"شاب في عجلة من أمره".. من هو سيمون هاريس رئيس وزراء إيرلندا المرتقب؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
سيمون هاريس يقف بعد إعلانه كزعيم جديد لحزب فاين جايل في مؤتمر انتخابات قيادة الحزب في أيرلندا. 24 مارس 2024. - Reuters
سيمون هاريس يقف بعد إعلانه كزعيم جديد لحزب فاين جايل في مؤتمر انتخابات قيادة الحزب في أيرلندا. 24 مارس 2024. - Reuters
دبي-الشرق

بنى رئيس وزراء إيرلندا الجديد سيمون هاريس قاعدته على مزيج جديد من الجهود الحثيثة والذكاء في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن تقدم ليو فارادكار باستقالته من منصب رئاسة الوزراء، وفق ما أوردت مجلة "بوليتيكو".

والعباراتان الأكثر شيوعاً اللتان تنطبقان الآن على هاريس (37 عاماً)، هما أنه شاب في عجلة من أمره وأنه سيصبح أول رئيس وزراء "تيك توك" في أيرلندا، وكلتا العبارتين صحيحتان، وضروريتان لفهم السبب وراء فوز هاريس بالسباق، ليصبح زعيماً لحزب "فاين جايل Fine Gael" الحاكم، وعما قريب أول رئيس وزراء لأيرلندا من جيل الألفية.

وأضافت المجلة أن هاريس صعد السلم السياسي بسرعة تفوق بكثير ما كان متوقعاً، والشهر المقبل عندما ينتخبه المشرعون رسمياً سيصبح هاريس أصغر رئيس وزراء لأيرلندا على الإطلاق.

وتأكد فوز هاريس عندما لم ينافسه أي مرشح آخر، ما حول المنافسة على خلافة فارادكار، الذي استقال الأربعاء، دون سابق إنذار، إلى سباق لم يشارك فيه سوى حصان واحد، وانتهى الأحد، فيما سيتم انتخابه كرئيس للوزراء في 9 أبريل المقبل مع عودة مجلس النواب للانعقاد بعد عطلة عيد الفصح.

"سياسي بالفطرة"

ولطالما وصف الزملاء والنقاد السياسيون هاريس بأنه "الرئيس المستقبلي"، وذلك بفضل مهاراته الخطابية والاستماعية الفذة، فضلاً عن طاقته الإيجابية وأخلاقياته المهنية.

كما وُصف هاريس بالفعل بأنه "سياسي بالفطرة"، عندما كان شاباً يافعاً يترعرع في بلدة ساحلية صغيرة جنوبي دبلن، لأب يعمل سائق سيارة أجرة ومساعداً لذوي الاحتياجات الخاصة، وفق "بوليتيكو". 

وعندما كان في سن الـ15، قام هاريس بتوزيع منشورات لأحد المشرعين المحليين، ثم سرعان ما تولى بنفسه تنظيم أول اجتماعاته مع أبناء مجتمعه المحلي.  

وفي سن الـ18، بدأ هاريس العمل كمساعد برلماني داخل لينستر هاوس (مقر الأويرياشتاس الأيرلندي)، وبعد مرور عام، فاز بانتخابات مجلسين محليين، ما دفعه إلى ترك الجامعة ليتفرغ لخوض غمار الحياة السياسية.

وفي الـ24 من عمره مثل هاريس مقاطعته الأصلية "ويكلو" في مجلس أيرلندا وهو الغرفة السفلى الرئيسية في الأويرياشتاس، البرلمان الأيرلندي المكون من غرفتين، في خطوته الأولى على الطريق إلى رئاسة حزب "فاين جايل" الذي بلغه للتو بانتصاره الانتخابي الأخير.

وبعد خطابه الأول، نال هاريس شرف ترشيح رئيس "فاين جايل"، إندا كيني، كرئيس وزراء أيرلندا القادم، وحصل على مقعد فوري في أقوى لجنة برلمانية، وهي لجنة الحسابات العامة. 

وعندما عانى الحزب من خسائر انتخابية كبيرة في 2016، ولكنه بقي على قيد الحياة السياسية على رأس حكومة أقلية هشة، تم دفع هاريس إلى أصعب منصب وزاري، وهو وزير الصحة. 

وفيما لم يكن أداؤه أفضل من أسلافه، أظهر هاريس إعجاباً شديداً بوسائل التواصل الاجتماعي، ما جعله يبدو محصناً ضد "السقوط السياسي" في منصب كان يخوض معارك حامية ضد الاضطرابات العمالية، وممرات المستشفيات المزدحمة، وقوائم الانتظار المفزعة، والتكاليف الباهظة، والفضائح المتعلقة بسوء الممارسة.

وما ساعد هاريس في بناء سمعة حميدة كوزير للصحة أنه بدأ مسيرته السياسية في سن المراهقة بالمطالبة بتقديم دعم حكومي أفضل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مستشهداً بشقيقه الأصغر آدم، الذي كان يعاني مرض التوحد.  

وعندما تولى فارادكار رئاسة "فاين جايل" ومنصب رئيس الوزراء خلفاً لكيني في عام 2017، احتفظ هاريس بحقيبة الصحة رغم تأييده منافس فارادكار، سيمون كوفيني، ورغم أن فارادكار كان قد بدأ النظر إلى هاريس بالفعل باعتباره منافساً محتملاً له.

شعبية اجتماعية

"بوليتيكو" أشارت إلى أن إحدى سمات هاريس الأساسية كسياسي تتمثل في سهولة الدمج بين الشخصي والسياسي في صفحاته النشطة على منصات التواصل الاجتماعي، وبينها "فيسبوك" و"إنستجرام" و"تيك توك".

وقدم نشاط هاريس على وسائل التواصل الاجتماعي أرضاً خصبة لمشاركة الناخبين، عندما خفض فارادكار مرتبة هاريس إلى منصب وزاري من الدرجة الثانية ليتولى الإشراف على التعليم من المستوى الثالث، وذلك في أعقاب انتخابات 2020 التي تركت حزب "فاين جايل" الضعيف متعثراً في حكومة ائتلافية تضم 3 أحزاب.

ومنحت هذه الفترة هاريس فرصة مثالية للسفر أسبوعياً من جامعة إلى جامعة، والتدوين، والتقاط الصور في جميع أنحاء البلاد، إذ ترسخت صورته كمشرع أكثر ارتباطاً بهموم المراهقين والشباب الذين يكافحون من أجل بناء أسر وتأمين منازل.

وبينما يستعد هاريس ليتبوأ منصب رئيس الوزراء، يقترب عدد متابعيه على "تيك توك" من 100 ألف متابع، ما يفوق بـ10 أضعاف عدد متابعي حساب حزبه على المنصة نفسها، وفقاً لـ "بوليتيكو".

ويبقى هاريس التعليقات على منشوراته مفتوحة، لكنه في العادة لا يرد على أي من مئات الرسائل الغاضبة التي تطالب بإجراء انتخابات عامة فورية، إذ تنتهي الولاية الخمسية للحكومة في مارس 2025.

ويأمل أغلبية المشرعين المنتمين لحزب "فاين جايل" الذي ساندوا هاريس أن يقود حزبهم إلى ولاية حكومية رابعة على التوالي، ما يحقق له سبقاً تاريخياً. 

ومن المفترض أن تسجل استطلاعات الرأي خلال الأسابيع المقبلة ما إذا كان "فاين جايل" سيحقق قفزة كبيرة بعد إحلال هاريس محل فارادكار، إذ يخطط الأول لإقامة سلسلة من الفعاليات المباشرة للناخبين في جميع أنحاء البلاد قبل المؤتمر السنوي للحزب المزمع عقده في 6 أبريل بأيرلندا.

المواجهة الحزبية 

وأوضحت المجلة الأميركية، أنه في ظل الوضع الراهن، يواجه حزب "فاين جايل" معركة شاقة لاستعادة الناخبين الذين تولوا عنه منذ عام 2011، إذ اتجه كثير منهم إلى المشرعين المستقلين في المناطق الريفية بعد أن تحول الحزب إلى اليسار للتحالف مع شركاء الائتلاف الليبراليين في الغالب.

أما التحدي الأكبر الذي سيواجه "فاين جايل" في سباق إعادة الانتخاب فيتمثل في حزب "شين فين" الجمهوري الأيرلندي الذي ترسخت جذوره في السابق في المملكة المتحدة، والذي يُعد الآن الحزب الأكثر شعبية جنوب الحدود أيضاً.  

وفي انتخابات عام 2020، فاز "شين فين" بأكبر عدد من الأصوات، ولكنه لم يقدم عدداً كافياً من المرشحين للاستفادة من هذا الانتصار، وهو خطأ "لن يتكرر على الإطلاق".

وبينما لم يغلق حزب "فيانا فايل"، الشريك الرئيسي لـ"فاين جايل" في الائتلاف الحاكم، الباب تماماً أمام شراكة محتملة بعد الانتخابات مع حزب "شين فين"، وضع هاريس هذا الأمر على رأس قائمة مهامه السياسية.

وفي خطاب "النصر" الذي ألقاه أمام أنصار حزبه في نهاية الأسبوع، حظي هاريس بأقوى عاصفة تصفيق، عندما رسم خطاً أحمر بين حزبه وحزب "شين فين"، مشيراً إلى أنه لم يقطع على الإطلاق العلاقات مع "الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت".

وقال هاريس في خطابه إن حزب "فاين جايل" يمثل القانون والنظام، فهذا هو الحزب الذي أسس Garda Siochana (قوة الشرطة الأيرلندية)، ونحن نقف إلى جانب gardai (الشرطة)، وندافع عن الأمن في الشوارع، ولا نسمح بمرور الجريمة دون رادع.

وتذكر هاريس كيف تلقى قبل أيام قليلة الشخص المدان بقتل شرطي من الجيش الجمهوري الأيرلندي، وداعاً شبه عسكري، حيث تم بسط العلم الوطني الأيرلندي على نعشه.  

وأضاف أنه "في الأسبوع الذي رأيت فيه الألوان الثلاثة لهذه الجمهورية مبسوطة على نعش قاتل الشرطي، قلت ياللعار! لنستعيد إذن علمنا". 

في المقابل لم يبذل "شين فين" جهداً كبيراً في مهاجمة هاريس مباشرة، وعمد بدلاً من ذلك إلى التركيز على تحقيق انتصار كاسح على "فاين جايل" و"فيانا فايل" وحزب "الخضر" الحكومي الثالث في انتخابات البرلمان الأوروبي والمجالس المحلية خلال يونيو المقبل.

ويبقى التحدي المباشر لهاريس متمثلاً في حجم التغيير، الذي سيجريه على وزراء "فاين جايل" في الحكومة للتخلص من المحاربين القدماء لصالح حلفاء الجيل القادم.

ولكن يبقى أيضاً من الصعب على أي قائد جديد أن يزعم أنه "رسول التغيير"، عندما يبدو عدداً كبيراً من مسؤولي الصف الأول الحاليين في حالة مهترئة بعد 13 عاماً في السلطة.

تصنيفات

قصص قد تهمك