رئيس أذربيجان: "شروط" توقيع اتفاق سلام مع أرمينيا "تهيّأت"

رئيس أذربيجان إلهام عليف خلال إلقاء خطاب بمناسبة السنة الجديدة. باكو، أذربيجان. 1 يناير 2024 - AFP
رئيس أذربيجان إلهام عليف خلال إلقاء خطاب بمناسبة السنة الجديدة. باكو، أذربيجان. 1 يناير 2024 - AFP
باكو-أ ف بأ ف ب

اعتبر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الأربعاء، أنّ "الشروط تهيّأت" لتوقيع اتفاق سلام مع أرمينيا، جارة بلاده وخصمها الرئيسي، مؤكّداً أنه لا يريد "حرباً جديدة" بين البلدين، لكنه جدد الهجوم على فرنسا بقوله إنها تجهز يريفان لحرب جديدة.

وقال علييف في مقابلة تلفزيونية إن "الأهمّ اليوم هو أن ظروفاً حقيقية لتوقيع معاهدة سلام قد تأمنت"، وأضاف: "لهذا السبب ينبغي علينا أن نعمل بجد على النص".

لكن هذا التفاؤل يتعارض مع الحذر الذي يبديه المراقبون بشأن مدى التقدم المحرز بين البلدين القوقازيين في المحادثات الجارية بينهما، مؤكدين أن خلافات كثيرة ما زالت تباعد بينهما.

وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربين، الأولى في تسعينيات القرن الماضي والثانية في 2020، وكان السبب في كلا هذين النزاعين هو السيطرة على جيب ناجورنو قره باغ الذي استعادته قوات باكو أخيراً في سبتمبر الماضي.

وفي ديسمبر الماضي، أجرت الدولتان عملية تبادل سجناء اعتُبرت بمثابة اختراق دبلوماسي وأحيت الآمال بإمكان إبرام اتفاق سلام، لكن التوترات لا تزال مرتفعة والحوادث المسلحة تقع باستمرار على الحدود بين البلدين.

وقال علييف إنه "متأكد من أنه لن تكون هناك حرب جديدة" مع أرمينيا، وأضاف: "سأبذل كل ما في وسعي لمنع ذلك. كفانا، كفانا حروباً".

توتر مع باريس

وفي مقابلته، اتهم الرئيس الأذربيجاني باريس التي توترت علاقتها مع بلاده بأنها "السبب في تدهور الوضع في القوقاز"، وقال إن فرنسا "تجهز أرمينيا لحرب جديدة" من خلال تزويدها بالسلاح.

وتتهم أذربيجان فرنسا بدعم أرمينيا سياسياً وعسكرياً في محاولة لإثارة توترات في منطقة جنوب القوقاز. وفي نوفمبر الماضي، اتهم علييف باريس بتشجيع "حروب جديدة" من خلال تسليح أرمينيا.

وأوقفت باكو الفرنسي مارتان ريان في 4 ديسمبر بشبهة "التجسس"، في ما اعتبرته باريس أمراً "تعسفياً" وطالبت بالإفراج الفوري عنه، لكن وزارة الخارجية الأذربيجانية قالت إن "هذا الموقف الذي لا أساس له هو محاولة أخرى لتحوير الواقع والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد"، مؤكدة أن مسؤولين في السفارة الفرنسية زاروا الموقوف أكثر من مرة.

وتصاعد التوتر الدبلوماسي بين باريس وباكو مع طرد دبلوماسيين من البلدين. وفي 27 ديسمبر، قررت فرنسا طرد اثنين من الدبلوماسيين الأذربيجانيين في إطار "المعاملة بالمثل" بعد إعلان باكو طرد دبلوماسيَّين فرنسيين.

وساطة أوروبية متعثرة

والتقى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف عدة مرات لإجراء محادثات التطبيع بوساطة أوروبية، غير أن العملية تعثرت خلال الشهرين الماضيين بسبب فشل جولتين من المفاوضات.

وفي منتصف نوفمبر الماضي، رفضت أذربيجان المشاركة في مفاوضات مع أرمينيا كان من المقرر عقدها بالولايات المتحدة في 20 من الشهر نفسه، بسبب ما وصفته باكو بموقف واشنطن "المنحاز".

وفي أكتوبر الماضي، رفض علييف المشاركة في مفاوضات مع باشينيان في إسبانيا، بسبب "تصريحات مؤيدة لأرمينيا صادرة عن مسؤولين فرنسيين". وكان من المقرر أن ينضم كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل في الوساطة.

وتأتي الوساطة الغربية وسط تراجع النفوذ الروسي في أرمينيا، إذ إن تحالف موسكو لأعوام مع يريفان التي تملك فيها روسيا منشآت عسكرية، ومعاهدة الدفاع المبرم بينهما ساعدت على ردع باكو عن استخدام القوة قبل أن تبدأ علاقاتهما في التدهور عام 2018.

ويرجع التدهور بشكل أساسي إلى قيادة باشينيان، وهو صحافي سابق، احتجاجات في الشوارع صعّدته إلى السلطة على حساب عدد كبير من الزعماء الأرمن الموالين لروسيا.

واستغل علييف حساسية الموقف، وشن عام 2020 حرباً استمرت 44 يوماً انتصر فيها جيشه بمساعدة من طائرات مسيرة تركية متقدمة، ما قادهم إلى استعادة جزء من أراضي قره باغ.

وتوسطت روسيا حينها في وقف لإطلاق النار بدا أنه انتصار لموسكو، ما سمح لها بنشر قرابة ألفي جندي حفظ سلام في قره باغ.

وأكسبت الخطوة موسكو حضوراً عسكرياً في أذربيجان، فيما بدا أنه تهدئة لأي تحركات عسكرية إضافية من طرف أذربيجان. لكن الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022 غيّر المعادلة من جديد، إذ أدخل موسكو في حرب ضروس مع كييف.

تصنيفات

قصص قد تهمك