دعت وزارة الدفاع الصينية، الأربعاء، الولايات المتحدة، إلى التوقف عما وصفته بـ"الاستفزازات" في بحر الصيني الجنوبي، وتقليل التحركات البحرية الأميركية فيه، فيما شدد مسؤولون أميركيون على أهمية الحفاظ على الاتصالات بين الجيشين "لمنع تحول المنافسة بين القوتين إلى مواجهة عسكرية مباشرة"، ويأتي ذلك في وقت تمثّل فيه انتخابات تايوان نقطة اشتعال محتملة بين بكين وواشنطن.
واستأنفت الولايات المتحدة والصين، الثلاثاء، المحادثات العسكرية المباشرة، والتي تم تجميدها بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان في صيف عام 2022، وهو تطور قال مسؤولون أميركيون إنه "أساسي" و"ضروري".
وقالت وزارة الدفاع الصينية في بيان، نشر عقب المحادثات التي جرت يومي الاثنين والثلاثاء، إن "الصين لن تتنازل أبداً، أو تتراجع في مسألة تايوان"، مشيرة إلى أنّ بكين تدعو واشنطن إلى "التوقف عن تسليح تايوان"، كما حثت على الالتزام بمبدأ "صين واحدة".
وذكرت أن بكين طلبت أيضاً من واشنطن الحد من الانتشار العسكري والاستفزازات في بحر الصين الجنوبي، مؤكدة على ضرورة أن تكون العلاقات العسكرية بين البلدين قائمة على "المساواة والاحترام".
وأضاف البيان "يتعيّن على الولايات المتّحدة أن تفهم بالكامل الأسباب الجذرية لقضايا الأمن البحري والجوي، وأن تكبح بشكل صارم جماح قواتها على الخطوط الأمامية، وأن تتوقف عن المبالغة والضجيج".
وفي بيانها شددت وزارة الدفاع الصينية، على أنّ "الجانب الصيني أوضح أيضاً موقفه الرسمي ومخاوفه الرئيسية بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية للصين والقضايا الدولية الساخنة".
محادثات واشنطن
وأجرى المسؤولون العسكريون الأميركيون والصينيون، أول محادثات رسمية لهم منذ أكثر من عامين في إطار متابعة واشنطن وبكين اتفاقاً توصل إليه الرئيس جو بايدن، ونظيره شي جين بينج في نوفمبر 2023.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، إن كبار مسؤولي الدفاع أجروا مناقشات على مدى يومين هذا الأسبوع فيما كانت أول "محادثات تنسيق السياسات الدفاعية" منذ آخر مشاركة سنوية سابقة في عام 2021.
وترأس مايكل تشيس، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون السياسة الصينية، المحادثات مع اللواء سونج يانتشاو، نائب مدير مكتب اللجنة العسكرية المركزية الصينية للتعاون العسكري الدولي.
وقال البنتاجون، إن تشيس شدد على أهمية الحفاظ على الاتصالات بين الجيشين "لمنع تحول المنافسة إلى صراع". كما أثار مخاوف بشأن قيام الصين بمضايقة السفن الفلبينية في بحر الصين الجنوبي، وهي قضية أصبحت مثيرة للجدل بشكل متزايد، وفق "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وتأتي المحادثات قبل أيام فقط من إجراء تايوان انتخابات رئاسية. وتراقب الولايات المتحدة الموضوع عن كثب من أجل معرفة ردود أفعال الجيش الصيني على نتائج الانتخابات في تايوان، التي تطالب بكين بالسيادة عليها.
وفي عام 2022، رفضت الصين، استئناف المحادثات كخطوة احتجاجية بعد أن قامت رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي بزيارة تايوان. ووافق الرئيس الصيني في أعقاب لقائه مع بايدن على استئناف محادثات تنسيق سياسة الدفاع بين الولايات المتحدة والصين DPCT، وقناة أخرى تسمى الاتفاقية الاستشارية البحرية العسكرية MMCA.
مخاوف إقليمية
وشددت الولايات المتحدة على ضرورة إجراء محادثات، لا سيما مع تزايد المخاوف بشأن كيفية تعامل الطائرات المقاتلة الصينية مع الطائرات الأميركية والطائرات المتحالفة التي تحلق في مهام المراقبة فوق بحر الصين الجنوبي.
وقبل قمة بايدن وشي في سان فرانسيسكو، قال البنتاجون، إن المقاتلات الصينية أجرت مئات عمليات الاعتراض الجوي "المحفوفة بالمخاطر والقسرية" ضد الطائرات التي كانت تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها على مدى العامين الماضيين.
وانتقدت الصين، الولايات المتحدة، لقيامها بمهام مراقبة على سواحلها، لكن البنتاجون يرفض ذلك، ويؤكد أن طائرات التجسس التابع له تحلق بشكل قانوني في المجال الجوي الدولي.
وفي إشارة إيجابية، قال الأدميرال جون أكويلينو، رئيس القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الشهر الماضي، إن الصين قلصت على ما يبدو مناوراتها الجوية الخطيرة منذ قمة فرانسيسكو بين بايدن وشي. وفي حديثه في طوكيو، قال إنها ستكون "نتيجة إيجابية لا تصدق" إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه.
وقال متحدث باسم قيادة المحيطين الهندي والهادئ، إن الصين لم تشارك في أي سلوك جوي قسري أو محفوف بالمخاطر في الأسابيع التي تلت حديث أكويلينو في طوكيو.
تحسن الاتصالات
وقبيل انعقاد محادثات تنسيق سياسة الدفاع بين الولايات المتحدة والصين في واشنطن، قال مسؤول دفاعي أميركي إن استئناف المحادثات كان "مهماً" لكن البنتاجون كان "واضحاً" بشأن التحديات.
وقالت بوني جلاسر، خبيرة الشؤون الصينية في صندوق مارشال الألماني: "هدف الولايات المتحدة هو تحقيق المزيد من المشاركة المستدامة مع جيش التحرير الشعبي للحد من مخاطر وقوع حوادث، وتجنب المفاهيم الخاطئة، وتعزيز الاتصالات في الأزمات".
وكان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد صافح نظيره الصيني آنذاك لي شانج فو في منتدى حوار شانجريلا الدفاعي في سنغافورة في مايو من العام الماضي. لكن الصين رفضت عقد اجتماع فعلي؛ لأن الولايات المتحدة أبقت على العقوبات المفروضة على الجنرال.
وفي أكتوبر، عزل الرئيس الصيني، وزير الدفاع بسبب تحقيق فساد، وظل المنصب مفتوحاً حتى تعيين دونج جون، القائد السابق للبحرية الصينية، في ديسمبر. ويمهد تعيين دونج الطريق للقاء محتمل مع أوستن هذا العام، وفق "فاينانشيال تايمز".
وفي شهر ديسمبر الماضي، أجرى الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، أول اتصال هاتفي له مع نظيره الصيني الجنرال ليو زينلي، في علامة أخرى على تحسن الاتصالات بين الجيشين.
وقال وزير الخارجية الصيني، وانج يي، الثلاثاء، إن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة "استقرت" العام الماضي 2023، فيما تعزز القوتان الاقتصاديتان الحوار لتجاوز خلافاتهما.
وأكد وانج يي: "بفضل جهود حثيثة، عاود الطرفان الحوار والتواصل وتوقف تدهور العلاقات وشهدت استقراراً".
وفي سياق عرضه حصيلة التحرك الصيني الدبلوماسي، أقر الوزير بأن العلاقات مع الولايات المتحدة "شهدت صعوبات خطرة" في مطلع عام 2023.
وأوضح أن بكين "عبرت بوضوح عن موقفها، واشترطت أن تغير الولايات المتحدة فهمها للصين، وتعود إلى سياسة منطقية وبراجماتية".