أعلنت حركة حماس، الاثنين، أنها أبلغت الوسيطين القطري والمصري، موافقتها على مقترح بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فيما قالت إسرائيل إنها "تدرس جميع المقترحات المتعلقة بالمفاوضات بجدية".
وقالت الحركة في بيان، إن رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع مدير المخابرات المصرية عباس كامل، وأبلغهما موافقة الحركة على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار.
وكشف مسؤول في حماس لـ"الشرق" أن الحركة وافقت على اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى مع إسرائيل بعد تلقيها ضمانات أميركية بأن الاتفاق "سيؤدي إلى وقف إطلاق نار وانسحاب إسرائيلي من غزة في نهاية المرحلة الثالثة والأخيرة".
وأضاف المصدر: "وفد حماس كان قد ذهب إلى القاهرة وهو يحمل الموافقة، لكن تصريحات نتنياهو أثارت شكوك الوفد ودفعته لطلب ضمانات كافية من الوسطاء وقد حصلت عليها الحركة".
وقال مصدر آخر في الحركة لـ"الشرق"، إنه "بعد الموافقة على اقتراح الوسطاء لوقف النار، الكرة الآن في ملعب الاحتلال الإسرائيلي، ما إذا كان سيوافق على اتفاق وقف النار أم أنه سيعطله".
ضمانات أميركية مصرية قطرية
وقال مسؤولون في حركة حماس، إن "مصر وقطر قدمتا لهم ضمانات باسم كل من الرئيس الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، مفادها بأن الحرب ستنتهي مع نهاية المرحلة الثالثة والأخيرة من الهدنة والتبادل".
وأجرى بايدن مكالمة هاتفية، الاثنين، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتقد أنها مهدت الطريق للاتفاق.
وكانت أنباء سابقة ذكرت أن واشنطن أخّرت تسليم شحنة سلاح قادمة لإسرائيل دون إبداء أسباب، وفسر مراقبون في إسرائيل هذه الإجراءات بأنها تلويح بعقوبات قادمة في حال عدم وقف الحرب.
ويحفظ نص الاتفاق ماء وجه نتنياهو لأنه لا ينص صراحة على وقف الحرب وإنما على "بحث التدابير اللازمة للهدوء المستدام".
ويرى مسؤولون ودبلوماسيون وخبراء أن وقف النار في غزة سيكون أمراً واقعاً وليس معلناً.
ويطالب الكثير من الساسة والخبراء الإسرائيليين بوقف الحرب وإجراء تبادل أسرى، معربين عن رأيهم بأن الحرب وصلت إلى "طريق مسدود"، وأن ما لم ينجح في تحقيقه الجيش الإسرائيلي في الشهور السبعة الماضية مثل إطلاق سراح المحتجزين وتدمير كامل الجهاز العسكري لحماس، لن يكون متاحاً له في الشهور القادمة أيضاً.
وظهرت أصوات داخل مجلس الحرب في إسرائيل، من بينها وزير الدفاع يوآف جالانت، تطالب بإجراء مفاوضات تبادل أسرى فوراً لإنقاذ المحتجزين الإسرائيليين قبل أن يقضوا داخل الأسر.
تفاصيل الاتفاق
من جانبه، قال نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية، إن مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه الحركة هو اتفاق من ثلاث مراحل، مدة كل منها 42 يوماً، مضيفاً أن المرحلة الثانية من الاتفاق تنص على انسحاب إسرائيلي كامل من غزة.
فيما ذكر المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، طاهر النونو، لوكالة أنباء العالم العربي، أنه سيكون هناك تعليق لكل العمليات العسكرية منذ اليوم الأول.
وأضاف النونو أن وقفاً دائماً لإطلاق سيتم إعلانه خلال مراحل الاتفاق، موضحاً أن أهم بنود مقترح وقف إطلاق النار الذي أعلنت الحركة موافقتها عليه تضمنت نقاطاً رئيسية على رأسها وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وعودة النازحين لأماكن سكنهم وقضية إعادة الإعمار وإنهاء الحصار، والوصول لصفقة تبادل "مرضية للشعب الفلسطيني".
وحول رد الجانب الإسرائيلي على مقترح وقف إطلاق النار، قال النونو: "نحن لا نتحدث عن الجانب الإسرائيلي هو يتحدث عن نفسه. نحن نتحدث عن مواقفنا حيث تعاملنا بإيجابية وأصدرنا هذه الموافقة الواضحة للوسطاء".
وأضاف" "ننتظر الخطوة التالية وسيكون هناك وفد في القاهرة إما غداً (الثلاثاء) أو بعد غد (الأربعاء) لاستكمال الخطوات التالية وفق ما سيبلغنا به الوسطاء".
وأردف القول "الخطوة التالية ننتظر طبيعتها وماهيتها وفقاً لما سيتم إبلاغنا به من قبل الوسطاء".
وفيما يتعلق بتفاصيل صفقة تبادل المحتجزين، قال النونو: "ما زال مبكراً الحديث عن تفاصيل ذلك، عندما يتم توقيع الاتفاق سيعلن بشكل واضح وكامل للجمهور".
وحذر المستشار الإعلامي لحماس من أنه "في حال استمر الاحتلال بمهاجمة رفح سندافع عن شعبنا وستقوم المقاومة بواجبها بالدفاع عن شعبنا وهذا الموقف الطبيعي الذي يمكن أن نقوم به".
وحول حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن أن المقترح الذي وافقت عليه حماس مقترح مصري "مخفف" لم توافق عليه إسرائيل حتى اللحظة، قال النونو "واضح إن "هناك أطرافاً بدولة الاحتلال تخشى التوصل لأي اتفاق وتحاول تعطيل أي اتفاق كونها ستكون متضررة منه وتتوقع أن يكون الضرر أكبر في حال التوصل لاتفاق".
إسرائيل تدرس رد حماس
في المقابل، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن جميع المقترحات المتعلقة بالمفاوضات من أجل إطلاق سراح المحتجزين في غزة يتم دراستها بجدية، وإن الجيش يواصل، بالتوازي مع ذلك، عملياته في قطاع غزة.
ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي بشأن ما إذا كان إعلان حماس قبولها اقتراح وقف إطلاق النار سيؤثر على الهجوم المزمع على مدينة رفح، قال دانيال هاجاري: "ندرس كل إجابة وكل رد بجدية شديدة ونستنفد كل الإمكانيات فيما يتعلق بالمفاوضات وإعادة المحتجزين".
وأضاف "بالتوازي مع ذلك، ما زلنا نعمل في قطاع غزة وسنواصل القيام بذلك".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، عن مصدر إسرائيلي قوله: "سندرس رد حركة حماس على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار لنرى ما وافقت عليه وما تعارضه".
وقال مسؤول إسرائيلي، إن الهدنة التي أعلنت حركة حماس موافقتها عليها هي نسخة "مخففة" من اقتراح مصري يتضمن استنتاجات "بعيدة المدى" لا يمكن لإسرائيل قبولها.
وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "هذه خدعة على ما يبدو تهدف إلى جعل إسرائيل تبدو وكأنها الجانب الذي يرفض الاتفاق".
فيما ذكر مسؤولون للقناة 13 الإسرائيلية أن المسودة المصرية "غير مقبولة" من جانب إسرائيل.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: "هذا اقتراح أحادي الجانب دون مشاركة إسرائيلية، هذا ليس الاقتراح الذي ناقشناه مع المصريين. إنه مناورة من جانب حماس تهدف إلى تقديم إسرائيل على أنها رافضة"، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
وأضاف المسؤول: "المصريون عرضوا من جانب واحد جميع المعايير حتى توافق حماس. وقد تم ذلك من جانب واحد وهذا الاقتراح غير مقبول لدى إسرائيل".
وفد إسرائيلي للقاء الوسطاء
وقالت الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، إنها سترسل وفداً للقاء الوسطاء ومناقشة مقترح الهدنة في غزة الذي وافقت عليه حماس واعتبرت تل أبيب أنه "لا يلبي" مطالبها.
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب اجتماع لحكومة الحرب أنه "على الرغم من أن مقترح حماس لا يلبي مطالب إسرائيل الأساسية، سترسل إسرائيل وفداً للقاء الوسطاء".
وأضاف البيان "قررت حكومة الحرب بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة ضغط عسكري على حماس من أجل المضي قدما في الإفراج عن رهائننا وتحقيق بقية أهداف الحرب".
وكرر الجيش الإسرائيلي دعوته لسكان الأحياء الشرقية لمدينة رفح إلى إخلاء المنطقة، تمهيداً لـ"عملية برية"، بعدما أعلنت "حماس" موافقتها على مقترح لوقف إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي خلال مؤتمر صحافي مقتضب: "نطلب من السكان مساء هذا اليوم (الاثنين) إخلاء المناطق التي حددناها".
وأوضح أن "بداية إخلاء السكان من الأحياء الشرقية لرفح جزء من التحضير لعملية برية في المنطقة".
وتابع بقوله إنه "على مدار اليوم قصفت الطائرات أيضاً أكثر من 50 هدفاً في منطقة رفح" وصفتها بأنها أهداف "إرهابية".
واشنطن: التوصل إلى اتفاق "أفضل نتيجة"
وقال البيت الأبيض، الاثنين، إنه يراجع رد "حماس" على مقترح وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى، لكنه امتنع عن ذكر أي تفاصيل عما تم الاتفاق عليه.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض جون كيربي للصحافيين، إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA وليام بيرنز، كان في المنطقة لإجراء مناقشات بخصوص المقترح.
وأضاف كيربي: "نريد إخراج هؤلاء المحتجزين، ونريد التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع، ونريد زيادة المساعدات الإنسانية"، لافتاً إلى أن التوصل إلى اتفاق سيكون "أفضل نتيجة على الإطلاق".
وفي وقت سابق، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين: "يمكنني أن أؤكد بأن ردّا صدر عن حماس. ندرس هذا الرد حالياً ونبحثه مع شركائنا في المنطقة".
فيما جددت واشنطن دعوتها لإسرائيل عدم مهاجمة مدينة رفح المكتظة بالسكان في جنوب قطاع غزة.
"ردود إيجابية"
ونقلت قناة القاهرة الإخبارية، عن مصدر رفيع المستوى القول إن الوفد الأمني المصري أكد تلقيه ردوداً "إيجابية" من إسرائيل وحركة حماس حول اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأضاف المصدر أن الوفد الأمني المصري "يكثف اتصالاته للتهدئة" في غزة، مشيراً إلى أن بنود الاتفاق بين حماس وإسرائيل تشمل ثلاث مراحل وتتضمن اتفاقاً لتبادل المحتجزين وهدنة إنسانية.
وذكر المصدر أن الجهود المصرية تتواصل "لوقف التصعيد وإنجاح اتفاق الهدنة بين الطرفين".
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنه يتابع عن كثب ما وصفها "التطورات الإيجابية" التي تمر بها المفاوضات الحالية للتوصل إلى هدنة شاملة في قطاع غزة.
وأضاف السيسي عبر منصة "إكس": "أدعو كل الأطراف لبذل المزيد من الجهد للوصول إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء المأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني وإتمام استبدال الرهائن والسجناء".
وقالت حركة "حماس" في بيان، إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بحث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "الإجراءات المطلوبة لضمان تنفيذ" اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ونقل البيان عن هنية القول خلال اتصال هاتفي مع أمير قطر أن الحركة اتخذت قرارها بالموافقة على مقترح وقف إطلاق النار "انطلاقاً من حرصها على شعبنا ومصالحه العليا".
وأضاف هنية أن على إسرائيل أن "تلتقط اللحظة" وتعلن موافقتها على اقتراح وقف إطلاق النار.
عباس يدعو للضغط على إسرائيل
من جانبه، رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالإعلان عن نجاح الجهود المصرية والقطرية في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية أن عباس عبر عن "ارتياحه لهذا الاتفاق الذي كان أولوية للقيادة الفلسطينية منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة"، معرباً عن أمله بأن "تلتزم إسرائيل بوقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة".
وأضافت الوكالة الرسمية أن عباس طالب "المجتمع الدولي بممارسة الضغط على إسرائيل للالتزام بهذا الاتفاق، ومواصلة الجهود الرامية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين".
فيما رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، بقرار حركة حماس، قبول وقف إطلاق النار في غزة، مضيفًا أنه يأمل أن تفعل إسرائيل الأمر نفسه.
ودعا أردوغان خلال حديثه في اجتماع وزاري دولاً غربية إلى زيادة الضغوط على قيادة إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار.
وتابع: "نرحب ببيان حماس الذي قبلوا فيه وقف إطلاق النار بناء على اقتراحنا. الآن، لا بد أن تتخذ إسرائيل الخطوة نفسها".
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أبلغه هاتفياً بأن الكرة الآن في ملعب إسرائيل، وذلك بعد أن وافقت الحركة على مقترح وقف إطلاق النار الذي تقدمت به مصر وقطر.
وأضاف أمير عبد اللهيان على منصة "إكس" أن هنية قال له "نحن صادقون في نوايانا".
احتفالات في رفح
واحتفل عدد من الفلسطينيين في شوارع مدينة رفح في جنوب غزة، الاثنين، بعد إعلان حركة حماس الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار.
وأشارت وكالة "فرانس برس" إلى إن "البعض بكوا من الفرح وهتفوا بالتكبير، وأطلق البعض النار في الهواء احتفالاً بالنبأ".
كما أظهرت صور لوكالة "رويترز"، احتفال عدد من الفلسطينيين في مدينة رفح، بإعلان حركة "حماس"، قبول مقترح وقف إطلاق النار.