لماذا غير رئيس مجلس النواب الأميركي موقفه من مساعدات أوكرانيا؟

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى وسائل إعلام في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن. 20 أبريل 2024 - REUTERS
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى وسائل إعلام في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن. 20 أبريل 2024 - REUTERS
واشنطن -أ ف ب

قبل نحو 6 أشهر، تعرّف الأميركيون إلى مايك جونسون، السياسي الجمهوري المغمور الذي أصبح من حيث لا يدرون، رئيساً لمجلس النواب، واليوم، أصبح اسم جونسون معروفاً للقاصي والداني؛ بعد أن قاد تمرير حزمة المساعدات الضخمة لأوكرانيا، رغم الأصوات المعارضة من داخل حزبه.

وانتخب جونسون (52 عاماً)، المسيحي المحافظ ابن لويزيانا، والمعروف بنظارته وشعره المصفَّف، في أكتوبر، رئيساً للمجلس حيث الغالبية للجمهوريين، خلفاً لكيفن مكارثي الذي أطاح به انقلاب غير مسبوق من نواب حلفاء للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، يُمثلون الجناح اليميني المتشدد في الحزب.

وطرحت أسماء عدة في حينه لتولّي الرئاسة قبل استبعادها واحداً تلو الآخر. في نهاية المطاف، ظهر اسم جونسون غير المعروف للجمهور الأميركي، لينال موافقة ترمب، وينتخب رئيساً للمجلس، وبالتالي زعيماً لغالبية جمهورية منقسمة على نفسها في الغرفة الدنيا للكونجرس.

وعرقل جونسون على مدى أشهر التصويت على مساعدات عسكرية ومالية طلبتها إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، لدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي. لكن لهجته بدأت بالتبدّل في الآونة الأخيرة، إلى أن أصبح الأسبوع الماضي، من أبرز المدافعين عن الحزمة البالغة قيمتها 61 مليار دولار.

وشهد موقفه تبدلاً جذرياً وصولاً للدعوة إلى التصويت على الحزمة، وهو ما تمّ السبت، في جلسة انتهت بإقرارها. ولقي تمرير الحزمة ترحيب كييف وحلفائها الغربيين الذين كان استمرار تعليق الدعم الأميركي، يثير قلقهم حيال تبعاته السلبية على وضع القوات الأوكرانية في الميدان.

ما أسباب التحوّل؟

وعن أسباب هذا التحوّل في موقف جونسون، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيرجينيا لاري ساباتو لوكالة "فرانس برس": "أعتقد أن جونسون اقتنع، تدريجياً، بأن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا هو من ضمن مصالحها الذاتية، وأن الجمهوريين المتشددين المعارضين لذلك، كانوا مخطئين بكل بساطة".

في ديسمبر الماضي، ومع قرب استنفاد كييف التمويل الأميركي الذي تمّ إقراره سابقاً، زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي واشنطن في محاولة للدفع نحو حزم دعم جديدة.

وجال الرئيس في الكونجرس برفقة زعيمي الجمهوريين والديمقراطيين، وكلاهما من المؤيدين للحزمة التي طلبها بايدن. لكن لقاء زيلينسكي بجونسون جرى خلف أبواب مغلقة.

وقال رئيس مجلس النواب بعد اللقاء إن بايدن يطلب "مليارات الدولارات الإضافية دون إشراف مناسب، ودون استراتيجية حقيقية لتحقيق النصر".

ومنذ ذلك الحين، سعت شخصيات أميركية ودولية عدة، من بينها وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، لمحاولة إقناع جونسون بأهمية حزمة الدعم، مع التحذير من خطر سقوط أوكرانيا عسكرياً في مواجهة روسيا، ما لم يستأنف الدعم العسكري الأميركي لها.

وأعلن جونسون، الاثنين، أن مجلس النواب سيصوّت على مشاريع قوانين منفصلة لتقديم مساعدات أميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، وأنه سيدعمها.

وقدّم جونسون تنازلاً واحداً لصالح ترمب، الذي كان يشدد على ضرورة أن تكون المساعدات لأوكرانيا على شكل قروض، ولو جزئياً على الأقل. وفي حين أصبح جزء من حزمة الدعم خاضعاً للسداد، إلا أن هذا الدين يبقى قابلاً للإلغاء، كما أن القيمة الإجمالية للحزمة هي بقدر ما كان بايدن طلبه.

واعتبر ساباتو أن رئيس مجلس النواب الأميركي لم "يرغب في أن يكون سقوط أوكرانيا مسؤوليته".

وقال جونسون بعد التصويت إنه يفضّل "بصراحة... إرسال طلقات نارية إلى أوكرانيا عوضاً عن إرسال شبان أميركيين"، مضيفاً بتأثر أن ابنه سيلتحق بأكاديمية البحرية الأميركية.

وتابع: "هذه مناورة بالذخيرة الحية بالنسبة إلي، كما هو الحال بالنسبة إلى عائلات أميركية كثيرة".

"التاريخ سيحكم علينا"

ويُخشى أن يكون مصير جونسون كرئيس للمجلس على المحك في أعقاب التصويت، إذ لم يتضح بعد ما إذا كان بعض النواب الجمهوريين اليمينيين الذين أطاحوا بمكارثي العام الماضي، يعتزمون العمل لإلحاق جونسون به.

وفي مؤشر على صعوبة موقف الأخير، رأى زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز أن ما قام به كان مفاضلة بين "(ونستون) تشرشل أو (نيفيل) تشامبرلين"، في إشارة إلى رئيس الوزراء البريطاني الذي عرف بإقدامه وتصميمه الفولاذي خلال الحرب العالمية الثانية، وسلفه الذي ارتبط اسمه دوماً بسياسة المهادنة والتهدئة.

من جهته، لجأ جونسون أيضاً إلى الفلسفة في توصيف ما قام به، مؤكداً أنه يرى نفسه "رئيساً لمجلس النواب في زمن الحرب... علينا القيام بالصواب، والتاريخ سيحكم علينا".

تصنيفات

قصص قد تهمك