أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السبت، الهجوم على صالة الحفلات الموسيقية بإحدى ضواحي العاصمة موسكو الذي تبناه تنظيم "داعش" وأودى بحياة 115 شخصاً على الأقل، قائلاً إنه "عمل إرهابي همجي" فيما نفت أوكرانيا ضلوعها فيه بعد اتهامات روسية في هذا الاتجاه.
وقال الرئيس الروسي في كلمة متلفزة للأمة السبت: "أتحدث إليكم اليوم بشأن العمل الإرهابي الدموي الهمجي الذي راح ضحيته عشرات الأشخاص الأبرياء المسالمين... أعلن يوم 24 مارس يوم حداد وطني".
وأضاف: "أُوقف منفّذو العمل الإرهابي الأربعة الذين أطلقوا النار وقتلوا الناس. كانوا متّجهين نحو أوكرانيا حيث، وفقاً لمعلومات أولية، كانت لديهم نافذة عبور للحدود"، مشيراً إلى أن "الإرهابيين والقتلة واللاإنسانيين سيواجهون مصيراً لن يحسدوا عليه".
ولم تعلّق السلطات الروسية على إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم، لكن مسؤولين أشاروا إلى وجود صلة بين أوكرانيا ومنفّذيه.
وكانت كييف التي نفت أي تورط لها في الهجوم مساء الجمعة، رفضت السبت، الاتهامات الروسية التي وصفها المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك بأنها "سخيفة" مؤكّداً أن "أوكرانيا ليست لديها أدنى صلة بالحادث".
وتحدث الرئيس الروسي مع قادة أجانب وشكر عمال الإنقاذ في بيان مكتوب الجمعة، بعد الهجوم على كروكوس سيتي هول، وهو الأكثر حصداً للأرواح من قرابة عقدين والأكثر فتكاً في أوروبا الذي يتبنّاه تنظيم "داعش" منذ هجمات 13 نوفمبر 2015 في باريس.
وكانت لجنة التحقيق الروسية أعلنت في وقت سابق السبت توقيف 11 شخصاً، بينهم المهاجمون الأربعة الذي نفّذوا الهجوم، في منطقة بريانسك الواقعة على الحدود مع أوكرانيا وبيلاروس.
وأكّدت أجهزة الأمن الروسية، السبت، أن المشتبه بهم كانت لديهم "جهات اتصال" في أوكرانيا إلى حيث كانوا يعتزمون الفرار من دون تقديم أي دليل على هذه الصلات المفترضة التي لم تحدّد طبيعتها.
وقال النائب أندري كارتابولوف رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، إن تورُّطا لأوكرانيا "ليس مستبعداً".
وارتفعت حصيلة الهجوم إلى 133ضحية، وفق ما أعلنت السلطات الروسية السبت، مشيرة إلى أن العدد سيستمر في الارتفاع على الأرجح.
وأوضحت لجنة التحقيق عبر "تليجرام" أن هناك أشخاصاً توفوا متأثرين بإصابتهم بأعيرة نارية ومن استنشاق الدخان بعدما اشتعلت النيران في المبنى.
وأشارت في وقت سابق إلى أن المهاجمين المشتبه في تنفيذهم الهجوم استخدموا "أسلحة أوتوماتيكية" وأشعلوا المبنى بواسطة "سائل قابل للاشتعال".
تنظيم "داعش"
نفّذ تنظيم "داعش" الذي تحاربه روسيا في سوريا والذي ينشط أيضاً في القوقاز، هجمات على الأراضي الروسية منذ نهاية العام 2010، لكنه لم يتبنّ أي هجوم بهذا الحجم في البلاد.
وأعلن التنظيم في بيان على تليجرام أنّ مقاتليه "هاجموا تجمّعاً كبيراً (...) في محيط العاصمة الروسيّة موسكو". وزعم التنظيم أنّ مقاتليه "انسحبوا إلى قواعدهم بسلام".
والهجوم الذي بدأت وسائل الإعلام الروسيّة الإبلاغ عنه قرابة الثامنة والربع مساء (17:15 توقيت جرينيتش)، نفّذه عدد من المسلّحين في كروكوس سيتي هول، وهي قاعة للحفلات الموسيقيّة تقع في كراسنوجورسك عند المخرج الشمالي الغربي للعاصمة.
وأوضح حاكم منطقة موسكو أندري فوروبيوف أن الحريق "أتى بالكامل" على صالة الحفلات الموسيقية.
وروت آنا التي كانت هناك مع زوجها لوكالة "فرانس برس"، السبت، أنها "ركضت نحو المخرج" بمجرد سماعها أصوات قرقعة تبيّن أنها طلقات نارية.
وأضافت: "كنت متوترة. كان الناس يدوسون بعضهم بعضاً، كان هناك تدافع"، مشيرة إلى أن زوجها "سقط" لكنهما تمكنا أخيراً من الفرار.
وكانت السفارة الأميركية في روسيا حذّرت مواطنيها قبل أسبوعين من أن "متطرّفين لديهم خطط وشيكة لاستهداف تجمّعات كبيرة في موسكو، بما في ذلك حفلات موسيقيّة".
لكن الرئيس الروسي رفض تلك التصريحات التي اعتبرها "استفزازية"، وقال "يبدو كل ذلك كأنه ابتزاز محض ورغبة في تخويف مجتمعنا وزعزعة استقراره".
"حِداد"
ورغم تبني تنظيم "داعش" الهجوم، تبقى هناك العديد من الأسئلة التي ينبغي الإجابة عليها. وبحسب وسائل إعلام روسية والنائب ألكسندر خينستين، فإن بعض المشتبه بهم من طاجيكستان.
وأوضحت سلطات طاجيكستان الواقعة في آسيا الوسطى أنها "لم تتلق تأكيدات من السلطات الروسية بشأن المعلومات الكاذبة المتداولة حالياً حول ضلوع مواطنين" من طاجيكستان في الهجوم.
ومنذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي في العام 1991، تواجه طاجيكستان العديد من الحركات المسلحة. وفي السنوات الأخيرة، اتُهم مواطنون طاجيكيون بضلوعهم في هجمات، خصوصاً في إيران.
والسبت، كانت عناصر من الشرطة والقوات الخاصة ما زالت منتشرة خارج القاعة التي أصبح الجزء العلوي منها متفحماً ومدمّراً جزئياً بسبب النيران التي اندلعت فيه، الجمعة.
وكان مئات من عناصر الإنقاذ يعملون على إزالة الأنقاض، وهي مهمة أعلن حاكم منطقة موسكو، السبت، أنها ستستغرق أياماً عدة.
وكتب أندري فوروبيوف على تليجرام: "يعمل عناصر الإنقاذ 24 ساعة على 24 في الموقع (...) عثر على 20 جثة أخرى تحت الأنقاض. سيستمر العمل لأيام عدة".
ومنذ الصباح، اصطفت طوابير طويلة أمام بعض مراكز التبرع بالدم في موسكو، كما أظهرت صور نشرتها وسائل إعلام حكومية.
كما ظهرت في بعض مواقف الحافلات بالمدينة ملصقات تظهر شمعة مرفقة بجملة "نحن في حداد 22/03/2024" وهو تاريخ الهجوم.
وأثار هذا الهجوم إدانات المجتمع الدولي الذي أبدى وحدته مع الشعب الروسي. وفي روسيا، شدّدت التدابير الأمنية وألغيت العديد من الفعاليات العامة.