بعد خلاف كردستان.. ما المحكمة الاتحادية في العراق وما دورها؟

مبنى المحكمة الاتحادية العليا في العاصمة العراقية بغداد. 19 يناير 2022 - AFP
مبنى المحكمة الاتحادية العليا في العاصمة العراقية بغداد. 19 يناير 2022 - AFP
بغداد-الشرق

تواجه المحكمة الاتحادية العليا في العراق انتقادات حادة من الطبقة السياسية في إقليم كردستان بسبب قرارها منح الحكومة الاتحادية حق السيطرة على إدارة النفط وتصديره، وإصدارها مؤخراً حكماً بصرف رواتب موظفي الإقليم من الحكومة الاتحادية بشكل مباشر دون الرجوع إلى حكومة كردستان.

وتصاعد الجدل مع إعلان عضو المحكمة الاتحادية العليا القاضي سليمان زيباري انسحابه من عضويتها احتجاجاً على قراراتها الأخيرة، وقال في مؤتمر صحافي، إنه "لمس وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أسس النظام المركزي للحكم، والابتعاد شيئاً فشيئاً عن أسس ومبادئ النظام الاتحادي من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية على حساب السلطات الممنوحة للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم".

في هذا التقرير، نسلط الضوء على طبيعة المحكمة الاتحادية العليا، ومهامها، وتكوينها، فضلاً عن أبرز أوجه الخلاف مع إقليم كردستان.

وتعتبر المحكمة أعلى سلطة تختص بالفصل في القضايا والنزاعات الدستورية، وأُنشئت بالقانون رقم (30) لعام 2005 وفق المادة (93) من الدستور العراقي، وقراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة، وهي مستقلة بشكل كامل عن القضاء العادي، ولا يوجد أي ارتباط بينهما.

وتتكون المحكمة الاتحادية من رئيس ونائب للرئيس و7 أعضاء أصليين و3 أعضاء احتياط غير متفرغين جميعهم من قضاة الصف الأول المستمرين بالخدمة ممن لا تقل خدمتهم الفعلية في القضاء عن 15 عاماً.

ما صلاحيات المحكمة الاتحادية؟

  • الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.
  • تفسير نصوص الدستور.
  • الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية.
  • الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية.
  • الفصل في المنازعات التي تحصل بين حكومات الأقاليم أو المحافظات
  • الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء.
  • المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب
  • الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
  • الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للأقاليم أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم.
  • النظر بالطعن في قرار مجلس النواب الصادر خلال 30 يوم من تاريخ صدوره.

ما سبب الخلاف مع إقليم كردستان؟

الخبير القانوني علي التميمي قال لـ"الشرق"، إن الخلافات بدأت عندما أصدرت المحكمة الاتحادية قرارات متعلقة بالشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان، وتحديداً ما يرتبط بتصدير إدارة الإقليم النفط إلى تركيا.

وكسبت بغداد دعوى شكت فيها أنقرة أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، والتي أقرت عدم قانونية حصول تركيا على النفط، حيث أن العراق بلد فيدرالي وكردستان جزء من السلطة الاتحادية.

وأضاف التميمي أن من بين أسباب الخلاف، إصدار المحكمة الاتحادية قرارات بإلزام إقليم كردستان بتسليم 250 ألف برميل يومياً إلى الحكومة العراقية، على أن يكون التصدير عبر شركة "سومو" الحكومية، وإيداع الأموال الخاصة بالكمية في مصرف عراقي، وأن يطلع ديوان الرقابة المالية على العقود مع الشركات الأجنبية.

وتابع: "ثم جاءت قرارات أخرى في الموازنة الاتحادية بإلزام إقليم كردستان بتسليم الحكومة الاتحادية 400 ألف برميل، وفق المادة 13 من قانون الموازنة، على أن تودع المبالغ في مصرف اتحادي".

ولفت إلى أن القرار الأخير للمحكمة ألزم موظفي الإقليم بتوطين رواتبهم في مصارف تابعة للحكومة الاتحادية، وفق القرار 422، والقرار رقم 83 المتعلق بانتخابات إقليم كردستان، مشيراً إلى أنهما "قراران كانا محل خلاف كبير مع الإقليم".

ورأى التميمي أن المحكمة لا تتحرك تلقائياً، قائلاً إن دعاوى الرواتب والانتخابات أقامها مواطنون أكراد في إقليم كردستان.

القانون المنظم لعمل المحكمة

ورداً على ما يردده مواطنون أكراد بشأن عمل المحكمة وفق قانون قديم، معتبراً أن "هذا الكلام مردود عليه، لأن المادة 130 من الدستور تقول إن القوانين تبقى نافذة مالم تُعدل أو تلغى، والدليل أن قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل لا تزال نافذة وتعمل لغاية الآن"، موضحاً أن المحكمة الاتحادية تتكون من 9 قضاة، ضمنهم الرئيس، بالإضافة إلى 3 قضاة احتياط، وتعمل وفق قانون رقم 30 لعام 2005، ونظامها الداخلي رقم 1 لسنة 2022.

ونبه التميمي إلى أن تعديل قانون المحكمة الاتحادية أو تشريع قانون جديد يتطلب تصويت البرلمان بأغلبية الثلثين، لافتاً إلى وجود "إشكاليات" في الدستور بشأن إعداد مشروع قانون، وأرجع السبب إلى أن المادة 92 من الدستور تنص على أن يضم تشكيل المحكمة "عدد من القضاة، وفقهاء القانون والشريعة".

وأوضح أن نقطة الخلاف الرئيسية تكمن في وجود "فقهاء شريعة وقانون"، وما إذا كانوا جزء من هيئة المحكمة أم مجلس استشاري، وأضاف: "أرى أن الأفضل تواجدهم كمجلس استشاري، وليس جزء من المحكمة".

وتابع: "هذا هو حال المحكمة الدستورية الفرنسية، لأن القاضي لا يحتاج رجل دين أو مستشار يجلس بجانبه، والقاعدة تقول إن كل قاض فقيه، ولكن ليس كل فقيه قاضي".

ما موقف إقليم كردستان؟

واعتبر الكاتب والباحث السياسي الكردي عماد باجلان لـ"الشرق"، أن المحكمة الاتحادية تجاوزت كل صلاحياتها وواجباتها، وأصبحت الآمر والناهي، ورأى أنها "تأخذ دور السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية بقراراتها التعسفية غير الدستورية، وهذه أهم أسباب الخلاف بين إقليم كردستان والمحكمة".

وتابع باجلان: "كل القرارات ضد كيان إقليم كردستان، وأغلب القرارات مخالفة للدستور، وهذا الأمر بدأ يزداد وضوحاً منذ أن ساءت العلاقة بين أربيل وبغداد في عام 2014، وبدأت بعض الجهات السياسية بالضغط على المحكمة الاتحادية".

وذكر أنه تم "تسييس" المحكمة الاتحادية بعد التغير الذي حصل في عام 2018، عندما جرى تغيير غالبية القضاة بها.

وطالب باجلان بتغيير آلية التصويت داخل المحكمة، لتصبح بالإجماع وليس بالأغلبية، موضحاً أن "أعضاء المحكمة الاتحادية 9 أعضاء، 2 سنة، 2 كرد، 5 شيعة"، وأضاف: "يتبين هنا أن الشيعة حققوا الأغلبية، ولهم أن يمرروا أي قرار، لذا نصر على أن تكون القرارات بالإجماع مع وجود حق فيتو لكل مكون".

تصنيفات

قصص قد تهمك