قالت مصادر مطلعة لـ"الشرق"، الأحد، إن السلطات المصرية وجهت دعوة إلى رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" ديفيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار، لزيارة القاهرة، لبحث تبادل الأسرى مع حركة "حماس".
وأضافت المصادر، أن الوفد الإسرائيلي سيبحث في القاهرة ما طرحته حركة "حماس"، على أن تكون المباحثات بحضور مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، وليام بيرنز.
وأشارت إلى أن المباحثات ستشمل عدد الأسرى الإسرائيليين الذين ستطلق الفصائل الفلسطينية سراحهم، مقابل السجناء الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية.
وفي السياق، قال مسؤولان إسرائيليان، السبت، إن إسرائيل تستعد لإرسال وفد إلى العاصمة المصرية القاهرة، الثلاثاء المقبل، لعقد اجتماع مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ومدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وبحث الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح المحتجزين المتبقين في قطاع غزة.
وكشف مسؤول إسرائيلي كبير، السبت، أن تل أبيب "تعمل خلف الكواليس بشكل مكثف لإحداث تغيير" في موقف "حماس" بشأن مطالبها في اتفاق تبادل الأسرى، بما يسمح بتوجه وفد إسرائيلي، الثلاثاء، إلى القاهرة للقاء الوسطاء، وفق ما ذكرت "القناة 13" الإسرائيلية.
ورفضت إسرائيل معظم مطالب "حماس" في ردها على المقترح الأخير بشأن تبادل الأسرى، فيما أبدى مسؤولون أميركيون قدراً من التفاؤل، وقالوا إنه على الرغم من استمرار وجود خلافات كبيرة بين الطرفين، فإن استجابة "حماس" تتيح فرصة لإجراء مفاوضات حول اتفاق جديد، بحسب الموقع الأميركي.
وقالت مصادر لـ"الشرق"، الجمعة، إن مصر تسلمت بشكل رسمي رد إسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى المقترحة، والتي جرت بشأنها محادثات أخيراً في باريس، مشيرةً إلى أن تل أبيب رفضت مطالب حركة "حماس" بوقف إطلاق نار شامل، مقابل انسحاب الجيش من القطاع، لكنها أعربت عن استعدادها للانخراط في "مباحثات جادة" استناداً لمخرجات "باريس".
وأضافت المصادر، أن إسرائيل رفضت أيضاً عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، إلا بعد ما وصفته بـ"تطهير المنطقة" من وجود حركة "حماس"، لافتةً إلى أن الوفد الإسرائيلي رفض الحضور إلى القاهرة، تعبيراً عن رفض شروط الحركة الفلسطينية، وذكرت أن حكومة نتنياهو أكدت استعدادها للانخراط في "مباحثات جادة" استناداً لمخرجات "محادثات باريس".
موقف حماس التفاوضي
إلى ذلك، أعلنت "حماس" موقفها التفاوضي في ورقة مفصلة سلمتها للوسيطين القطري والمصري، ووصلت نسخة منها إلى الجانب الإسرائيلي، يقوم جوهرها على خطة لوقف إطلاق النار، من شأنها تهدئة القصف الذي يتعرض له قطاع غزة منذ أربعة أشهر ونصف الشهر، وتتضمن الإفراج عن جميع المحتجزين وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب.
وبحسب مسودة رد "حماس"، التي اطلعت عليها "الشرق"، تقترح الحركة الفلسطينية، اتفاقاً على ثلاثة مراحل، مدة كل مرحلة 45 يوماً؛ وتهدف المرحلة الأولى إلى الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال (دون سن 19 عاماً من غير المجندين)، والمسنين والمرضى، مقابل عدد محدد من السجناء الفلسطينيين، إضافة إلى تكثيف المساعدات الإنسانية، وإعادة تمركز القوات خارج المناطق المأهولة.
كما تهدف هذه المرحلة إلى السماح ببدء أعمال إعادة إعمار المستشفيات والبيوت والمنشآت في كلّ مناطق القطاع، والسماح للأمم المتحدة ووكالاتها بتقديم الخدمات الإنسانية، وإقامة مخيّمات الإيواء للسكان، ونقل القوات الإسرائيلية "خارج المناطق المأهولة بالسكان"، و"وقف مؤقت" للعمليات العسكرية والاستطلاع الجوي، كما ستشهد عودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم في جميع مناطق القطاع، وضمان حرية الحركة دون عوائق.
اجتياح رفح
وبينما شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على أن الجيش الإسرائيلي سيهاجم رفح، جنوبي قطاع غزة، حذرت حركة "حماس"، على لسان مصدر قيادي في الحركة، الأحد، من أن أي هجوم إسرائيلي على مدينة رفح، يعني "نسف مفاوضات التبادل"، وذلك وسط تحذيرات أممية ودولية من الهجوم.
واتهم القيادي في "حماس"، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأنه "يحاول التهرب من استحقاقات صفقة التبادل، بارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة في رفح"، وأضاف أن "ما لم يحققه نتنياهو وجيشه خلال أكثر من أربعة أشهر، لن يحققه مهما طالت الحرب".
وأضاف نتنياهو في مقابلة مع شبكة ABC News الأميركية، الأحد: "سنفعل ذلك (الهجوم على رفح)، وأنا أتفق مع الأميركيين، سنقوم بذلك مع ضمان المرور الآمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة".
وفي سؤال من المذيع بشأن وجود 1.4 مليون نازح مكدس في هذه المساحة الضيقة من القطاع المحاصر، قال نتنياهو: "بالإمكان أن ينتقلوا إلى شمال رفح التي تم تطهيرها.. نحن نعمل على وضع خطة مفصلة لتحقيق ذلك".
وبحسب مصادر أمنية، فإن القاهرة، أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة، وسط تلويح إسرائيل باجتياح مدينة رفح الحدودية مع مصر.
وجرى نشر الآليات قبل توسيع إسرائيل عملياتها العسكرية لتشمل مدينة رفح بجنوب غزة التي نزح إليها أغلب سكان القطاع بحثاً عن ملاذ آمن، الأمر الذي زاد مخاوف مصر من احتمال إجبار الفلسطينيين على الخروج على نحو جماعي من القطاع.
واعتبرت مصر، في يناير الماضي، أن ما وصفته بـ"سعي" إسرائيل لـ"خلق شرعية لاحتلال ممر فيلادلفيا (محور صلاح الدين)"، الحدودي في قطاع غزة، سيؤدي إلى "تهديد خطير وجدي للعلاقات المشتركة".
جاء ذلك في إطار رد القاهرة عبر تصريحات رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية التابعة للرئاسة المصرية، ضياء رشوان، على ما وصفته بـ"المزاعم الإسرائيلية الكاذبة حول الحدود مع غزة"، والتي شدد فيها رشوان على أن "مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها، والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار".