القارة العجوز تخشى طموح روسيا في ظل تعثر تمرير المساعدات الأميركية لأوكرانيا

وسط مخاوف من "عواقب وخيمة".. كيف يمكن لأوروبا الاستعداد لولاية ترمب الثانية؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أمام بوابة نادي ترمب الوطني للغولف في نيو جيرسي، الولايات المتحدة. 13 يونيو 2023 - REUTERS
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أمام بوابة نادي ترمب الوطني للغولف في نيو جيرسي، الولايات المتحدة. 13 يونيو 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

رصدت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، مخاوف أوروبا من احتمالية عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، إذ لفتت إلى ارتياح العديد من العواصم الأوروبية لولاية جو بايدن في عام 2020، لكن باتت هناك حقيقة صارخة تحل محل هذا الشعور، وهي أنه لن يستمر لفترة طويلة.

وأضافت المجلة، الأربعاء، أنه بعد فوز ترمب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نيوهامشر، الشهر الماضي، فإنه يكاد يكون من المؤكد أنه سيواجه بايدن في الانتخابات الرئاسية، المقررة في نوفمبر المقبل، مشيرة إلى أن الرئيس السابق يتقدم على الحالي في بعض استطلاعات الرأي، وهناك فرصة حقيقية لفوزه بولاية ثانية. 

ولفتت إلى أنه حتى في ظل وجود بايدن في البيت الأبيض، كان على أوروبا أن تخفف من حجم توقعاتها، بشأن حدود الانخراط الأميركي في شؤون القارة وطبيعة سياسة الولايات المتحدة نفسها، موضحة أنه مع دخول الحرب في أوكرانيا، العام الثالث، بات دعم واشنطن لكييف متعثراً؛ بسبب قيام المشرعين الجمهوريين اليمينيين، بتعطيل تمرير المساعدات لكييف. 

"عواقب وخيمة"

ورأت "فورين بوليسي" أنه في حال عاد شخصاً انعزالياً مثل ترمب إلى البيت الأبيض، فقد تكون "العواقب وخيمة" على الأمن الأوروبي، كما أنه بدون استمرار الدعم الأميركي للقارة، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يتجرأ على العمل، لتحقيق أهدافه التي وصفتها بأنها "متطرفة"، وتحطيم النظام الأمني في أوروبا. 

وتابعت: "لقد انتبه القادة الأوروبيون إلى هذه الحقيقة، ولذا حان الوقت، للقيام باستعدادات جادة لتعزيز دفاعهم في حال فوز ترمب بولاية ثانية، إذ لم يؤد الغزو الروسي ومطامعه في دول أوروبية أخرى، سوى إلى زيادة المخاطر في القارة". 

وأشارت المجلة، إلى أن كيفية استعداد أوروبا لاحتمال ظهور زعيم أميركي متعاطف مع بوتين، يمكن أن تحدد ما إذا كانت كييف ستتمكن من النجاة من هجوم موسكو المستمر، وتحقيق اختراق في ساحة المعركة العام المقبل. 

ووفقاً للمجلة، فإن الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا في عام 2022، أدى إلى جعل نقاط الضعف الأمنية في أوروبا واعتمادها على الولايات المتحدة، واضحين للجميع، كما كشفت عن الوضع السيئ لمخزونات الذخيرة في القارة، وعدم قدرتها على إنتاج الكمية الكافية من المواد اللازمة للقتال الحديث، فضلاً عن تراجع مستوى الاستعداد القتالي للقوات إلى حد مثير للقلق.

وأكدت حرب أوكرانيا أهمية الدعم العسكري الأميركي من أجل بقاء كييف، وكذلك عن مدى أهمية التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على التأثير الرادع لآلية الدفاع الجماعي، التابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو". 

وذكرت المجلة، أن الرئيس الروسي، كان قد أوضح أن طموحاته تمتد إلى ما هو أبعد من كييف، قائلة إن تصريحاته مثيرة للقلق للغاية، لدرجة أن بعض القادة الأوروبيين باتوا يحذرون من أن روسيا قد تهاجم دولة عضو في الناتو خلال السنوات المقبلة، كما باتت دول خط المواجهة في أوروبا الشرقية، والتي تعد من بين أكبر المؤيدين لأوكرانيا، تعمل على زيادة الإنفاق الدفاعي. 

ومع ذلك، فإن حجم الجهود الجادة التي تهدف إلى تعزيز الإنتاج الدفاعي الأوروبي، لإنتاج ما يكفي من الأسلحة أو المواد اللازمة، لتلبية احتياجات أوكرانيا الحالية يبدو صغيراً جداً، ناهيك عن احتياجات أوروبا في حال لم تتمكن من الاعتماد على الولايات المتحدة للدفاع عنها.

رفاهية الانتظار

الصحيفة قالت: رغم أن عملية زيادة الإنتاج الدفاعي تسير ببطء، ومواجهة الاتحاد الأوروبي لعقبات تحول دون تزويد شركات الدفاع بالعقود طويلة الأجل اللازمة لإحداث الفارق في أوكرانيا، إلا أنه يتعين على المجلس الأوروبي، في اجتماعه المقبل، أن يدرس الأفكار القائمة بجدية لتعزيز الدفاع في أوروبا، مثل الاقتراض المشترك، الذي يحظى بتأييد فرنسا، وإستونيا، أو اقتراح التمويل طويل الأجل للمشاريع العسكرية للاتحاد. 

وعلاوة على ذلك، يتعين على أوروبا أن تستعد لقمة حلف الناتو، المقرر عقدها هذا الصيف في واشنطن، بأجندة استباقية ومقترحات لتعزيز استعداد الحلف ودفاعه الجماعي، بحسب المجلة. 

وكانت قمة العام الماضي في العاصمة الليتوانية، فيلنيوس، قد شهدت موافقة الأعضاء على كافة آراء الولايات المتحدة بشأن معظم القضايا، لا سيما فيما يتعلق بتفضيل بايدن تجميد دعوة عضوية الناتو إلى كييف، رغم الحماس المتزايد بين بعض الأعضاء لمثل هذه الخطوة، ورغم أن انضمام كييف إلى الحلف يظل قضية بالغة الأهمية، فلا ينبغي لهذا الأمر أن يمنع قمة 2024 من تحقيق تقدم حقيقي في قضايا الدفاع الجماعي الأخرى. 

ورأت المجلة أنه يتعين على الزعماء الأوروبيين أن يضعوا خططاً واضحة لزيادة الإنفاق الدفاعي المحلي والعمل مع الولايات المتحدة، لتحقيق تقدم ملموس في تعزيز القدرات. 

ولا يزال صناع السياسة الجمهوريون، الذين يقوضون المصالح الأميركية من خلال انخراطهم في صراعات حزبية على السلطة، يشكلون تهديداً كبيراً لأمن الولايات المتحدة وأوروبا، ولذا فإن استمرار حالة عدم الاستقرار في واشنطن يجب أن تضيف زخماً إلى الجهود التي تبذلها القارة، من أجل تولي قدر أكبر من مسؤولية أمنها، بحسب رؤية المجلة.

واختتمت المجلة تقريرها قائلة إنه حتى لو لم يعد ترمب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، فإن أوروبا لا تملك رفاهية الانتظار لإدراك مدى ضرورة تعزيز قدراتها الدفاعية، وذلك لأن الاستثمارات الكبيرة في القدرات الدفاعية الأوروبية تشكل أهمية بالغة لتلبية الاحتياجات الأمنية لأوروبا الحديثة، وعدم تقويض الناتو، فضلاً عن أنها ستؤدي إلى تعزيز التحالف عبر الأطلسي، وتعزيز قدرة القارة على الوقوف في مواجهة التهديد العسكري الأكبر الذي تواجهه منذ 75 عاماً.

تصنيفات

قصص قد تهمك