قد تتجاوز ديون الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب التي تتعلق بالدعاوى القضائية أو الالتزامات المالية المفروضة عليه نتيجة لإجراءات تقاضي، الآن نصف مليار دولار، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".
وأمر قاض في نيويورك ترمب وشركاته، الجمعة، بدفع غرامات بقيمة 355 مليون دولار، بالإضافة إلى الفائدة، بعد أن حكم بأنه تلاعب بصافي ثروته في البيانات المالية.
وتأتي العقوبة القاسية بعد أسابيع من إصدار أمر لترمب بدفع 83.3 مليون دولار للكاتبة إي جان كارول لإلحاق الضرر بسمعتها بعد أن اتهمته بالاعتداء الجنسي. ومنحت هيئة محلفين منفصلة العام الماضي كارول 5 ملايين دولار من ترمب بتهمة الاعتداء الجنسي والتشهير.
وذكرت "أسوشيتد برس" أنه إذا أضفنا مدفوعات الفائدة علاوة على ذلك، فإن الأحكام يمكن أن توجه ضربة مذهلة للثروة الشخصية التي لا تزال أساسية لجاذبية ترمب السياسية.
ونفى الرئيس السابق بشدة ارتكاب أي مخالفات وتعهد بالاستئناف، وهي عملية قد تستغرق شهوراً أو حتى سنوات.
وفيما يلي ما نعرفه عما يدين به ترمب، وما إذا كان سيتعين عليه الدفع، وما الخطوات التالية؟
كم من المال يدين به ترمب الآن؟
يتطلب الحكم في محاكمة الاحتيال المدني من ترمب دفع فائدة على بعض أرباح الصفقات التي أُمر بالتخلي عنها. وقالت المدعية العامة في نيويورك ليتيتيا جيمس، التي رفعت القضية، إن مدفوعات الفائدة بلغت 99 مليون دولار و"ستستمر في الزيادة كل يوم حتى يتم دفعها".
وبين حكم، الجمعة، الخاص بغرامات التلاعب في بيانات صافي ثروته، والحكمين في قضية كارول، سيكون ترمب ملزماً بدفع حوالي 542 مليون دولار بمقتضى الأحكام القانونية.
ويدين ترمب بمبلغ 110 آلاف دولار أيضاً لرفضه الامتثال لأمر استدعاء في قضية الاحتيال المدني، و15 ألف دولار لتكرار سلوك ينتهك أمر الصمت الذي جرى فرضه للحفاظ على نزاهة الإجراءات القانونية، وضمان عدم تأثير الخطب والتصريحات غير المناسبة على القضية. وكجزء من حكم الجمعة، أمر القاضي أيضاً نجلي ترمب بدفع 4 ملايين دولار لكل منهما.
ولا تنتهي ديون ترمب التي أمرت بها المحكمة عند هذا الحد. إذ تلقى، الشهر الماضي، أمراً بدفع ما يقرب من 400 ألف دولار كرسوم قانونية لصحيفة "نيويورك تايمز" بعد مقاضاة الصحيفة دون جدوى.
وهو يستأنف حالياً حكماً بمبلغ 938 ألف دولار ضده وضد محاميه لرفعهما ما وصفه قاض بأنها دعوى قضائية "تافهة" ضد المرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون.
هل يستطيع تخفيض أي من هذه الأحكام؟
ليس من المألوف تخفيض حجم الأحكام، وخاصة المبالغ الكبيرة، في الاستئناف.
وسيحال الاستئناف في قضية الاحتيال المدني لترمب أمام محكمة متوسطة المستوى أولاً. وإذا أعاد القرار حكماً غير مناسب، فقد يحاول ترمب رفع القضية إلى أعلى محكمة استئناف في نيويورك، على الرغم من أن خبراء قانونيين يقولون إن ذلك غير مرجح.
ما مدى السرعة التي يتعين على ترمب أن يدفع بها؟
أودع ترمب بالفعل 5 ملايين دولار مستحقة لكارول في أول قضية تشهير في حساب تسيطر عليه المحكمة، إلى جانب 500 ألف دولار إضافية من الفوائد التي يتطلبها قانون نيويورك. ولن تتمكن كارول من الوصول إلى الأموال، حتى تنتهي عملية الاستئناف.
وقد يضطر ترمب قريباً إلى فعل الشيء نفسه بالنسبة للحكم الصادر بمبلغ 83.3 مليون دولار في حكم كارول الثاني، لكنه بدلاً من ذلك، يمكنه تقديم ضمان مالي للمحكمة عوضاً عن دفع المبلغ بالكامل ودفع جزء فقط مقدماً، على الرغم من أن هذا الخيار سيأتي مع فوائد ورسوم، وسيتعين على ترمب العثور على مؤسسة مالية مستعدة لتقديم المال له.
وفي قضية الاحتيال المدني، سيكون الأمر متروكاً للمحاكم لتحديد المبلغ الذي يجب أن يتحمله ترمب وهو يقدم استئنافه. وقد يُطلب منه دفع المبلغ بالكامل فور صدور قرار محكمة الاستئناف، والذي قد يحدث في وقت مبكر من هذا الصيف، وفقاً لأستاذ قانون جامعة ميشيجان، ويل توماس.
وقال توماس: "أظهر النظام القضائي في نيويورك استعداداً للتحرك بسرعة بشأن بعض قضايا ترمب هذه. عندما نسمع من محكمة الاستئناف الأولى، فإن هذه نقطة يكاد يكون فيها من المؤكد تحويل الأموال".
هل يستطيع ترمب السداد؟
ادعى ترمب أن ثروته تزيد عن 10 مليارات دولار، وتشير معظم التقديرات، بما في ذلك تقييم المدعي العام في نيويورك، إلى أن هذا الرقم أقرب إلى ملياري دولار.
وفي بيان حالته المالية لعام 2021، قال ترمب إن لديه ما يقل قليلاً عن 300 مليون دولار من "النقد وما يعادله".
ومنذ ذلك الحين، طرح عدداً من عمليات البيع، بما في ذلك ملعب الجولف الخاص به في نيويورك، وفندقه في واشنطن العاصمة، وقد يحصل أيضاً على مكاسب غير متوقعة قريباً عندما يطرح شركته للتواصل الاجتماعي (Truth Social) للاكتتاب العام.
ولكن حتى مع تدفقات الدخل هذه، فمن غير الواضح ما إذا كان لدى ترمب وأفراد عائلته ما يكفي من النقد لدفع جميع الأموال التي يدينون بها الآن.
هل يستخدم تبرعات الحملة الانتخابية؟
يحظر قانون الانتخابات الفيدرالي استخدام أموال الحملات الانتخابية للاستخدام الشخصي. لكن القواعد أكثر غموضاً عندما يتعلق الأمر باستغلال لجان العمل السياسي لتغطية نفقات المرشح.
وعلى مدى العامين الماضيين، خصصت لجنة العمل السياسي التابعة لترمب "أنقذوا أميركا" وحملته الرئاسية ومنظمات جمع التبرعات الأخرى التابعة له 76.7 مليون دولار للرسوم القانونية.
ويتوقع خبراء تمويل الحملات الانتخابية أن يحاول ترمب إنفاق أموال لجنة العمل السياسي لتغطية تكلفة أحكامه بطريقة ما.
هل يعلن إفلاسه؟
بموجب حكم القاضي الجمعة، سيظل ترمب مسؤولاً عن الدفع، حتى لو أعلنت منظمة ترمب إفلاسها. وإذا أعلن ترمب شخصياً إفلاسه، فسيتم إيقاف تنفيذ الحكم ضده مؤقتاً. لكن المعلقين السياسيين يقولون إن مثل هذه الخطوة الجذرية غير محتملة.
وعلى الرغم من إفلاس العديد من شركاته السابقة، إلا أن ترمب تفاخر مراراً بحقيقة أنه لم يعلن إفلاسه شخصياً قط.
ماذا لو رفض الدفع؟
من الناحية القانونية، سيواجه ترمب نفس العواقب التي يواجهها أي أميركي يرفض دفع حكم قانوني، بما في ذلك إمكانية الاستيلاء على أصوله والحجز على أجره.
والجمعة، عيّن القاضي المشرف على قضية الاحتيال المدني لترمب مراقباً إضافياً للإشراف على الشؤون المالية لمنظمة ترمب. وفي حالة رفض ترمب تسليم المدفوعات، سيكون للمحاكم سلطة تقديرية إضافية لملاحقة ترمب وشركاته.
وقال توماس، أستاذ القانون، إن المحاكم "لديها قدر هائل من السلطة، خاصة بالنسبة لشخص مثل ترمب الذي لديه أصول مادية داخل الدولة. قد تقول المحكمة إننا سنجمد حسابك المصرفي. أو الأسوأ من ذلك، يمكنها أن تقول، نحن نستولي على برج ترمب ونعرضه للبيع".