"سيناريوهات مفتوحة".. ما مصير ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية؟

خبراء يستبعدون الإطاحة بالرئيس السابق ويحذرون من "سيطرة العنف"

time reading iconدقائق القراءة - 12
الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب يتحدث خلال المنتدى الرئاسي للجمعية الوطنية للبنادق في بنسلفانيا. 9 فبراير 2024 - Reuters
الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب يتحدث خلال المنتدى الرئاسي للجمعية الوطنية للبنادق في بنسلفانيا. 9 فبراير 2024 - Reuters
واشنطن -رشا جدة

في محطة قد تغيّر مسار انتخابات الرئاسة الأميركية، تنظر المحكمة العليا قضية غير مسبوقة بشأن ما إذا كان الرئيس السابق دونالد ترمب "غير مؤهل" للعودة إلى البيت الأبيض، حيث يسعى لنيل ترشيح حزبه الجمهوري لخوض غمار الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، وذلك على خلفية اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.

وبدأت المحكمة العليا، الخميس، الاستماع إلى المرافعات الشفهية بشأن قرار المحكمة العليا في كولورادو، باستبعاد ترمب من خوض الانتخابات التمهيدية، واعتباره "غير مؤهل" لولاية ثانية، استناداً إلى تعديل دستوري يعود إلى فترة الحرب الأهلية.

وكانت المحكمة العليا في كولورادو، أصدرت قرارها في ديسمبر الماضي، بحظر ترمب من بطاقات الاقتراع في الولاية، بسبب جهوده لـ"تخريب" انتخابات 2020 التي فاز فيها الرئيس الحالي جو بايدن، ودوره في التحريض على مهاجمة مبنى الكابيتول، مع تعليق 11 طعناً مماثلاً في ولايات مختلفة.

واستندت محكمة كولورادو في قرارها إلى المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر، الذي يعود إلى حقبة الحرب الأهلية عام 1868، وتُعرف أيضاً بـ"بند التمرد"، لأنها "تحظر تولي مناصب عامة على المتورطين في تمرد ضد الدستور بعد القَسَم على حمايته".

واعتراضاً على الحكم، استأنف ترمب أمام المحكمة العليا، التي تضم أغلبية محافظة، و3 من أعضائها الـ9 عيَّنهم ترمب خلال فترة رئاسته.

مخاوف من "فوضى انتخابية"

واعتبر خبراء تحدثوا مع "الشرق" أن تدخُّل المحكمة العليا الأميركية ضروري للفصل في هذه القضية على أساس أن اختلاف الأحكام القانونية بين عدة ولايات يهدد بإحداث "فوضى انتخابية كبيرة"، لافتين إلى أن قرار المحكمة قد يغيّر مسار الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وعلى غرار القرار الصادر عن المحكمة العليا في ولاية كولورادو، أصدرت ولاية مين، أواخر ديسمبر الماضي، قراراً مماثلاً يقضي بعدم أهلية الرئيس السابق لخوض انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية.

ووسط عشرات الدعاوى، التي رفعت لتقويض ترشح ترمب مرة أخرى للرئاسة، خرجت العديد من الأحكام الأولية لصالح ترمب في دعاوى قانونية مماثلة رُفعت في ولايات أخرى، وهو ما اعتبره أستاذ العلوم السياسية والانتخابات والرأي العام في جامعة كولومبيا البريطانية ريتشارد جونستون، "أمراً مربكاً"، نظراً لتباين الأحكام في الولايات المختلفة "وهو ما يهدد بفوضى انتخابية كبيرة".

وفي حديثه لـ"الشرق"، قال جونستون إنه سيتعيّن على المحكمة أن تنظر في هذه القضية إلى حد كبير، ومهما كان الحكم الذي تقرره، فإن الحاجة إلى "معاملة موحدة" في جميع أنحاء الولايات أمر ضروري للغاية.

ورجَّح جونستون أن المحكمة لن تتباطأ في إصدار القرار، محذراً: "سيكون من الكارثي وجود ترمب على بطاقات الاقتراع في بعض الولايات وعدم وجوده في أخرى. وحتى لو كانت الولايات التي استُبعد منها هي التي من غير المرجح أن يفوز فيها، فإنها ستكون سابقة رهيبة ولها تداعيات كبيرة".

لكنه أشار إلى أن الأمر الوحيد الذي قد يبطئ قرار المحكمة هو "الشعور بالحاجة إلى الإجماع أو الاقتراب منه"، لافتاً إلى إدراك رئيس المحكمة العليا جيداً الضرر الذي تسببت فيه القرارات المتقاربة بأغلبية (5 إلى 4) في شرعيتها، وآخرها قضية الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش ضد منافسه الديمقراطي آل جور في عام 2000، حين قررت المحكمة بعد 36 يوماً إعلان بوش فائزاً، بعد معركة قضائية بشأن فرز بطاقات الاقتراع في فلوريدا.

الحكم يصدر قريباً

ولم توضع المحكمة العليا في مثل هذا الدور المحوري في الانتخابات الرئاسية، منذ ذلك الوقت، وبينما لم تعلن المحكمة جدولاً زمنياً للفصل في قضية ترشح ترمب، يتوقع أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز السياسة الأميركية في جامعة "دنفر" سيث ماسكت، أن يصدر القرار في أوائل مارس المقبل، قبل الانتخابات التمهيدية في "يوم الثلاثاء الكبير".

ويرى ماسكت في حديثه مع "الشرق"، أن قرار المحكمة بشأن هذا الأمر سيصدر بسرعة "ربما في غضون أيام قليلة". وقال إنها قضية ذات صلة مباشرة بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في كولورادو، التي ستعقد في الخامس من مارس المقبل، ويتلقى الناخبون في كولورادو بطاقة اقتراع بريدي هذا الأسبوع.

من جهته، ذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة سان فرانسيسكو ستيفين زونس، أن إجراءات التقاضي في الولايات المتحدة، غالباً ما تستغرق، وقتاً طويلاً، في حين أن المحاكمة نفسها ستستمر بضعة أسابيع فقط.

ولفت زونس في حديثه لـ"الشرق" إلى أن محاميي ترمب سيقدمون عدداً من الطلبات لتأخير بدء المحاكمة بشكل متكرر، "وفي حال نجاحها، فمن الممكن تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات".

3 سيناريوهات

ومن بين السيناريوهات المطروحة لقرار المحكمة العليا، "التصويت على أساس حزبي"، وأظهرت جلسة الاستماع، الخميس، ميل قضاة إلى إصدار قرار لصالح ترمب.

وكان قضاة بالمحكمة العليا شككوا في أن ولاية كولورادو لديها القدرة على عزل الرئيس السابق من الاقتراع التمهيدي للحزب الجمهوري، بسبب موقفه من نتائج انتخابات 2020 التي فاز فيها بايدن.

وأثار القضاة مخاوف بشأن توصل الولايات إلى استنتاجات مختلفة بشأن ما إذا كان يمكن لترمب الترشح. وأشار العديد منهم إلى أن الكونجرس وحده هو الذي يمكنه تطبيق البند المعني، وفقاً لشبكة NBC NEWS.

وتوقَّع رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، خلال الجلسة التي استمرت لساعتين، أنه إذا تم تأييد حكم كولورادو، فإن بعض الولايات ستطرد المرشحين الرئاسيين الآخرين من صناديق الاقتراع، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين، و"تزرع الفوضى"، مضيفاً: "هذه نتيجة مروعة للغاية".

وتحدَّث سيث ماسكت عن القليل من السوابق التي يمكن للمحكمة الاعتماد عليها في حل هذه القضية، مشيراً إلى عدد من السيناريوهات المطروحة في هذه القضية، والطرق المختلفة التي يمكن للمحكمة أن تحكم بها في هذا الشأن.

ومضى قائلاً: "يمكنهم أن يقرروا استبعاد ترمب من خلال التصديق على قرار المحكمة العليا في كولورادو، أو يمكنهم أن يقرروا أن هذا سؤال سياسي ومدى اعتبار أحداث 6 يناير تمرداً وما إذا كان ترمب قد شارك فيه، وقد يخلصوا إلى أن المشرعين والناخبين هم من عليهم الإجابة وليس المحاكم، والخيار الثالث هو إبقاء ترمب على بطاقة الاقتراع في الانتخابات الرئاسية".

وافترض ماسكيت أن الحكم المحتمل سيكون (6 إلى 3) وينقسم فيه القضاة على أسس حزبية، حيث يُبقِي المحافظون ترمب على بطاقة الاقتراع، بينما يصوت الليبراليون لإبعاده "سيحدد القضاة بطريقة أو بأخرى أن الرئيس السابق لا يزال قادراً على الترشح للرئاسة في جميع بطاقات الاقتراع في الولايات الخمسين".

وفي الوقت نفسه، لفت ماسكيت إلى أن القضاة يمكنهم الحكم بأن القَسَم ذي الصلة بالتعديل الرابع عشر لا ينطبق على الرئاسة، كما أن بوسعهم أن يحكموا بأن السادس من يناير لم يكن انتفاضة حقيقية، ويمكنهم، أيضاً، أن يحكموا بأن كولورادو ليس لها الحق في إبلاغ حزب سياسي بأن مرشحاً بعينه يمكنه، أو لا يمكنه الظهور في اقتراعه الأساسي".

فيما نوَّه ستيفين زونس بأن القضاة يمكن أن يرفضوا القضية لأسباب إجرائية، ومع ذلك، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً في رأيه، أن تقرر أغلبية المحكمة العليا أن دعم ترمب للاحتجاجات التي أدت إلى الهجوم على مبنى الكابيتول الأميركي، لا يتناسب تماماً مع التعريف القانوني لدعم التمرد "وبالتالي لا تملك الولايات الحق في إبعاده عن صناديق الاقتراع".

وبينما وصف جونستون طبيعة تلك المحكمة بـ"السياسية"، استبعد أن تؤيد قراراتها حكمَي كولورادو أو مين، قائلاً إن هناك 6 أصوات تميل بقوة لترمب "وحتى صوت واحد إضافي من الأقلية المنشقة المعتادة من شأنه أن يساعد".

وألمح جونستون إلى انتشار حالة من الجدل إذا لم تقم المحكمة بإلغاء قرارات كولورادو ومين "وهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام ولايات أخرى للسير على خطاهما".

ماذا سيحدث إذا استُبعد ترمب؟

وعلى الرغم من أن خبراء استبعدوا قيام المحكمة العليا بالإطاحة بـ"ترمب" الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، والذي يواجه أعباء قانونية مختلفة في 91 تهمة في 4 قضايا جنائية،  فهناك احتمال ضئيل بأن يأتي قرار المحكمة متوافقاً مع قرار كولورادو.

ووصف ماسكيت القرار "المُستبَعد" بأنه سيكون "تاريخياً"، ومن شأنه أن يغيّر مسار الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى تغيير ملامح السياسة الأميركية بشكل عام.

وتابع: "إذا فعلوا ذلك، فربما يعني ذلك أن عدداً من المرشحين الجمهوريين الذين علّقوا ترشيحاتهم، مثل رون ديسانتيس، سيعودون إلى السباق مرة أخرى".

وعبَّر ماسكيت عن مخاوف تتعلق بتداعيات ذلك الحكم إذا صدر على تلك الهيئة وما قد ينتج عنه من عنف سياسي، قائلاً: "القضية الرئيسية هي أن ترمب لن يأخذ هذه القضية باستخفاف. قد يؤدي ذلك إلى قيامه بصياغة حملة كتابة في 50 ولاية".

وأشار إلى "البيئة السياسية شديدة الاستقطاب، التي ستجعل أنصار ترمب يرددون أن القرار صادر عن الدولة العميقة، وأنه قرار سياسي، قد يزيد من حدة الأفعال العنيفة التي تهدد الديمقراطية".

لكن زونس، قال إن المحكمة العليا يهيمن عليها الجمهوريون، وبالتالي إذا صدر قرار في غير مصلحة ترمب، سيكون من الصعب إلقاء اللوم على التحيز السياسي في القرار "ولكن من المرجح أن يزيد ذلك من استهزاء أنصار ترمب بالنظام القضائي، والنظام السياسي الديمقراطي في الولايات المتحدة بشكل عام".

وأردف: "ومن شأن ذلك أيضاً أن يزيد الدعوات إلى إنشاء حكومة شبه استبدادية يسيطر عليها اليمين المتطرف، مما يحد من استقلال القضاء، وحرية الصحافة، وحماية الخدمة المدنية، وحقوق الأقليات، وأشياء أخرى اعتبرها الأميركيون أمراً مفروغاً منه طوال معظم تاريخهم".

وعلى عكس ماسكيت، رجَّح زونس أن صدور مثل ذلك القرار ربما لن يؤدي إلى أعمال عنف واسعة النطاق، لكنه سيزيد الغضب والاستياء بين أنصار ترمب، ويمكن أن يجعل الأمور "أقل استقطاباً إلى حد ما، إذا اضطر الجمهوريون إلى ترشيح شخص أقل تطرفاً وأكثر احتراماً للقانون من ترمب".

إلا أن جونستون يرى أنه إذا تم منع ترمب من خوض السباق الرئاسي، فإن التوقيت سيكون العنصر الأهم "كلما كان القرار مبكراً، أمكن التعامل مع العملية الأولية. سوف تتغير قائمة المرشحين وقد يحاول البعض العودة. وكلما اقتربنا من المؤتمر الجمهوري في يوليو المقبل، أصبح الأمر يخص المؤتمر نفسه، وقد يتم استدعاء اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري للتدخل في وضع بعض القواعد، ولكن إذا حدث ذلك بعد المؤتمر، فإن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تكون مخولة باختيار مرشح، على الرغم من أنه يمكنها أيضاً العودة إلى المؤتمر".

واختتم جونستون تصريحاته بأنه "في تلك الحالة سيكون العنف سيد المشهد، وقد يكون المؤتمر الجمهوري نفسه هو أحد أهداف ذلك العنف".

تصنيفات

قصص قد تهمك