ترحيب دولي وعربي.. مجلس الأمن يصوت لأول مرة على "وقف فوري للنار" في غزة

جانب من اجتماع أعضاء مجلس الأمن بمقر الأمم المتحدة في نيويورك. 25 مارس 2024 - REUTERS
جانب من اجتماع أعضاء مجلس الأمن بمقر الأمم المتحدة في نيويورك. 25 مارس 2024 - REUTERS
دبي-الشرقوكالات

تبنى مجلس الأمن الدولي، الاثنين، قراراً يطالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار"، وهو مطلب سبق أن عطلته الولايات المتحدة مرات عدة لكنها امتنعت هذه المرة عن التصويت عليه، ما يعني ضغطاً إضافياً على حليفتها إسرائيل.

وقدمت مشروع القرار الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس، ومنها الجزائر العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن.

وأعقب التصويت، على القرار الذي تم تبنيه بغالبية 14 صوتاً مؤيداً وامتناع عضو واحد عن التصويت، تصفيقاً من أعضاء المجلس، الذي لم يتمكن مرات عديدة من اعتماد قرار بشأن وقف إطلاق النار في غزة، بسبب حق النقض (الفيتو) الأميركي.

نص القرار

وأعرب القرار الجديد عن "القلق البالغ" إزاء الحالة الإنسانية "الكارثية" في قطاع غزة، معترفاً بـ"الجهود الدبلوماسية المستمرة التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى وقف للأعمال القتالية وإطلاق سراح الرهائن وزيادة توفير المعونة الإنسانية وتوزيعها".

وطالب القرار بـ"وقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف بما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار".

وطالب أيضاً بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وكذلك بكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية"، ويطالب كذلك بأن "تمتثل الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم".

وشدد على "الحاجة الملحة إلى توسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم"، مؤكداً على مطالبته بـ"رفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع".

دعم أميركي

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد قالت خلال جلسة التصويت، إن "مجلس الأمن تحدث دعماً للجهود الدبلوماسية الجارية التي تقودها بلادها مع مصر وقطر للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار وتأمين الإفراج عن جميع المحتجزين والمساعدة في تخفيف المعاناة الهائلة للمدنيين الفلسطينيين في غزة".

وذكرت أن الولايات المتحدة "تدعم بشكل كامل هذه الأهداف المهمة، وأنها تعمل على مدار الساعة لجعلها حقيقة على الأرض عبر الجهود الدبلوماسية".

وأضافت: "نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فوري لإطلاق النار مع الإفراج عن جميع المحتجزين، ولكننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد"، مشيرةً إلى أنه "كان يمكن وقف إطلاق النار قبل شهور لو كانت (حماس) مستعدة للإفراج عن المحتجزين، ولكنها واصلت عرقلة سبيل السلام، والاختباء خلف السكان المدنيين".

وأعربت عن أسفها لما وصفته بـ"تجاهل عدد من التعديلات التي طلبتها على نص مشروع القرار، الذي اعتمد اليوم، بما في ذلك إدانة حركة (حماس)"، وقالت، إنها "لا تتفق مع كل ما تضمنه القرار لذا لم تصوت لصالحه".

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد تمتنع عن التصويت على قرار مجلس الأمن. 25 مارس 2024
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد تمتنع عن التصويت على قرار مجلس الأمن. 25 مارس 2024 - news.un.org

لكنها أبدت "تأييدها بشكل كامل لبعض الأهداف التي يتضمنها هذا القرار غير الملزم"، مشيرةً إلى أنه "كان من المهم للمجلس أن يتحدث ويؤكد بشكل واضح أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يقترن بإطلاق سراح جميع المحتجزين".

الصين: "قرار واضح"

وفي المقابل، أكد الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة جانج جون، أن قرارات مجلس الأمن "ملزمة"، داعياً الدول المعنية إلى "الوفاء بالتزاماتها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة واتخاذ الإجراءات اللازمة وفقاً للقرار".

وعقد جانج مقارنة بين مشروع القرار الحالي، ومشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأسبوع الماضي وصوتت بلاده ضده، قائلاً إن "مشروع القرار الحالي واضح لا لبس فيه وصحيح في اتجاهه، الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، في حين أن المشروع السابق كان مراوغاً وغامضاً".

وأضاف أن القرار الحالي "يعكس أيضاً التوقعات العامة للمجتمع الدولي، ويحظى بدعم جماعي من الدول العربية"، مؤكداً أن الصين "دفعت الولايات المتحدة لإدراك أنها ليس بإمكانها الاستمرار في عرقلة المجلس"، مضيفاً أن "قرار المجلس اليوم جاء متأخراً جداً بالنسبة للأرواح التي أزهقت بالفعل، أما بالنسبة لمن لا يزالون يعيشون في القطاع، فإن القرار يمثل أملاً طال انتظاره".

الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة جانج جون خلال جلسة مجلس الأمن. 25 مارس 2024
الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة جانج جون خلال جلسة مجلس الأمن. 25 مارس 2024 - news.un.org

روسيا: قرار لصالح السلام

المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، قال إن بلاده صوتت لصالح مشروع القرار الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار "حتى لو اقتصر ذلك على شهر رمضان".

وأضاف: "لسوء الحظ، ما يحدث بعد ذلك لا يزال غير واضح، لأن كلمة دائم (في مشروع القرار) يمكن تفسيرها بطرق مختلفة".

وذكر أن "أولئك الذين يوفرون الغطاء لإسرائيل ما زالوا يريدون إطلاق يدها"، معرباً عن أمله في أن يتم استخدام الصياغة الواردة في القرار "لصالح السلام بدلاً من تعزيز العملية الإسرائيلية غير الإنسانية ضد الفلسطينيين".

ترحيب أوروبي

ورحب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بقرار مجلس الأمن، مشدداً على ضرورة "تنفيذه بشكل عاجل" من قبل جميع الأطراف، فيما أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده "لطالما أيدت تنفيذ هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار دون العودة إلى الدمار والقتال والخسائر في الأرواح، باعتبارها أسرع وسيلة لإخراج المحتجزين ومساعدتهم".

كما شدد الوزير البريطاني على منصة "إكس"، على أن لندن ستواصل دعم تل أبيب عقب "الرعب الوحشي الذي خلفته هجمات 7 أكتوبر، والحقيقة هي أن (حماس) لا تزال تحتجز أبرياء في غزة".

رد فعل طرفي الحرب

رحّبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقرار، معربة عن استعدادها للمضي قدما في عملية تؤدي إلى الإفراج عن المحتجزين في القطاع "فوراً" مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين ومؤكدة "ضرورة الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، يؤدي إلى انسحاب كافة القوات الصهيونية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي خرجوا منها".

أما إسرائيل، فقالت على لسان وزير الدفاع يوآف جالانت: "ليس لدينا مبرّر أخلاقي لوقف الحرب ما دام هناك رهائن في غزة". وردّا على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، ألغت زيارة وفد رفيع المستوى إلى العاصمة الأميركية حيث كان من المفترض مناقشة الهجوم البرّي المحتمل على رفح.

السعودية: ضرورة إنهاء المعاناة

ورحبت السعودية بصدور قرار مجلس الأمن، مجددةً مطالبتها المجتمع الدولي بـ"الاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة".

وأكدت الخارجية السعودية في بيان، على "ضرورة إنهاء المعاناة وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة".

مصر: خطوة أولى

واعتبرت وزارة الخارجية المصرية في بيان، أن القرار "خطوة أولى هامة وضرورية لوقف نزيف الدماء ووضع لحد لسقوط الضحايا المدنيين"، مؤكدةً أنها "ستواصل جهودها الحثيثة بهدف وقف الحرب وإنهاء الأزمة".

وطالبت الخارجية المصرية، بـ"ضرورة التنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار، بما يفتح المجال للتعامل مع كافة عناصر الأزمة".

كما رحبت بعثة الإمارات الدائمة لدى الأمم المتحدة باعتماد القرار، وقالت على منصة إكس: "يتعين على الأطراف الالتزام بهذا القرار وتنفيذه بالكامل، كما يتوجب على المجتمع الدولي ضمان نجاحه حيث من شأن هذا القرار إنقاذ أرواح الأبرياء".

ووصفت تركيا قرار مجلس الأمن بـ"الأمر الإيجابي"، معربةً عن أملها بأن "تمتثل إسرائيل في أقرب وقت ممكن لمقتضيات هذا القرار"، بحسب بيان الخارجية التركية.

كما رحّبت دولة جنوب إفريقيا التي قدّمت التماسات عدة في الأشهر الأخيرة إلى محكمة العدل الدولية تتّهم فيها إسرائيل بارتكاب "إبادة" في غزة، بالقرار.

وقالت وزيرة الخارجية: "باتت الكرة الآن في ملعب مجلس الأمن الذي ستُختبر قدرته على ضمان احترام القرار".

"نقطة انطلاقة حقيقة"

واعتبر المندوب الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة ماجد عبد الفتاح، أن قرار مجلس الأمن "شكل نقطة انطلاقة حقيقة لدور للأمم المتحدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار" في غزة.

وأشار عبد الفتاح لـ"الشرق" إلى أن الولايات المتحدة كانت "تقف ضد أي قرار ينص على وقف إطلاق النار، وكانت تطلب فقط النص على هدن إنسانية، وذلك لتمكين المفاوضات التي تتم خارج الأمم المتحدة من التوصل إلى اتفاق يتم احضاره إلى الأمم المتحدة للتصديق عليه".

ورأى أن واشنطن "تشاطر بعض الشيء ما يقوله الإسرائيليون من أن الأمم المتحدة منظمة متحيزة ضد إسرائيل".

وأوضح أن "الولايات المتحدة لا تريد أن تترك لمجلس الأمن أو للأمم المتحدة الفرصة لاتخاذ قرارات ملزمة تضطر إسرائيل بموجبها للالتزام بذلك وإلا تكون مخالفة لقواعد الشرعية الدولية، ويعرّضها للعقاب سواءً من خلال الفصل السابع (من ميثاق) الأمم المتحدة أو من خلال محكمة العدل الدولية".

ويشير الفصل السابع، والذي يتكون من 13 مادة، ما يجب أن تتخذه الأمم المتحدة "من أعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان".

رأى عبد الفتاح أن الامتناع الأميركي عن التصويت على القرار "يتضمن إشارة إيجابية، إلا إننا نقترب من الاتفاق خلال المفاوضات التي تتم برعاية مصرية-قطرية خارج الأمم المتحدة".

تصنيفات

قصص قد تهمك