خبراء: إسرائيل لا تملك القدرة على احتلال غزة.. وتصريحات نتنياهو "حرب نفسية"

"خطة إسرائيل" لتقسيم غزة.. هل يعود القطاع إلى سيناريو ما قبل 2005؟

دبابات إسرائيلية تتحرك على الحدود مع قطاع غزة وفي الخلفية عشرات المباني المدمرة. 21 فبراير 2024 - Reuters
دبابات إسرائيلية تتحرك على الحدود مع قطاع غزة وفي الخلفية عشرات المباني المدمرة. 21 فبراير 2024 - Reuters
غزة-الشرق

بعد أشهر من بدء حربها على قطاع غزة، بدأت إسرائيل بالحديث عن مقترحات عدة لليوم التالي للحرب، ومنها ما يتم تداوله عن إعادة السيطرة على القطاع كما كان الوضع في عام 2005.

وكانت إسرائيل تقيم قبل عام 2005 نحو 21 مستوطنة، وتحتل 35% من مساحة قطاع غزة، التي لا تتعدى 360 كيلومتراً مربعاً، ولكن في 15 أغسطس من العام ذاته، أنهت تل أبيب احتلالها للقطاع، وقرر رئيس الوزراء في ذلك الوقت آرييل شارون الانسحاب منه.

خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية والمعروفة أيضاً باسم "خطة فك الارتباط" أو "خطة فك الارتباط أحادية الجانب" هي الاسم الذي اختارته الحكومة الإسرائيلية لانسحابها من قطاع غزة صيف عام 2005.

وفي إطار هذا المشروع، أُخليت المستوطنات الإسرائيلية ومعسكرات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وتضِمنت الخطة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي على الشريط الحدودي مع قطاع غزة ، وكان شارون قائد هذه الخطة.

وكان يسكن في قطاع غزة عند تنفيذ الخطة 8 آلاف و600 مستوطن، وبدأ إخلاء قطاع غزة من المستوطنين في 15 أغسطس 2005، واكتمل الإخلاء في غضون 8 أيام.

وأحدثت خطة فك الارتباط جدلاً واسعاً في إسرائيل، إذ خالفت وعود شارون قبل انتخابه، مع أنها نجحت في نيل أصوات الأكثرية داخل الكنيست الإسرائيلي بعد القراءة الثالثة في 16 فبراير 2005، إذ أيدها 59 صوتاً، مقابل 40 معارضاً، فيما امتنع 5 أعضاء عن التصويت.

وانسحبت إسرائيل من أراضي القطاع، لكنها فرضت عليه حصاراً مشدداً براً وبحراً وجواً، وشهدت غزة منذ ذلك الحين العديد من الحروب وجولات التصعيد بالتزامن مع الحصار المفروض عليها، والذي تسبب في انهيار الكثير من القطاعات.

ورغم ذلك، تعد الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، الأكثر تدميراً على مدار سنوات طويلة، مع طرح سنياريوهات عدة بشأن اليوم التالي للحرب، خاصةً في ظل حديث الإعلام الإسرائيلي عن الطريق الذي شرع الجيش بشقه، والذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ما يطرح العديد من التساؤلات، أهمها، هل ستعيد إسرائيل نشر حواجزها العسكرية في غزة؟، وهل تسعى لفصل شماله عن جنوبه؟، وهل ستبقي قواتها في القطاع حتى بعد نهاية الحرب؟، وما مصير المنطقة العازلة التي أقامتها شمال القطاع؟

"بعد 7 أكتوبر تغيرت القناعات الإسرائيلية"

خبراء في الشأن الإسرائيلي، أكدوا أن تل أبيب لا تمتلك القدرة على إعادة احتلال قطاع غزة مثل ما فعلت قبل عام 2005 حتى لو كانت تريد ذلك، كون هذا القرار سيكلفها الكثير على المستويين المادي والبشري، وهو ما كان سبب انسحابها عام 2005، كما أن التصريحات التي يخرج بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأتي ضمن الحرب النفسية والدعاية الإعلامية التي يحاول ترويجها. 

المختص بالشأن الإسرائيلي خالد معالي، قال في حديث لـ"الشرق"، إنه قبل عام 2005 كانت الكلفة التي تدفعها إسرائيل لمواصلة احتلالها للقطاع مرتفعة على المستويين المادي والبشري، وبالتالي ارتأت أن الانسحاب هو الخيار الأفضل.

وتابع: "كانت إسرائيل ترى أن حصار غزة براً وبحراً وجواً أفضل من مواصلة التواجد على الأرض، لكن غاب عنها أن الانسحاب سيعطي الفصائل الوقت والأريحية للتسلح والاستعداد، وهو ما تفاجئت به في 7 أكتوبر".

وأضاف معالي: "هناك العديد من المسؤولين الإسرائيليين ممن يرون أن الانسحاب من غزة عام 2005 كان كارثة، لكن تقديرات شارون حينها كانت أن الانسحاب هو القرار الأصح، ولكن بعد ما حدث في 7 أكتوبر تغيرت القناعات الإسرائيلية".

وأردف: "إسرائيل تريد أن تقسم غزة لشمال وجنوب، إضافة لخطة نتنياهو الذي يريد وضع جماعات تضبط الوضع في غزة، وتكون على صلة مباشرة مع إسرائيل لتدير المناطق في القطاع، وبدأت تل أبيب بتنفيذ ذلك في حي الزيتون شرق غزة، لكن هذا الخيار لن ينجح".

ويرى معالي أن الخسائر البشرية والمالية هي التي دفعت إسرائيل للانسحاب عام 2005. وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل ستدفع أضعاف ما دفعته سابقاً حال بقائها في غزة بعد نهاية الحرب، مضيفاً: "ولا أظن أن إسرائيل ستتمكن من الحفاظ على تواجدها في القطاع".

وتابع: "لن تتمكن إسرائيل من إقامة حواجز أمنية في مختلف مناطق القطاع، ولن يقبل المواطنون أو الفصائل بذلك، وبالتالي هذا السيناريو لن ينجح. إذا توقفت الحرب سينسحب الجيش من القطاع كون هذا الخيار الأقل كلفة لهم، لكن ما يتم تداوله الآن على لسان نتنياهو يدخل ضمن الحرب النفسية والدعاية الإعلامية".

وأشار معالي إلى أن "المنطقة العازلة كذلك لو كانت كلفتها بسيطة لأبقى الجيش الإسرائيلي عليها منذ 2005.. من الممكن أن تبقى لفترة بعد وقف إطلاق النار، لكن بشكل عام لا أتوقع أن تبقى كون كلفتها البشرية والمادية عالية جداً".

"بقاء المنطقة العازلة يعتمد على نتائج الحرب"

المختص بالشأن الإسرائيلي، عزام أبو العدس، رأى في حديث لـ"الشرق" أن هناك الكثير من المتغيرات التي تحكم شكل نهاية الحرب في غزة واليوم التالي لها وما سيكون على الأرض.

وتابع: "جوهر خطة نتنياهو هو فصل الضفة عن غزة، وجعل القطاع نسخة عن الضفة أي أن يقتحم ويقتل ويعتقل متى أراد، لكن هل سيجد بديلاً لإدارة القطاع بعيداً عن السلطة وحماس؟ هو لا يريد دخول السلطة لغزة لأن توحيد الضفة وغزة زيادة في القوة الفلسطينية، فهو يريد أن يفصلهما، لكن هل سيجد من يحكم غزة نيابة عنه بعد كل هذه الجرائم في غزة؟، وهو السؤال الأهم الآن، ومن الصعب جداً أن يكون هناك أحد سيقبل بذلك".

وأضاف أبو العدس: "إسرائيل تدرك تماماً تبعات إعادة احتلال القطاع أو نشر الحواجز في القطاع أو بناء المستوطنات مجدداً، وكل خياراتها في غزة صفرية، فحين انسحبت عام 2005 كان السبب الرئيسي هو تكبدها خسائر كبيرة على الصعيدين البشري والمادي، ولن تستطيع فعل ذلك الآن".

وأشار إلى أن إسرائيل "تسعى للحل العسكري فقط، وهذا الخيار سيكون عبر محاولات استنزاف الفصائل"، لكن أيضاً أرى أنها "ستستنزف نفسها طالما الحرب مستمرة، وكلما طال أمدها ستكون النهاية ربما كما حدث في حرب الولايات المتحدة على فيتنام".

واعتبر أن "بقاء المنطقة العازلة أو الطريق الذي شقه الجيش الإسرائيلي لفصل الشمال عن الجنوب، يعتمد على نتائج الحرب".

وتابع أبو العدس "إسرائيل استخدمت تكتيك المناطق العازلة في جنوب لبنان، ولم يكن له أي فائدة، وعندما نتحدث عن منطقة عازلة بقطاع غزة بعمق كيلومتر، فإن كل القذائف وعمليات القنص التي ستقوم بها الفصائل لن تكون بعيدة عن تلك المنطقة".

وأوضح أن "ما يتم الحديث عنه الآن من قبل إسرائيل عن منطقة عازلة وفصل الشمال عن الجنوب ومعركة رفح، هدفها الضغط على الفصائل، وتدخل ضمن الحرب النفسية".

تاريخ من المواجهات

ومع انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، شهد القطاع سلسلة من المواجهات بين إسرائيل والفصائل.

وكانت البداية في 25 يونيو 2006 حين أسر مسلحون من "حماس" الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في هجوم عبر حدود القطاع، ما دفع إسرائيل لتوجيه ضربات جوية والتوغل داخل القطاع، وتم إطلاق سراح شاليط في النهاية بعد أكثر من 5 سنوات في عملية لتبادل الأسرى، وفي 27 ديسمبر 2008 شنت إسرائيل هجوماً عسكرياً على قطاع غزة استمر 22 يوماً بعد إطلاق صواريخ على سديروت جنوب إسرائيل.

وفي 14 نوفمبر 2012، اغتالت إسرائيل القائد العسكري "لحماس" أحمد الجعبري، وتلى ذلك إطلاق الفصائل الفلسطينية، صواريخ على إسرائيل وضربات جوية إسرائيلية على مدار 8 أيام، وفي يونيو وأغسطس 2014 شنت تل أبيب حرباً استمرت 7 أسابيع، وأسفرت عن سقوط أكثر من 2100 فلسطيني في غزة و73 إسرائيلياً منهم 67 عسكرياً.

ولم تنته المواجهات العسكرية وعمليات التصعيد عند ذلك الحد، ففي مارس 2018، بدأت احتجاجات فلسطينية عند حدود غزة الشرقية، والتي استمرت لأشهر، وفتحت القوات الإسرائيلية النار لإبعاد المحتجين، وأدى ذلك أيضاً إلى اندلاع جولة تصعيد جديدة بين "حماس" والقوات الإسرائيلية.

وفي مايو 2021، وبعد أسابيع من التوتر خلال شهر رمضان، أصيب مئات الفلسطينيين في اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية في القدس، وأطلقت "حماس" وابلاً من الصواريخ من غزة على إسرائيل، وردت تل أبيب بضربات جوية على القطاع، واستمر القتال لمدة 11 يوماً، وفي أغسطس 2022 استهدفت إسرائيل قيادياً في حركة "الجهاد"، ورداً على ذلك، أطلقت الأخيرة أكثر من 1000 صاروخ باتجاه إسرائيل.

وفي يناير 2023، أطلقت حركة "الجهاد" صاروخين باتجاه إسرائيل، ما أدى لجولة تصعيد جديدة بين الفصائل وإسرائيل.

تصنيفات

قصص قد تهمك