وقف تمويل الأونروا.. أزمة تهدد اللاجئين الفلسطينيين خارج غزة وتبدد "أمل العودة"

أطفال فلسطينيون بالقرب من مخيمات النازحين في رفح جنوبي قطاع غزة بينما يستمر القصف الإسرائيلي على كافة أنحاء القطاع. 14 يناير 2024 - AFP
أطفال فلسطينيون بالقرب من مخيمات النازحين في رفح جنوبي قطاع غزة بينما يستمر القصف الإسرائيلي على كافة أنحاء القطاع. 14 يناير 2024 - AFP
بيروت/ عمان -رويترز

يزيد احتمال أن تضطر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى وقف خدماتها بنهاية فبراير الجاري، حالة اليأس في مخيمات اللاجئين بمختلف أنحاء الشرق الأوسط، حيث مثلت شريان حياة للملايين لفترة طويلة.

ويثير الاحتمال أيضاً، قلقاً في دول عربية تستضيف لاجئين، ولا تملك الموارد اللازمة لسد الفجوة، وتخشى أن يؤدي أي وقف لخدمات الأونروا إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير.

وتعيش الأونروا، التي تقدم الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات، أزمة كبيرة منذ أن قالت إسرائيل إن 12 من موظفي الوكالة البالغ عددهم 13 ألفاً في غزة، شاركوا في الهجوم الذي قادته حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر، ودفع ذلك مانحين لتعليق تمويل الوكالة التي تأمل أن يراجع المانحون قرارهم، بمجرد نشر تقرير أولي حول هذه المزاعم في الأسابيع القليلة المقبلة.

وتتجاوز أهمية الأونروا بالنسبة للفلسطينيين، مجرد الحصول على الخدمات الحيوية، فهم ينظرون إلى وجودها على أنه يرتبط بالحفاظ على حقوقهم كلاجئين، وخصوصاً أملهم في العودة إلى ديارهم التي فروا أو طردوا منها هم أو أسلافهم، خلال الحرب التي صاحبت قيام إسرائيل في عام 1948.

وفي مخيم برج البراجنة على مشارف بيروت، قالت رغدة العربجي، إنها تعتمد على الأونروا في تعليم اثنين من أطفالها، وتغطية الفواتير الطبية لطفل ثالث، يعاني مشكلة في العين.

وأضافت رغدة (44 عاماً): "عندي مثلا ولدين بالمدرسة. أنا لا بادفع كتب، ما بادفع قرطاسية، وما بادفع رسم تسجيل وقسط مدرسة ما بادفع، وباستفيد من الأونروا كطبابة... هلا إذا ما في أونروا هذا كله أنا ما باقدر عليه أعمله"، مضيفة أن الوكالة دفعت أيضاً تكاليف علاج السرطان، لزوجها الراحل الذي توفي قبل خمسة أشهر.

ومضت رغدة قائلة، إن "برج البراجنة"، وهو عبارة عن منطقة سكنية مكونة من مبانٍ يرثى لها وشوارع ضيقة، يعتمد على الأونروا بطرق شتى تشمل برامج تقدم 20 دولاراً يومياً للعمال، وهو دخل مهم للاجئين الممنوعين من الحصول على العديد من الوظائف في لبنان.

ووصفت الوضع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون في لبنان قائلة: "إحنا ميتين وإحنا عايشين"، وناشدت المانحين لمواصلة تمويل الأونروا: "ما تقتلوا فينا الأمل، أنا في أشياء كتير باشوفها صعبة صعبة".

خدمات الأونروا

تأسست وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) في عام 1949 لتقديم الخدمات الحيوية للاجئين، حيث تقدم الخدمات حالياً لنحو 5.9 مليون فلسطيني في جميع أنحاء المنطقة، ويلتحق بمدارسها أكثر من نصف مليون طفل، وتستقبل عياداتها أكثر من 7 ملايين زيارة كل عام، بحسب موقع الأونروا الإلكتروني.

وقالت جولييت توما، مديرة التواصل بالأونروا، في مقابلة مع "رويترز": "الوكالة لعبت دوراً أساسياً في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين"، فيما قالت الأونروا إنه إذا صحت الاتهامات الموجهة لموظفيها، فإنها تمثل خيانة لقيم الأمم المتحدة والأشخاص الذين تخدمهم.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 31 يناير الماضي: "الأونروا تسعى إلى الإبقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين. يجب أن نستبدلها بوكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، ووكالات مساعدات أخرى إذا أردنا حل مشكلة غزة حسبما نخطط".

وفي الأردن، نظم فلسطينيون، احتجاجات ضد أي خطوة من هذا القبيل، ورُفعت لافتات خلال احتجاج نُظم في الثاني من فبراير في عمان عليها شعار: "تدمير الأونروا لن يمر.. نعم لحق العودة".

وقال حلمي عقل، لاجئ ولد في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين على بعد 20 كيلومتراً شمالي عمان، إن بطاقته التموينية لدى الأونروا "تثبت أني وأولادي لاجئين.. تحفظ حقي".

وضع كارثي للاجئين 

ولطالما أيدت دول عربية تستضيف اللاجئين، حق الفلسطينيين في العودة، رافضة أي اقتراح بضرورة إعادة توطينهم في البلدان التي فروا إليها في عام 1948، وتثير هذه القضية في لبنان، مخاوف قديمة، بشأن الكيفية التي يؤثر بها وجود هؤلاء اللاجئين ذوي الأغلبية السنية على التوازن الطائفي في لبنان، وتقدر الأونروا عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان بما يصل إلى 250 ألف لاجئ.

وقال هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، إن قرارات دول مانحة بتعليق المساعدات، غير عادلة وذات دوافع سياسية، وستكون تداعياتها "كارثية" على الفلسطينيين، مضيفاً في مقابلة مع "رويترز": "إذا حدا شاف المخيمات بأي أوضاع، بأوضاع مزرية.. إذا منعنا الفلسطيني شو عم بنقوله يعمل، عم بنقوله يروح إلى الموت، أو يروح إلى التطرف".

اقرأ أيضاً

الأونروا في مرمى إسرائيل.. خطة لـ"طردها" من غزة ودول غربية تعلق التمويل

تسعى إسرائيل إلى "طرد" وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من قطاع غزة، وفق خطة قالت إنها ستضمن ألا تكون موجودة بعد انتهاء الحرب.

وفي الأردن، سلطت أزمة الأونروا الضوء على المخاوف القائمة منذ زمن طويل، حيث يستضيف نحو مليوني لاجئ فلسطيني مسجل، يحمل معظمهم الجنسية الأردنية. ويخشى مسؤولون من أن يؤدي أي تحرك لتفكيك الأونروا إلى إضعاف حقهم في العودة؛ مما ينقل العبء إلى بلدهم.

وقالت النرويج وهي إحدى الجهات المانحة التي لم تقطع تمويلها عن الوكالة، إنها متفائلة إلى حد ما بأن بعض البلدان التي أوقفت تمويلها مؤقتاً ستستأنفه، مشيرة إلى أن الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً.

وقالت الولايات المتحدة، إن الأونروا تحتاج إلى إجراء "تغييرات جوهرية" قبل أن تستأنف تقديم التمويل لها.

تصنيفات

قصص قد تهمك