يقترب الوسطاء الدوليون من التوصل إلى "اتفاق" بشأن تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية، بعد إحراز تقدم في "مباحثات باريس" نتج عنه مجموعة تفاهمات، فيما يصل وفد إسرائيلي إلى الدوحة، الاثنين، لمناقشة تفاصيل الاتفاق المنتظر، بما يشمل مدة الهدنة وعدد من الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم وشروط وقف إطلاق النار وعودة المدنيين إلى شمال قطاع غزة، في الوقت الذي تتشبث فيه تل أبيب بتنفيذ خطتها العسكرية في رفح بغض النظر عن نتائج هذه المحادثات.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد، إن وفداً يضم ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، وجهاز الموساد، يصل إلى العاصمة القطرية الدوحة، الاثنين، لبحث تفاصيل الاتفاق المحتمل، فيما لم ترد حركة "حماس" حتى الآن على الوسطاء بشأن المخطط الذي تم الاتفاق عليه في باريس.
ومن المتوقع أن يتناول "اجتماع الدوحة"، قائمة أسماء المحتجزين الإسرائيليين، وهوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وشروط وقف إطلاق النار، وجمع المعلومات الاستخبارية، وعودة محدودة للمدنيين إلى شمال قطاع غزة، وفق "تايمز أوف إسرائيل".
ويأتي اجتماع الدوحة، في أعقاب المحادثات التي عقدت الجمعة في باريس، إذ وافق الوفد الإسرائيلي على الخطوط العريضة لاتفاق يتضمن هدنة مدتها 6 أسابيع وإطلاق سراح ما بين 200 و300 معتقل فلسطيني في سجون إسرائيلية مقابل 35 إلى 40 رهينة محتجزين في القطاع، وفق "رويترز".
"تفاهمات باريس"
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في وقت سابق الأحد، إن المحادثات التي جرت في باريس، قادت إلى "تفاهم" بشأن مقترح اتفاق يقضي بإطلاق "حماس" سراح المحتجزين في غزة، ووقف جديد لإطلاق النار بالقطاع. لافتاً إلى أن "العمل جار، ونأمل أن نتمكن في الأيام المقبلة من الوصول إلى اتفاق متماسك ونهائي بشأن هذه القضية".
وشدد في تصريحات لشبكة CNN على وجوب "عقد محادثات غير مباشرة بين قطر ومصر مع حركة (حماس) لأنه في نهاية المطاف سيتعين عليها الموافقة على إطلاق سراح المحتجزين"، لافتاً إلى أن "العمل جار، ونأمل أن نتمكن في الأيام المقبلة من الوصول إلى اتفاق متماسك ونهائي بشأن هذه القضية".
وعندما ضغطت عليه مذيعة CNN دانا باش، بشأن مدى تفاؤله بشأن التوصل إلى صفقة محتملة، رفض سوليفان التعليق، قائلاً: "كان هناك الكثير من التقلبات. لذلك لن أقوم بالتنبؤات ولن أضع نسبة مئوية من الفرص عليها".
وأشار سوليفان إلى أنه لم يتم بعد إطلاع الرئيس الأميركي جو بايدن، على خطة إسرائيل للعمليات العسكرية في رفح، لكنه شدد لشبكة NBC الأميركية على ضرورة "عدم تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في رفح قبل وجود خطة واضحة وقابلة للتنفيذ، لحماية المدنيين وإيصالهم إلى بر الأمان وإطعامهم وكسوتهم وإيوائهم".
وقال وسطاء في اجتماع باريس، إن "حماس" تبدي مرونة بشأن المدة التي يجب أن يستمر فيها وقف القتال وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، والانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وأفاد مصدر في "حماس"، بأن مسودة الخطة التي نوقشت في باريس تنص على وقف القتال 6 أسابيع وإطلاق سراح ما بين 200 و300 أسير فلسطيني في سجون إسرائيل مقابل 35 إلى 40 رهينة محتجزين في القطاع، لكن للتوصل إلى اتفاق تشترط إسرائيل "الإفراج عن جميع الرهائن، بدءاً بجميع النساء"، وفق ما أعلنه مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء تساحي هنجبي.
وكانت إحدى النقاط الشائكة الرئيسية في المفاوضات هي إصرار "حماس"، على الأقل علناً، على الوقف الكامل لإطلاق النار كشرط لأي صفقة رهائن، فضلاً عن إطلاق سراح الآلاف من السجناء الفلسطينيين، بما في ذلك المئات المدانين بأحكام طويلة.
ونقلت "تايمز أوف إسرائيل" عن زعيم حزب "شاس" الاسرائيلي، أرييه درعي، المراقب في مجلس الحرب، قوله، الأحد، إن هناك "فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق، لكننا لا نزال بعيدين عن ذلك".
وقال عن التحديات القادمة في المفاوضات: "نريد التوصل إلى اتفاق جيد يحقق عدة أهداف ولكن يكون مقبولاً أيضا من قبل الرأي العام الإسرائيلي". وأضاف: "إنها ليست صفقة بسيطة، ليس لدينا ردود فعل من حماس بعد، كل ما نقوم به يتم عبر وسطاء".
ترحيل الأسرى الفلسطينين إلى قطر
في غضون "تفاهمات باريس"، طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، فكرة ترحيل الأسرى الفلسطينيين "من ذوي الأحكام العالية" إلى قطر، ضمن مساعي الإفراج عن المحتجزين لدى حركة "حماس" في قطاع غزة، بحسب ما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية.
وأضافت القناة الإسرائيلية أن تقديرات المسؤولين المختصين، تشير إلى أن "المطلب سيثير معارضة في صفوف (حماس) وقطر، وسيبعد احتمال التوصل إلى صفقة"، موضحةً أن "هذا المطلب لم يطرح خلال مفاوضات باريس".
وذكرت "القناة 12" أن نتنياهو "وبخ" وفد محادثات باريس الذي قاده رئيس "الموساد" ديفيد برنياع، قائلاً: "ليست هذه هي الطريقة التي تدار بها المفاوضات، يجب أن نكون أكثر صرامة".
وأشارت القناة إلى أنه رغم أن نتنياهو قال الكلام بصيغة الجمع، فإنه من الواضح من يقصد، إذ أن من يدير المفاوضات هو رئيس الموساد، مضيفةً أنه وجّه أيضاً الكلام إلى فريق التفاوض الذي هو في طريقه حالياً إلى قطر.
ولفتت القناة الإسرائيلية إلى أن هناك خلاف بشأن مسألة ما الذي دفع رئيس الوزراء إلى قول هذه الأمور، ونقلت عن مصادر إسرائيلية قولها: إن ذلك "جرى خلال نقاش بشأن حجم المساعدات الإنسانية التي ستسمح إسرائيل بدخولها إلى قطاع غزة".
وذكرت مصادر أخرى مطلعة على المفاوضات أن نتنياهو طلب معرفة هوية المحتجزين الذين مازالوا على قيد الحياة كـ"شرط للتقدم في المفاوضات"، بحسب القناة الإسرائيلية.
من جهته، نفى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ذلك، وقال: إن الحوار الذي دار في اجتماع السبت "مهني وموثوق وجيد، ويقوم على التقدير المتبادل ووحدة الهدف".
تفاصيل التفاهمات
وطرحت الولايات المتحدة بمشاركة مصرية قطرية، إطاراً جديداً أكثر تفصيلاً لاتفاق بين إسرائيل و"حماس"، بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين، خلال "محادثات باريس"، حسبما نقل موقع "أكسيوس" عن مصدرين مطلعين على المباحثات، الأحد.
ويتضمن الإطار المحدث الذي اقترحته الولايات المتحدة، إطلاق سراح المئات من السجناء الفلسطينيين، مقابل إطلاق "حماس" سراح ما بين 35 إلى 40 محتجزاً إسرائيلياً، من بينهم نساء مدنيات ومجندات ورجال تزيد أعمارهم على 50 عاماً وإسرائيليون في حالة صحية خطيرة.
كما يتضمن الإطار "النَّص على أن عدد الأسيرات الفلسطينيات المفرج عنهن مقابل كل مجندة إسرائيلية تحررها (حماس) سيكون أعلى من عدد المحتجزين المفرج عنهن خلال المرحلة الأولى من الصفقة، وسيشمل الاتفاق الإفراج عن معتقلين أُدينوا بقتل إسرائيليين ويقضون أحكاماً بالسجن لفترات طويلة".
وجاء فيه أيضاً، أن "إسرائيل ستوافق على يوم واحد من وقف إطلاق النار لكل محتجز يتم إطلاق سراحه، وهذا يعني أنه إذا أطلقت حماس سراح العدد المقترح من المحتجزين (35 - 40) للمرحلة الأولى من الصفقة، فسيكون هناك نحو 6 أسابيع من توقف القتال".
ويتضمن الإطار الأميركي أيضاً "عودة أولية ومحدودة للمواطنين الفلسطينيين إلى الجزء الشمالي من قطاع غزة، والتي ستبدأ أثناء تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة ضمن شروط سيتم تحديدها خلال المفاوضات التفصيلية".
كما يشمل "زيادة كبيرة في حجم المساعدات الإنسانية التي ستدخل إلى قطاع غزة". ومثل الاقتراح السابق يذكر الإطار الجديد، فقط، المبادئ العامة للمراحل التالية من الصفقة التي تركز على تأمين إطلاق سراح الجنود وتبادل الجثث، وفق "أكسيوس".
إصرار إسرائيلي على اجتياح رفح
ووسط هذه المؤشرات الإيجابية على حدوث تقدم في المباحثات، يصر نتنياهو على اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة، إذ قال الأحد إن القوات الإسرائيلية ستتوغل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة بغض النظر عن نتائج المحادثات.
وقال نتنياهو لشبكة CBS الأميركية: "يجب القيام بذلك، لأن النصر الشامل هو هدفنا، والنصر الشامل في متناول اليد"، مضيفاً أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن الانتقال إلى رفح، التي تمثل الملاذ الأخير لمئات الآلاف من عائلات غزة التي أجبرت على ترك منازلها، سوف يتأخر إلى حد ما".
ورداً على سؤال بشأن مطالبة الولايات المتحدة إسرائيل بحماية المدنيين في رفح، أوضح نتنياهو أن قادة الجيش سيعرضون عليه "خطة مزدوجة لإخلاء رفح وتفكيك ما تبقى من كتائب (حماس)".
وتطرق نتنياهو، إلى الانتقادات الدولية الموجهة إلى نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في رفح، وقال: "حتى في اللحظة التي تبدأ فيها العملية في المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة، سنظل على بعد أسابيع من تحقيق النصر الكامل".
وعن الصفقة المحتملة لإطلاق سراح المحتجزين، قال عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بيني جانتس: "أود أن أقول للجمهور الإسرائيلي، نحن لن نتوقف حتى نعيدهم. لن نتوقف عن القتال حتى نعيد مختطفينا، ولن نتوقف عن المعركة حتى نعيد السكان إلى منازلهم بأمان، ونزيل تهديد (حماس) على المواطنين الإسرائيليين".
وقال مسؤولون إسرائيليون إن معركة رفح يمكن أن تتم خلال شهر رمضان، والذي من المتوقع أن يبدأ في 11 مارس المقبل.
وحث مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، جيك سوليفان، مرة أخرى على توخي الحذر بشأن عملية رفح. "لقد كنا واضحين أننا لا نعتقد أن عملية عسكرية كبيرة يجب أن تستمر في رفح ما لم تكن هناك خطة واضحة وقابلة للتنفيذ لحماية المدنيين وإيصالهم إلى بر الأمان وإطعامهم وإيوائهم.
وكانت "حماس" عبرت عن استعدادها للتخلي عن مطلبها بوقف دائم لإطلاق النار وقبول المفاوضات في مرحلة لاحقة للوصول إلى هذا الهدف. لكن "حماس" ما زالت مصرة على انسحاب الجيش الإسرائيلي من أجزاء من القطاع للسماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى منازلهم، بحسب مسؤولين مصريين.
وقال المسؤولون إن حركة "حماس"، لا تزال تطالب بالإفراج عن السجناء الفلسطينيين الذين يقضون أحكاماً طويلة بالسجن في قضايا مرتبطة بالعنف، في حين أن إطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين خلال وقف إطلاق النار سيعتمد على التقدم في المحادثات نحو إنهاء الحرب.
ويأمل الوسطاء في التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يساعد في تجنب عملية برية إسرائيلية في رفح.