تسود حالة من الغموض بشأن إرسال مقاتلات من طراز F-16 إلى أوكرانيا، من حيث قدرة الدول على الوفاء بتعهداتها في هذا الملف ومواعيد ذلك، وسط تساؤلات بشأن مصير الطيارين الأوكرانيين وإلى أي مدى وصلوا في عمليات التدريب.
وجاء تأخير تدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة مقاتلات أميركية طراز F-16 في مركز تدريب جديد في رومانيا ليسلط الضوء على حالة من "الارتباك والفوضى" واجهت تحرك التحالف العسكري السريع لتقديم هذا النوع من المقاتلات، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة الأميركية إن الطيارين الأوكرانيين لم يصلوا بعد إلى مركز التدريب الذي أُنشئ في رومانيا لتدريبهم على قيادة مقاتلات F-16 الحربية، رغم جاهزية المقاتلات والمدربين، وتصريحات أُدلي بها الصيف الماضي بأن المركز سيلعب دوراً حاسماً في الدفاع عن البلاد ضد الهجمات الروسية.
ولم يتضح بعد موعد بدء تدريب الطيارين في المركز، الذي يتواجد في قاعدة "فيستيتي" الجوية بجنوب شرق رومانيا، التي يستخدمها الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتدريب على قيادة المقاتلات.
لكن ذلك لا يعني أن الطيارين الأوكرانيين لا يجري إعدادهم، فمن المتوقع أن يكون 12 طياراً، أي أقل من سرب كامل، جاهزين لقيادة مقاتلات F-16 بحلول الصيف (يوليو)، بعد 10 أشهر من التدريب في الدنمارك وبريطانيا والولايات المتحدة.
ومع عودة الطيارين الأوكرانيين إلى بلادهم، ستكون أوكرانيا قد تسلمت ما لا يقل عن 6 مقاتلات F-16 من أصل 45 مقاتلة تعهد الحلفاء الأوروبيون بتقديمها، حسب الصحيفة.
ومع ذلك استبعدت "نيويورك تايمز" وصول الطيارين الأوكرانيين المرتقب إلى ساحة القتال قريباً، وأشارت إلى استخدام روسيا دعماً جوياً أكثر قوة خلال الأسابيع الأخيرة لتحقيق مكاسب في شرق أوكرانيا، حيث استخدمت طائراتها الحربية لإسقاط قنابل شراعية موجهة على مسافات طويلة من الخطوط الأمامية الأوكرانية.
وتشتد حاجة أوكرانيا إلى المزيد من الأسلحة بكافة أنواعها مع انخفاض مخزونها من قذائف المدفعية وغيرها من الذخائر، في الوقت الذي يعرقل فيه الجمهوريون في الكونجرس الأميركي زيادة المساعدات العسكرية.
ورجحت الصحيفة وصول المقاتلات F-16 إلى أوكرانيا مُسلحة بصواريخ وقنابل قصيرة ومتوسطة المدى، ما يُعوض جزئياً النقص في الذخائر الأرضية.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مطلع مارس الجاري: "هذا العام، ستحلق طائرات مقاتلة جديدة في سمائنا، وعلينا أن نجعل هذا العام عاماً فعالاً في الدفاع عن أنفسنا ضد القنابل الموجهة والطائرات الروسية وصواريخها".
غموض بشأن الجدول الزمني
مع ذلك، اتفق مسؤولون على أنه لا يزال هناك قدر كبير من الغموض يكتنف موعد إرسال كل دولة طائراتها، وعدد الطائرات التي سترسل، ومدى سرعة تدريب الطيارين، وكيفية تأمين عدد كاف من الأشخاص القادرين على صيانة الطائرات بشكل صحيح.
ومقارنة بالمعايير العادية، فإن تدريب الطيارين على المقاتلات الغربية المعقدة تم "بسرعة البرق"، حيث تم تكثيف محاضرات وتجارب محاكاة وتدريبات على الطيران لتقدم في أشهر بدلاً من سنوات.
ومع ذلك، تسير العملية بوتيرة أبطأ مما كانت تأمله أوكرانيا أو حلفاؤها بسبب اضطرار الطيارين، المدربين على استخدام طائرات وتكتيكات تعود إلى الحقبة السوفيتية، إلى تعلم اللغة الإنجليزية والممارسات العسكرية الغربية للاستفادة بشكل فعال من مقاتلات "إف-16"، وفقاً لـ “نيويورك تايمز".
وقال وزير الدفاع الدنماركي ترويلز لوند بولسن للصحيفة إن "التدريب يسير بشكل جيد"، مُشيراً إلى أن الطيارين الأوكرانيين كانوا يحلقون بالفعل فوق المجال الجوي الدنماركي، لافتاً إلى أن أن منحنى التعليم للطيارين هو ما "سيحدد في النهاية مدة التدريب".
وبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين في أغسطس 2023 في قاعدة "سكريدستروب" الجوية بجنوب الدنمارك، لكن افتقارهم للمهارات اللغوية وعدم معرفتهم بأساليب الطيران الغربية أدى إلى تباطؤ الأمور. وقال مسؤولون دنماركيون إن الطيارين الأوكرانيين لم يكونوا جاهزين للطيران حتى يناير.
وتعهدت الدنمارك وهولندا والنرويج وبلجيكا بإرسال نحو 45 طائرة مقاتلة إلى أوكرانيا، ما يكفي لتكوين 3 أسراب صغيرة. ومن المقرر أن ترسل الدنمارك أول 6 طائرات في أواخر الربيع، وسترسل 13 مقاتلة أخرى خلال العام الجاري وحتى عام 2025.
ولم تحدد الدول الأخرى موعداً لتسليم مقاتلات F-16 إلى أوكرانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الهولندية يوريآن إيسر إن هولندا، التي تعهدت بـإرسال 24 مقاتلة، ستحتفظ بالطائرات حتى تصبح أوكرانيا مستعدة لاستلامها.
