة كبيرة إلى عمليات التفتيش الإسرائيلية لشحنات المساعدات، مع رفض "تعسفي" على ما يبدو لدخول المعدات الإنسانية الحيوية.

وتابعا: "إضافة إلى ذلك فإن النظام الذي يضمن عدم تعرض شحنات المساعدات للاستهداف من قِبَل القوات الإسرائيلية داخل غزة معطل تماماً".

وأضاف ميركلي، ومعه فان هولين خلال مؤتمر صحافي في العاصمة المصرية القاهرة: "ما أذهلني في زيارة المعبر (الجمعة) هو عدد الشاحنات التي تحمل المساعدات والتي تمتد لعدة كيلومترات، فصحيح أننا لم نتمكن من عدها، ولكن كان هناك المئات منها".

وقال فان هولين وميركلي: "من الضروري التوصل لعملية أكثر بساطة لإدخال المساعدات إلى غزة".

السيناتور الأميركي كريس فان هولين (يسار) والسيناتور الأميركي جيف ميركلي (يمين) يتحدثان إلى الصحافة أثناء زيارتهما للجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع جنوب قطاع غزة. 5 يناير 2024.
السيناتور الأميركي كريس فان هولين (يسار) وزميله جيف ميركلي (يمين) يتحدثان إلى الصحافة أثناء زيارتهما للجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع جنوب قطاع غزة. 5 يناير 2024. - AFP

وخلال زيارتهما مصر، التي استمرت 3 أيام، التقى المسؤولان الأميركيان بمسؤولين مصريين وأعضاء وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة غير حكومية تعمل في غزة، كما تحدَّثا، الجمعة، في رفح أيضاً مع الأطباء الذين خرجوا من غزة وسائق شاحنة كان ينتظر الدخول.

شهادة على التعسف

وقال عضوا مجلس الشيوخ الأميركي إنهما شاهدا مستودعاً في رفح مليء بالمواد التي رُفِضَت في التفتيش، وتضمنت هذه المساعدات أسطوانات أكسجين ومولدات تعمل بالغاز وخيام ومستلزمات طبية تُستخدم في عمليات الولادة.

وأكد عمال الإغاثة لعضوي مجلس الشيوخ أنه تم رفض دخول الخيام، لأنها تحتوي على أعمدة معدنية، أما الأدوات الطبية فذلك لأنها تحتوي على مشارط، كما أنه من الممنوع أيضاً دخول معظم المعدات التي تعمل بالطاقة الشمسية، وذلك رغم كونها حيوية في غزة، حيث انهارت الكهرباء المركزية وهناك نقص في كمية الوقود اللازم لتشغيل المولدات. وقال فان هولين: "كان هذا المستودع بمثابة شهادة على مدى تعسف العملية".

وذكر عضوا مجلس الشيوخ أن هناك إجراءات أخرى تتعلق بالشحنات التي تحصل على موافقة مسبقة، ولكن الأمر قد يستغرق أسابيع، وحتى العناصر التي تحصل على هذه الموافقة المسبقة قد تُرْفَض أحياناً أثناء التفتيش.

ووفقاً للوكالة، فإن بعد التفتيش يتم التعامل مع الشاحنات باعتبارها "معقمة" ولا يسمح لسائقيها بالتعامل مع أي شخص، إذ يقول عضوا مجلس الشيوخ إنه قيل لهما إن أحد سائقي الشاحنات قد أُعيد بعد أن أحضر له أحد الأفراد فنجاناً من القهوة، وذلك لأن الأمر يمثل انتهاكاً للقواعد.

ويقول ميركلي إن "العملية تتعارض تماماً مع وجود أزمة إنسانية بهذا الحجم، إذ يجب أن تكون هناك عملية مبسطة تحترم مخاوف إسرائيل بشأن الاستخدامات العسكرية المحتملة للسلع، ولكنها تتعامل أيضاً وفقاً لمستوى الوضع الحالي".

أسباب غامضة

وقال فان هولين وميركلي، إنه يمكن للشاحنات التي تحمل المساعدات أن تنتظر لأسابيع على الحدود حتى تنهي الإجراءات اللازمة، حسبما أخبرهم مسؤولو الإغاثة، إذ يدخلون من الجانب المصري من الحدود، ويقودون سياراتهم إلى المنشأة الإسرائيلية في معبر "نيتسانا" الحدودي للخضوع للتفتيش من قِبَل الجيش، ثم يعودون إلى رفح للعبور إلى غزة، أو إلى كرم أبو سالم للتفتيش والدخول من هناك.

ويعمل معبر كرم أبو سالم لمدة 8 ساعات فقط في اليوم، ويغلق أبوابه هو ومنشأة "نيتسانا" خلال جزء من الجمعة وطوال السبت، ويقول فان هولين: "ما يحدث هناك أزمة إنسانية على مدار 24 ساعة في اليوم".

من جانبها، تقول إسرائيل إن عمليات التفتيش هذه ضرورية لمنع وصول المواد ذات الاستخدامات العسكرية إلى "حماس".

وأثناء هذه العملية، تُفَرَّغ الشحنات ويعاد تحميلها مرات عدّة. وقال فان هولين، وهو سيناتور ديمقراطي، إنه في حال رفض المفتشون عنصراً واحداً في الشاحنة، فإنها تضطر إلى العودة بكامل حمولتها لإعادة تعبئتها، لتبدأ العملية التي تستغرق أسابيع من جديد. ويقول ميركلي إنه "غالباً ما تكون أسباب الرفض غامضة جداً، ويتم توصيلها بشكل غير رسمي، وفي بعض الأحيان تكون الأسباب غير منطقية أبداً".

توصيات ضرورية

وقال عضوا مجلس الشيوخ، وكلاهما عضو في لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، إنهما يعكفان الآن على إعداد توصيات لإجراء تغييرات في العملية.

وذكر فان هولين وميركلي أن الأمم المتحدة وعمال الإغاثة الآخرين بدورهم تحدثوا عن معاناتهم من مشاكل واسعة النطاق في توزيع المساعدات، إذ إنهم يضطرون لتقنين كمية الوقود الصغيرة التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى غزة بين المستشفيات والمخابز وشاحنات المساعدات على سبيل المثال، كما أن الانهيارات المتكررة لنظام الاتصالات، أو عدم القدرة على إعادة شحن بطاريات الهاتف، تجعل الاتصال والتنسيق مع فرق الإغاثة أمراً مستحيلاً.

وتابع عضوا مجلس الشيوخ: "كما أن ترتيب ممر آمن لتوصيل المساعدات يمثل تحدياً هائلاً، فعلى الرغم من أن جماعات الإغاثة تبلّغ الجيش الإسرائيلي بتحركاتها، فإنها حتى عندما يكون لديها ضمانات بأن المنطقة آمنة، تتعرض للقصف في بعض الأحيان". وقال ميركلي: "لا يوجد مكان هناك خال من الصراعات، ولذا فإن التحرك لا يُعد آمناً بالنسبة لهم".

معدل تدفق منخفض

وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل، منذ أسابيع للسماح بدخول كميات أكبر من الغذاء والماء والوقود والأدوية وغيرها من الإمدادات إلى غزة، وقد أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قراراً في 22 ديسمبر الماضي يدعو إلى زيادة فورية في عمليات إدخال المساعدات، وقبل 3 أسابيع، فتحت تل أبيب معبر كرم أبو سالم، وهو ما يمثل نقطة دخول ثانية للمساعدات بجانب معبر رفح.

ومع ذلك، فإن معدل دخول الشاحنات لم يرتفع بشكل ملحوظ، إذ دخل هذا الأسبوع نحو 120 شاحنة يومياً عبر معبري رفح وكرم أبو سالم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، وهو عدد أقل بكثير من الـ500 شاحنة من البضائع التي كانت تدخل يومياً إلى القطاع قبل الحرب وأقل بكثير أيضاً، مما تقول جماعات الإغاثة إنه مطلوب في الوقت الحالي.

ويعتمد جميع سكان القطاع تقريباً على الشاحنات القادمة عبر الحدود من أجل البقاء على قيد الحياة، إذ يعاني واحد من كل 4 فلسطينيين في غزة من الجوع، ويواجه الباقون مستويات أزمة الجوع، وفقاً للأمم المتحدة.

واضطر أكثر من 85% من سكان غزة إلى النزوح من منازلهم، بسبب القصف الإسرائيلي والهجمات البرية، ويعيش معظمهم في ملاجئ تابعة للأمم المتحدة مكتظة بما يتجاوز طاقتها عدة مرات، وذلك في مخيمات، أو في الشوارع، كما تكتظ المستشفيات القليلة العاملة بالجرحى والمرضى وسط تفشي الأمراض، مع انهيار أنظمة الصرف الصحي.

اتهامات إسرائيلية

وفي حديثه للصحافيين في تل أبيب، الأسبوع الماضي، اعترف إيلاد جورين، وهو مسؤول كبير في الهيئة العسكرية الإسرائيلية المشرفة على الشؤون المدنية الفلسطينية المعروفة باسم COGAT، بأن إجراءات التفتيش الأمنية الإسرائيلية هذه يمكن أن تعرقل توصيل المساعدات بشكل سريع، لكنه ألقى باللوم إلى حد كبير على الوكالات الدولية والأمم المتحدة في التسبب في هذه العرقلة.

وبسؤاله عن عدم السماح بدخول بعض المعدات الطبية، قال جورين: "أريد أن أوضح أننا لا نرفض أي شيء يقع تحت 4 عناوين رئيسية: الغذاء والماء والإمدادات الطبية والملاجئ".

وأضاف جورين أنه يتعين على الأمم المتحدة زيادة عدد العاملين وساعات العمل واستخدام المزيد من الشاحنات لتوصيل المساعدات، مضيفاً: "الوضع الإنساني في غزة تحت السيطرة وهناك ما يكفي من الغذاء".

تصنيفات

قصص قد تهمك