رغم تحذيرات مصر الخاصة بـ"محور فلادلفيا".. وزير الدفاع الإسرائيلي يلوح إلى فصل جديد من الحرب

إسرائيل تعيد تموضع قواتها ببعض مناطق خان يونس.. وترقب بشأن الانتقال إلى "مرحلة رفح"

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة بينما تستمر المواجهات مع الفصائل الفلسطينية. 2 فبراير 2024 - AFP
جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة بينما تستمر المواجهات مع الفصائل الفلسطينية. 2 فبراير 2024 - AFP
دبي/ غزة -الشرقوكالات

بدأ الجيش الإسرائيلي، الجمعة ومساء الخميس، "انسحاباً تكتيكياً" من بعض مناطق خان يونس، وأعاد تموضع قواته، حيث تراجعت الدبابات فجراً من أطراف مخيم خان يونس والمناطق الغربية للمدينة، بعدما تراجعت، الخميس، من أحياء شمال مدينة غزة، وأعادت الانتشار على أطرافها، وذلك في أعقاب تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، بأن الجيش الإسرائيلي سيتجه إلى رفح الحدودية مع مصر، بعد أن "ينهي مهمته في خان يونس"، على الرغم من التحذيرات المصرية من عمليات عسكرية قرب الحدود.

وأكد شهود عيان، الجمعة، تراجع الآليات الإسرائيلية وانسحابها من بعض المناطق في مدينة خان يونس، وعاد آلاف الفلسطينيين إلى بيوتهم المدمرة كلياً أو جزئياً، في أحياء شمال غرب غزة، وسط دمار هائل بالبنية التحتية والمزارع والمنشآت الصناعية والتجارية والسياحية.

وقال أحد الشهود لوكالة أنباء العالم العربي AWP، إنه "منذ مساء الخميس تم إزالة الحواجز الإسرائيلية من محيط جامعة الأقصى وهو الطريق الرئيسي للدخول والخروج لمدينة خان يونس".

وأضاف شاهد عيان، والذي عاد من رفح إلى خان يونس: "لا توجد آليات إسرائيلية من مفترق جامعة الأقصى ومروراً بمنطقة الضهرة ومجمع ناصر الطبي وصولاً إلى حي النمساوي"، مشيراً إلى أن الآليات تراجعت إلى منطقة بطن السمين جنوب خان يونس.

وأوضح: "لا تزال هناك آليات متمركزة في منطقة الصناعة، ومحيط أحياء الأمل والنصر والمعسكر شمال غرب خان يونس".

التحرك صوب رفح

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، قال الخميس، إن الجيش الإسرائيلي سيتجه إلى رفح الحدودية مع مصر، بعد أن ينهي مهمته في خان يونس.

وقال جالانت: "نحقق مهمتنا في خان يونس، وسنصل أيضاً إلى رفح، ونقضي على العناصر الإرهابية التي تهددنا"، في إشارة إلى المدينة الواقعة على حدود غزة مع مصر والتي تعج بالمدنيين النازحين.

وتعهد جالانت بأن الجيش الإسرائيلي سيصل إلى "كتيبة رفح" التابعة لحماس، ويفككها مثلما يفعل حالياً مع كتائبها في منطقة خان يونس، وفق "تايمز أوف إسرائيل".

وأضاف جالانت متحدثاً إلى قواته في خان يونس: "تفاخرت كتيبة خان يونس بأنها ستقف في وجه الجيش الإسرائيلي، وقد تم تفكيكها، وأنا أقول لكم هنا، نحن نكمل المهمة في خان يونس، وسنصل أيضاً إلى رفح، ونقضي على كل إرهابي يحاول إيذاءنا"، وفق تعبيره.

ولفت إلى أن عمليات الجيش الإسرائيلي في خان يونس "تتقدم بنتائج مثيرة للإعجاب"، وأن الأمر "أصعب بكثير بالنسبة لحماس".

وتابع قوله: "ليس لديهم أسلحة ولا ذخيرة، وليس لديهم القدرة على علاج الجرحى"، مضيفاً أن الضربات الإسرائيلية تؤدي إلى تآكل قدرة مقاتلي "حماس" على القتال، و"يجب علينا الوصول إليهم في كل مكان".

وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، الجمعة، إن إسرائيل أعطت القاهرة تطمينات واضحة بأن أي عملية عسكرية على الحدود بين غزة ومصر، لن تؤدي إلى هجرة جماعية للفلسطينيين إلى سيناء.

ونسبت الصحيفة إلى مصدر مصري وصفته بأنه مطلع، قوله إن مخاوف القاهرة بشأن "محور فيلادلفيا" لا تتعلق بإقدام إسرائيل على تنفيذ عملية عسكرية، وإنما باحتمال أن تؤدي العملية إلى فرار أعداد كبيرة من أهالي قطاع غزة إلى الأراضي المصرية.

وأضافت الصحيفة، أن "مصر متشككة في نوايا الحكومة الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين ومن ثم تطالب بضمانات، ولا تقبل وعوداً شفهية من إسرائيل".

جدل مصري إسرائيلي

وفي وقت سابق، نقلت هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" الخميس، أن هناك تقارباً بين الطرفين (مصر وإسرائيل)، باتجاه إيجاد حلول للقضايا الحساسة المطروحة، وأن تلك الاتفاقيات "تمثل خطوة حاسمة"، إذ أن إسرائيل "لا ترغب في التحرك دون التنسيق المهم مع الجانب المصري"، وهو ما نفاه المصدر المصري.

وزعمت "مكان"، أن إسرائيل التزمت أمام مصر بعدم العمل في منطقة رفح، قبل السماح للعدد الكبير من السكان الموجودين هناك بالإخلاء من المنطقة، وذلك لتقليل مخاطر تدفق اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية.

 وذكرت أن إسرائيل لم تقرر بعد أين ستنقل السكان، ولكن هناك خيارين مطروحين نقلهم إلى شمال قطاع غزة أو خان يونس.

وأشارت إلى أنه سيكون لإسرائيل "تأثير معين" على ما يجري على طول محور فيلادلفيا، ولكن من دون وجود مادي دائم للقوات الإسرائيلية. وأوضحت أن هذا النفوذ الإسرائيلي "يمكن أن يكون من خلال الوسائل التكنولوجية التي سيتم تركيبها على طول محور فيلادلفيا".

تحذير ورفض مصري

وكانت مصادر مصرية ذكرت لـ"الشرق" في يناير الماضي، أن القاهرة حذرت إسرائيل من القيام بأي عمليات في المنطقة، وأنها نقلت التحذيرات للجانب الأميركي كذلك. وأضافت المصادر أن مصر ترفض القيام بأي عمليات عسكرية على محور فيلادلفيا، وأنها لم تنسق مع الجانب الإسرائيلي بهذا الخصوص.

وفي 9 يناير، قالت 3 مصادر أمنية مصرية لوكالة "رويترز"، إن القاهرة رفضت مقترحاً إسرائيلياً لتعزيز الإشراف الإسرائيلي على المنطقة العازلة على الحدود بين مصر وقطاع غزة، المعروفة بطريق صلاح الدين (محور فيلادلفيا)، وإن الأولوية المصرية هي جهود الوساطة لوقف إطلاق النار قبل العمل على ترتيبات ما بعد الحرب.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في تصريحات تليفزيونية منتصف يناير، رداً على تصريحات نتنياهو، إن مصر تضبط وتسيطر على حدودها بشكل كامل، وأن تلك المسائل "تخضع لاتفاقيات قانونية وأمنية بين الدول المعنية"، وشدد على أن أي حديث في هذا الشأن يخضع للتدقيق، ويُرَدّ عليه بمواقف معلنة. بشرط موافقة مصر على الخطوة بأكملها.

مدينة مكتظة بالنازحين

وأصبحت مدينة رفح الجنوبية تضم التجمع الأكبر للنازحين الفلسطينيين، بعد أن صنفها الجيش الإسرائيلي "ملاذاً آمناً" للفلسطينيين من العمليات العسكرية، ودعا المواطنين للنزوح إليها.

وقبل بدء عمليات النزوح إلى المدينة، كان عدد سكانها يبلغ نحو 300 ألف نسمة، وقد تضاعف هذا الرقم حالياً إلى 1.4 مليون شخص مع استمرار عمليات النزوح.

ووفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإن النسبة الأكبر من النازحين الفلسطينيين تتركز في مدينة رفح، خاصةً بعد نزوح الآلاف من خان يونس.

وبلغ عدد سكان رفح 350 ألف نسمة ما قبل الحرب، ومع بدء القصف الإسرائيلي بلغ عدد سكانها نحو مليون ونصف، مع توقعات بزيادة العدد في ظل عمليات النزوح المتواصلة بسبب الاستهدافات الإسرائيلية.

ومع التحذيرات الإسرائيلية الأخيرة للسكان والنازحين في خان يونس من اجتياح المدينة، بدأت عملية نزوح جديدة إلى رفح من منطقة المواصي، التي تقع على ساحل خان يونس، ولا تزيد مساحتها عن 5 آلاف دونم، كما باتت مأوى لمئات آلاف النازحين الذين يقيمون في خيام بالمنطقة التي تفتقر لكل مقومات الحياة.

وبحسب "أونروا"، فإن ملاجئ النازحين في رفح مكتظة بشكل لا يطاق وتعاني القليل من الخصوصية أو غيابها، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات، كما أن أكثر من 480 شخصاً يتشاركون مرحاضاً واحداً، إذ وصلت الأوضاع الإنسانية في رفح إلى نقطة الانهيار.

معارك خان يونس

وبعد مرور نحو 4 أشهر على الحرب في غزة، لا تزال معظم البنية التحتية العسكرية لـ"حماس" سليمة، وبحسب "بلومبرغ" فإن القتال في القطاع المحاصر كان أصعب مما كان متوقعاً من قِبَل العديد من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، لكن قادة الجيش الإسرائيلي يُصرون على أنهم يحققون تقدماً كبيراً، رغم سقوط العديد من جنوده وضباطه في المعارك.

وتُعد خان يونس ثاني أكبر المدن في غزة، ويسكنها عشرات الآلاف من السكان، إذ تمثل أهمية استراتيجية، نظراً لكونها مسقط رأس زعيم المكتب السياسي للحركة في القطاع يحيى السنوار، والقائد العام لـ"كتائب القسام"، الجناح العسكري للحركة محمد ضيف، إذ تعتقد إسرائيل أنهما يختبئان في المدينة الجنوبية. 

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يخوض أعنف قتال حتى الآن في قطاع غزة بمدينة خان يونس في جنوب القطاع، حيث يأمل في قتل أو أسر قادة حماس الذين يفترض أنهم يختبئون في أنفاق مع رهائن. 

وأشارت تقديرات ضابط استخبارات إسرائيلي تحدث لـ"بلومبرغ"، الأسبوع الجاري، إلى أن إسرائيل قتلت نحو تسعة آلاف مقاتل من حماس من أصل قوة تقدر بنحو 35 ألفاً، على حد قوله.

واعتبر أن إسرائيل لا تزال على بعد عدة أشهر من تحقيق أهدافها، والتي تشمل الاستيلاء على الذخائر والأسلحة أو تدميرها، وجعل القواعد العسكرية والأنفاق التابعة لحماس غير صالحة للعمل.

تصنيفات

قصص قد تهمك