قال مسؤول أميركي كبير سابق، أشرف حتى وقت قريب على مكتب متخصص في تتبع امتثال الجيوش الأجنبية التي تتلقى مساعدات عسكرية أميركية لحقوق الإنسان، الأربعاء، إنه لاحظ مراراً أن إسرائيل تتلقى "معاملة خاصة" من قبل المسؤولين الأميركيين بشأن التدقيق في مزاعم انتهاكات جيشها المتعلقة بالمدنيين الفلسطينيين.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، أن هذا الادعاء يأتي في الوقت الذي تواجه إدارة الرئيس جو بايدن ضغوطاً شديدة بسبب معاملة حليفتها إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين خلال حربها في قطاع غزة.
وأشارت الوكالة إلى أن أهمية هذه التصريحات تنبع من الموقع الذي كان يشغل من أدلى بها وهو تشارلز بلاها الذي كان مديراً لمكتب الأمن وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية الأميركية، قبل مغادرة المنصب في أغسطس الماضي.
ويشارك بلاها عن كثب في المساعدة على ضمان أن تمتثل الجيوش الأجنبية التي تتلقى مساعدات عسكرية أميركية، للقوانين الإنسانية وحقوق الإنسان الأميركية والدولية.
وقال إن مغادرته وزارة الخارجية بعد عقود من الخدمة "لا علاقة لها بالعلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وذكرت "أسوشيتد برس"، أن بلاها هو ثاني مسؤول حكومي كبير مشارك في هذه العلاقة يؤكد أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإن الولايات المتحدة "مترددة" في تطبيق القوانين المطلوبة من الجيوش الأجنبية التي تتلقى مساعدات من الولايات المتحدة.
وأضاف بلاها: "من واقع خبرتي، تحصل إسرائيل على معاملة خاصة لا تحصل عليها أي دولة أخرى"، لافتاً إلى أن "هناك تقدير لا مبرر له، في كثير من الحالات لوجهة نظر المسؤولين الإسرائيليين عندما تطرح الولايات المتحدة أسئلة بشأن الادعاءات بارتكاب تل أبيب لانتهاكات ضد الفلسطينيين".
"أدلة دامغة"
وجاء حديث بلاها خلال لقاءه صحافيين عقب إصداره هو وأعضاء آخرون في لجنة غير رسمية شكلها مسؤولين مدنيين وعسكريين أميركيين سابقين كبار، تقريراً يشير إلى "قتل مدنيين في غارات جوية محددة بغزة".
وأشار التقرير إلى وجود أدلة "دامغة وذات مصداقية" على أن القوات الإسرائيلية تصرفت بشكل "غير قانوني".
وجاءت تصريحات بلاها بعد تعليقات مشابهه قالها جوش بول، وهو مسؤول آخر في وزارة الخارجية وعضو في اللجنة.
واستقال بول من منصبه كمدير يشرف على عمليات نقل الأسلحة إلى جيوش الدول الأخرى في أكتوبر الماضي، احتجاجاً على "اندفاع" الولايات المتحدة بتقديم الأسلحة إلى إسرائيل وسط حربها في غزة.
ورداً على سؤال "أسوشيتد برس" بشأن مزاعم المسؤولين، أجاب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، "لا يوجد معيار مزدوج، ولا توجد معاملة خاصة".
ولم يرد المسؤولون الإسرائيليون فوراً على طلب التعليق، لكن تل أبيب تقول باستمرار إنها تمتثل لجميع القوانين في استخدامها للمساعدات العسكرية الأميركية، وتحقق في المزاعم ضد قواتها الأمنية وتحاسب المخالفين.
وتعد إسرائيل أكبر متلق للمساعدات العسكرية من الولايات المتحدة، ووقع بايدن، الأربعاء، تشريعاً للحصول على 26 مليار دولار إضافية من المساعدات، رغم الضغوط المتزايدة بسبب ارتفاع أعداد الضحايا الفلسطينيين.
وفي الأيام الماضية، قالت الإدارة الأميركية إنها ستعلن نتائجها الرسمية من المراجعات التي أجرتها في مزاعم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من قبل وحدات عسكرية إسرائيلية محددة.
وستُمنع هذه الوحدات من تلقي المساعدات العسكرية الأميركية إذا أكدت المراجعة هذه المزاعم.
وبشكل منفصل، من المتوقع أيضاً أن تكشف إدارة بايدن في 8 مايو المقبل، نتائج تحقيقات بشأن ما إذا كانت إسرائيل تستخدم المساعدات العسكرية الأميركية بطريقة تنتهك القانون الدولي أو قانون حقوق الإنسان.
وأصدر أعضاء اللجنة غير الرسمية تقريرهم، الأربعاء، من أجل حث الولايات المتحدة على التدقيق في هجمات محددة في غزة، حيث شدد المسؤولون السابقون على ضرورة أن تؤدي إلى استنتاج بأن إسرائيل كانت مخطئة عندما أكدت أنها تمتثل للقوانين. وإذا تم اتخاذ هذا القرار، يمكن للولايات المتحدة بعد ذلك تعليق المساعدات العسكرية.
وأشار التقرير غير الرسمي إلى 17 ضربة محددة على شقق سكنية ومخيمات للنازحين ومنازل خاصة وصحافيين وعمال إغاثة، فيما لفت المسؤولون السابقون في الولايات المتحدة والخبراء المستقلين إلى عدم وجود دليل على وجود هدف عسكري يبرر العدد المرتفع من القتلى المدنيين.
وتشمل هذه الهجمات غارة جوية في 31 أكتوبر الماضي، على مبنى سكني في غزة أسفرت عن سقوط 106 مدنيين، بينهم 54 طفلاً، فيما لم يقدم المسؤولون الإسرائيليون أي سبب للغارة.
ولم يعثر تحقيق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" على أي دليل على وجود هدف عسكري هناك، على حد قول المسؤولين.