يكشف الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، الشهر المقبل، خطة لإعادة هيكلة قيادة الجيش الأميركي في اليابان لمواجهة مخاوف مشتركة مرتبطة بالصين، حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة، أن الخطة ستعزز جهود التخطيط للعمليات والتدريبات العسكرية بين البلدين، وأفادت بأن واشنطن وطوكيو تخططان لإجراء أكبر تحديث لتحالفهما الأمني، منذ توقيع البلدين على معاهدة الدفاع المشترك في عام 1960.
وقالت الصحيفة، إن من المقرر إعلان الخطة في العاشر من أبريل في البيت الأبيض، حيث يستضيف بايدن رئيس الوزراء الياباني في حدث رسمي تتخلله إقامة مأدبة عشاء، واجتماع لبحث شؤون سياسية.
واليابان حليف وثيق وعنصر رئيسي في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين وكوريا الشمالية وقضايا أمنية آسيوية أخرى.
ويرغب الحليفان، تعزيز علاقاتهما الأمنية رداً على ما يعتبرانه "التهديد الصيني المتفاقم"، ما يتطلب من جيشيهما "التعاون والتخطيط بسلاسة أكبر"، خاصة حيال أزمة مثل صراع تايوان.
وتأتي القمة الأميركية اليابانية المنتظرة في واشنطن، بعد أسابيع فقط من إعراب الرئيس الأميركي عن معارضته لاستحواذ مجموعة Nippon Steel اليابانية على شركة US Steel الأميركية.
وعلى مدى العامين الماضيين، قامت اليابان بتعزيز قدراتها الأمنية وزيادة إنفاقها الدفاعي، بما في ذلك التخطيط لشراء صواريخ Tomahawk الأميركية. كما يعكف الجيش الياباني على إنشاء "قيادة عمليات مشتركة" في العام المقبل لزيادة التنسيق بين أفرع قوات الدفاع الذاتي اليابانية.
ولكن التنسيق المشترك بين الحليفين واجه بعض "العراقيل"، ما أرجعته "فاينانشيال تايمز" إلى "عدم إجراء أي تغيير على القوات الأميركية في اليابان منذ فترة تراجع التعاون بين الجيشين، وضعف سلطات القيادة والسيطرة".
تطور أمني ياباني
ويتعين على اليابان التعامل بشكل أكبر مع القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في هاواي، والتي تقع على بُعد 19 ساعة من طوكيو وعلى مسافة 6200 كيلومتر.
ووصف فيليب ديفيدسون، الذي كان يشغل منصب قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، قبل أن يتقاعد في عام 2021، لـ"فاينانشيال تايمز"، سياسة الأمن القومي الجديدة التي تنتهجها اليابان، بأنها "التطور الأمني الأكثر إيجابية في شرق آسيا خلال القرن الحالي".
وأضاف أن "إدراك أن استراتيجيات الدفاع التي تنتهجها بلدانا قد تقاربت يجعل تطوير قيادتنا وسيطرتنا اليومية هو الخطوة المنطقية التالية".
ولطالما حثت طوكيو، الولايات المتحدة، على منح قائد القوات الأميركية في اليابان، مزيداً من السلطات العملياتية، متذرعة بالحاجة المُلحة إلى "تنسيق أوثق على الأرض".
وتجلت أحد العوامل المحفزة بشأن التنسيق والتعاون بين الجانبين، في زلزال وتسونامي عام 2011، عندما نفذت القوات الأميركية واليابانية عملية إنقاذ مشتركة.
وبرغم نجاح العملية، قال ريويتشي أوريكي، رئيس الأركان المشتركة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية آنذاك، إنه كان "من غير المناسب الاضطرار إلى التنسيق مع قيادة منطقة المحيطين الهندي والهادئ في هاواي، بدلاً من قائد القوات الأميركية في اليابان".
وقالت طوكيو، إن هناك حاجة مُلحة لوضع "ضابط أميركي أعلى رتبة في اليابان"، لاضطلاعه بدور دفاعي إقليمي أكبر، حيث "يرسل ذلك إشارة استراتيجية قوية إلى الصين وكوريا الشمالية، كما أنه من المفيد من وجهة نظر الردع القول إن الولايات المتحدة ستعزز الهيكلة القيادية في اليابان"، وفقاً لما قاله أوريكي لـ"فاينانشيال تايمز".
قوة مهمات مشتركة
ويتضمن أحد النماذج الذي تفكر فيه الإدارة الأميركية، إنشاء قوة مهمات عسكرية أميركية مشتركة جديدة يتم إلحاقها بالأسطول الأميركي في المحيط الهادئ، وهو أحد القيادات التي تتشكل منها قيادة القوات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ (Indo-Pacom) في هاواي.
وسيقضي قائد الأسطول وقتاً أطول في اليابان مما هو عليه الآن، كما سيحظى بهيكل دعم أكبر. وبمرور الوقت، ستنتقل قوة المهام، التي ستضم أجزاء مختلفة من الجيش الأميركي، إلى اليابان.
من جانبه، وصف كريستوفر جونستون، وهو مسؤول رفيع سابق في البنتاجون ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، تحديث القيادة الأميركية بأنه سيكون "خطوة كبيرة على طريق بناء تحالف عسكري ثنائي أكثر مصداقية".
وأضاف جونستون، الذي يعمل حالياً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث أميركي لـ"فاينانشيال تايمز"، إن "وضع هذه القيادات في موضع مشترك، جزئياً على الأقل، من شأنه أن يجعل التحالف الأميركي الياباني أقرب إلى شعار (الجاهزية للقتال الليلة) الذي يرفعه التحالف الأميركي مع كوريا الجنوبية، ومن ثَم أكثر استجابة ومصداقية في الرد على التهديدات الإقليمية، ما سيمثل إسهاماً رئيسا للردع في المنطقة".
وفي السياق قال جيمس سكوف، خبير التحالف الأميركي الياباني في مؤسسة ساساكاوا للسلام بالولايات المتحدة لـ"فاينانشيال تايمز"، إن الحليفين بحاجة إلى "تعزيز وتوضيح العلاقات القيادية والعملياتية للتخطيط في وقت السلم وأوقات الأزمات".
وأضاف أنه "من المحتمل أن تنتقل القيادة الأميركية من هاواي إلى اليابان لهذا الغرض في وقت السلم، ولكنها ستحتاج نوعا من "الموظفين المشتركين المتفرغين" المتمركزين في اليابان طوال الوقت للتخطيط وتسهيل وبناء الثقة مع النظراء اليابانيين لتنفيذ مجموعة عملية من المهام الثنائية".
وأشار الأفراد المطلعون على الموقف، إلى أن النماذج الأخرى "قد تخضع أيضاً للدراسة"، بما في ذلك "إمكانية تحديث القوات الأميركية في اليابان".
ولكن البنتاجون "لا يزال بعيداً بعض الشيء" عن اتخاذ أي قرار هذا الشأن، بما في ذلك ما يتعلق بفكرة إنشاء قوة مهام، التي اقترحها الأدميرال جون أكويلينو، قائد منطقة المحيطين الهندي والهادئ. كما يريد وزير الدفاع لويد أوستن أن يمنح الأدميرال صامويل بابارو، الذي سيخلف أكويلينو في مايو المقبل، الفرصة لبحث الأمر بعد توليه القيادة.
"معارك نفوذ" محتملة
وتوقع الأفراد المطلعون على الموقف أيضاً أن يناقش وزراء الخارجية والدفاع الأميركيان واليابانيان، الأمر معاً في وقت لاحق من العام الجاري، وفقاً لما أوردته "فاينانشيال تايمز".
ولفتت الصحيفة إلى أنه أياً كان النموذج الذي سيتم اختياره فإنه "سيكون معقداً للغاية"، مرجعة ذلك إلى عوامل تتعلق بـ "الموارد والبنية التحتية"، وأسباب تتعلق بـ "التراتبية العسكرية".
وحذرت الصحيفة أيضاً من احتمالية أن تكون هناك "معارك نفوذ" بين الأفرع المختلفة في الجيش الأميركي.
وتضغط طوكيو من أجل تعيين قائد أميركي ذو أربع نجوم في اليابان، ولكن هذه الفكرة تواجه "مقاومة"، بما في ذلك داخل الكابيتول هيل (الكونجرس).
ومؤخراً أبلغ جاك ريد، الرئيس الديمقراطي للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، الصحافيين، بأن أكويلينو قام بعمل رائع في الاتصالات التي أجراها مع اليابانيين، وأن الهيكلية الحالية "تفي بالغرض".
ورداً على سؤال "فاينانشيال تايمز" بشأن ضرورة تعيين ضابط أعلى رتبة في اليابان، أجاب ريد: "ربما في المستقبل، أما الآن فأعتقد أن لديما هيكلية قيادية وافية لتنفيذ استجابة فعالة".