يهدد الخلاف بين بريطانيا وإيرلندا بشأن زيادة عدد طالبي اللجوء بانهيار علاقاتهما "الهشة" بالفعل، ومع اقتراب موعد الانتخابات في كلا البلدين، يبدو أنه من غير المرجح أن يتراجع أي منهما عن موقفه، وفق "بلومبرغ".
وظهرت الخلافات بين رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ونظيره الإيرلندي المُنتخب حديثاً سيمون هاريس، هذا الأسبوع، إذ تقدمت الحكومة في دبلن بـ"تشريع طارئ" يسمح لها بإعادة طالبي اللجوء إلى بريطانيا.
وردَّ سوناك متعهداً بعدم الالتزام باتفاق أُبرم في وقت سابق لاستقبال اللاجئين، طالما أن فرنسا، زميلة إيرلندا في الاتحاد الأوروبي، ترفض الموافقة على استعادة المهاجرين من بريطانيا.
وجدد هذا الخلاف المخاوف بشأن التسويات التي تم الاتفاق عليها مؤخراً بشأن التجارة عبر البحر الإيرلندي وتقاسم السلطة بين "الوحدويين والقوميين" في إيرلندا الشمالية، التي لا تزال جزءاً من المملكة المتحدة، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
ويتمثل العنصر الأساسي بهذه الاتفاقيات في الحفاظ على حدود مفتوحة بين الشمال والجنوب في إيرلندا، رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020.
ويخضع تدفق اللاجئين لمزيد من التدقيق في الوقت الحالي في دبلن، بينما يكثف سوناك حملته لـ"إيقاف القوارب" التي تحمل المهاجرين عبر القناة الإنجليزية من فرنسا.
وقالت وزيرة العدل الإيرلندية هيلين ماكنتي، أمام لجنة برلمانية الأسبوع الماضي، إن 80% ممن يسعون للحصول على الحماية الدولية في بلادها جاءوا من الشمال.
جهود الاخلاء
وجددت السلطات الإيرلندية، الخميس، جهودها لإخلاء مخيمات اللاجئين المنصوبة خارج مكتب الحماية الدولية في العاصمة دبلن.
وذكرت وسائل إعلام إيرلندية أن الجمهورية ستنشر الشرطة بالقرب من الحدود مع الشمال، لكن وزارة العدل سرعان ما نفت هذه الفكرة التي وصفتها بـ"المثيرة للجدل"، بحسب "بلومبرغ". وقالت الشرطة الإيرلندية إن أفرادها لن يتم إرسالهم إلى الحدود.
كما أن الخلاف مشحون بقرون من التاريخ بين إيرلندا وحكام الجزيرة الاستعماريين السابقين في لندن، كما أن الحدود المفتوحة كانت جزءاً أساسياً من "اتفاقية الجمعة العظيمة" التي أنهت الصراع الذي دام عقوداً في إيرلندا الشمالية.
وكانت الحركة المستمرة عبر الحدود أيضاً إحدى المسائل الخلافية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في أعقاب الاستفتاء على "بريكست".
ويحتاج هاريس، الذي سيطر على الحزب الحاكم في إيرلندا "فاين جايل" بعد استقالة ليو فرادكار المفاجئة من رئاسة الوزراء في مارس الماضي، إلى أن يبدو قوياً في مواجهته لبريطانيا قبل الانتخابات التي يتعين إجراؤها في غضون 10 أشهر.
وقال رئيس قسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة كوينز بلفاست مويريس ماكارثاي لـ"بلومبرغ": "لست متأكداً من أنهم سيتجاوزن هذا الأمر قريباً. إنهم بحاجة إلى التعاون، ولكن أي تراجع عن الالتزامات، خاصة من قِبَل الحكومة البريطانية، سيكون له عواقب كارثية من الناحية السياسية".
وأصبحت الهجرة واحدة من أهم القضايا التي تثير قلق الناخبين في إيرلندا، وسط أزمة الإسكان، وفي الوقت الحالي يعيش أكثر من 1800 طالب لجوء بلا مأوى وينامون في الشوارع.
ويواجه سوناك ضغوطاً مماثلة في الداخل، حيث تعهَّد حزب "إصلاح المملكة المتحدة" الشعبوي، الذي أسسه نايجل فاراج، والمؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالوصول إلى صافي معدل الهجرة إلى "الصفر"، في إطار سعيه إلى تقليص عدد الأصوات المؤيدة لحزب المحافظين الحاكم.
ومع ارتفاع عدد طالبي اللجوء إلى بريطانيا، أصدر سوناك قانوناً يسمح بترحيل المهاجرين إلى رواندا، ورفض طلب هاريس باستعادة طالبي اللجوء من إيرلندا.
ووصل عدد طالبي اللجوء إلى بريطانيا في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري إلى رقم قياسي بلغ 7 آلاف و567 لاجئاً.