أكدت وزيرة خارجية كوريا الشمالية تشوي سون هوي، الأحد، استعداد بلادها لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك في أحدث مؤشر إلى التقارب بين البلدين الجارين، ووسط مخاوف وتحذيرات غربية.
وقالت "هوي"، لـ"بوتين" خلال زيارتها موسكو، الثلاثاء الماضي، إن كوريا الشمالية "مستعدة لاستقبال أقرب أصدقاء الشعب الكوري بأكبر قدر من الإخلاص"، وفق بيان أصدره مكتبها.
فيما أبدى بوتين عزمه زيارة بيونج يانج في وقت قريب، حسبما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية.
وستكون هذه أول زيارة يقوم بوتين إلى كوريا الشمالية منذ أكثر من عقدين، إذ بعد توليه السلطة خلفاً لبوريس يلتسين في 1999، زار بوتين كوريا الشمالية في يوليو 2000، لعقد اجتماع مع كيم جونج إيل، والد كيم جونج أون.
وعبّرت روسيا لكوريا الشمالية عن "شكرها العميق (...) لتقديمها دعمها الكامل وتضامنها مع موقف روسيا حكومة وشعباً بشأن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا"، وهو الاسم الذي أطلقته موسكو على حربها التي تخوضها مع جارتها منذ فبراير 2022.
وبحثت "هوي"، الأسبوع الماضي في موسكو مع بوتين ونظيرها سيرجي لافروف، اتفاقات مبرمة بين بلديهما.
ونقل "الكرملين" عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قوله خلال لقائه مع نظيرته الكورية الشمالية: "نؤكد موقفنا المبدئي الداعم للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للمشاكل القائمة، وما زلنا ندعو إلى إقامة عملية تفاوض دون أي شروط مسبقة من أجل تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في جميع أنحاء شمال شرق آسيا"، وفق وكالة "سبوتنيك" الروسية.
"لا موعد حتى الآن"
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا تأمل أن تتم زيارة بوتين لكوريا الشمالية بناء على دعوة كيم "في المستقبل القريب"، لكنه أضاف أنه لم يتم الاتفاق على موعد حتى الآن.
وأشار تقرير وكالة الأنباء المركزية الكورية باللغة الكورية، الأحد، إلى أن بوتين يعتزم زيارة بيونج يانج في وقت قريب، لكن تقريرها الأخير باللغة الإنجليزية قال إنه "يرغب" في القيام بذلك في وقت قريب.
وذكر التقرير أن موسكو وبيونج يانج أعربتا أيضاً عن قلقهما البالغ إزاء الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الحقوق السيادية لكوريا الشمالية، بينما اتفقتا على التعاون في التعامل مع الوضع الإقليمي.
أسلحة كورية شمالية تضرب أوكرانيا
وقال مساعد الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، خلال الأسبوع الأول من العام الجاري، إن روسيا قصفت أوكرانيا بصواريخ زودتها بها كوريا الشمالية لأول مرة منذ بداية الحرب، وهو ما يؤكد تصريحات سابقة صادرة من واشنطن.
وفي تغريدة عبر منصة "إكس"، أوضح بودولياك: "لم يعد هناك أي تمويه.. كجزء من حرب الإبادة الجماعية الصريحة، ضربت روسيا الاتحادية لأول مرة أراضي أوكرانيا بصواريخ تلقتها من كوريا الشمالية".
كما اتهم البيت الأبيض، كوريا الشمالية بنقل صواريخ باليستية ومنصات إطلاق إلى روسيا، فيما وصفه بـ"التصعيد الكبير والمثير للقلق" في دعمها للجهد الحربي الروسي.
واستخدمت روسيا، صواريخ حصلت عليها من بيونج يانج، ويبلغ مداها نحو 900 كيلومتر، في هجمات ضد أوكرانيا، بحسب مسؤولين أميركيين.
بدورها، اتهمت كوريا الجنوبية، بيونج يانج، بتزويد موسكو بأكثر من مليون قذيفة مدفعية مقابل الحصول على مساعدة تكنولوجية لأقمارها الصناعية العسكرية.
وقالت الولايات المتحدة في أكتوبر 2023، إن كوريا الشمالية سلمت روسيا، أكثر من ألف حاوية محملة بمعدات عسكرية وذخائر.
تعاون دفاعي شامل
وفي ديسمبر الماضي، قال رئيس الأركان العامة الروسي فاليري جيراسيموف، للملحقين العسكريين الأجانب، إن روسيا دشنت تعاوناً دفاعياً "شاملاً" مع كوريا الشمالية، وكذلك تواصل شراكتها الاستراتيجية مع الهند والصين.
وأوضح جيراسيموف: "مسار تطوير شراكة استراتيجية شاملة مع بكين ونيودلهي مستمر.. ودشنّا تعاوناً فعالاً وشاملاً مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية".
وأظهرت روسيا، وكوريا الشمالية، الحليفتان منذ أمد طويل، تقارباً منذ زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، إلى الشرق الأقصى الروسي في سبتمبر 2023 للقاء الرئيس الروسي بوتين.
وعززت بيونج يانج وموسكو علاقاتهما في الآونة الأخيرة، خصوصاً من خلال زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون النادرة لأقصى الشرق الروسي في سبتمبر الماضي، إذ في ختام زيارته تلك، دعا كيم بوتين إلى زيارة كوريا الشمالية.
وزار مسؤولون روس كبار، بينهم وزيرا الدفاع والخارجية، كوريا الشمالية عام 2023، ما أثار مخاوف من صفقة أسلحة محتملة، إذ يتهم الغرب بيونج يانج وموسكو بالعمل معاً، لدعم الغزو الروسي لأوكرانيا، وتزعم بعض الدول مثل الولايات المتحدة أن كوريا الشمالية تزود روسيا بأسلحة.
تحرك دولي خلف أميركا
حذا نحو 50 بلداً، خلال الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، حذو الولايات المتحدة في اتهام كوريا الشمالية بإمداد روسيا بصواريخ، مطالبين بوضع حد فوري لهذا التعاون.
وفي بيان مشترك، أدان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ومعهما وزراء خارجية 47 بلداً "بأشد العبارات" الدعم الكوري الشمالي لروسيا.
وجاء في البيان المشترك أن "الإمداد بهذه الأسلحة يفاقم معاناة الشعب الأوكراني، ويدعم الحرب العدوانية لروسيا، ويقوض النظام العالمي للحد من انتشار الأسلحة".
واعتبر موقّعو البيان أن تسليم هذه الصواريخ يشكل انتهاكاً "صارخاً" للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على كوريا الشمالية، وتابع البيان: "نراقب من كثب ما تقدمه روسيا لكوريا الشمالية مقابل هذه الأسلحة".
ودعا الموقعون على البيان كلاً من موسكو وبيونج يانج إلى احترام القرارات الأممية و"وضع حد فوري لكل الأنشطة التي تنتهكها".