باريس تخطط لترشيح رئيس وزراء إيطاليا السابق لأعلى منصب في التكتل

"دراجي" رهان فرنسي في "معركة" السلطة التنفيذية بالاتحاد الأوروبي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي خلال اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 21 أكتوبر 2022 - AFP
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي خلال اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 21 أكتوبر 2022 - AFP
دبي -الشرق

قال أحد أقرب حلفاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن باريس تريد منصباً رفيعاً في الاتحاد الأوروبي لرئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي، مضيفاً أن الأمر يتعلق فقط بالعثور على المنصب المناسب له، حسبما نقلت مجلة "بوليتيكو". 

وذكرت المجلة أن أحد أكبر الأسئلة الإستراتيجية بشأن انتخابات الاتحاد الأوروبي، المقررة في الفترة بين 6 و9 يونيو المقبلين، هو ما إذا كانت فرنسا ستدعم فترة ولاية ثانية للألمانية أورسولا فون دير لاين كرئيسة للمفوضية الأوروبية، وذلك بالنظر إلى العلاقات الفاترة بين باريس وبرلين. 

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت باريس تدعم حصول فون دير لاين على فترة ولاية ثانية، قال باسكال كانفين، وهو عضو البرلمان الأوروبي من حزب "النهضة" الليبرالي الذي يتزعمه ماكرون، والذي يحظى بتواصل مباشر مع الأخير: "فرنسا وجميع مَن هم في مؤسسة الرئاسة يرغبون في أن يلعب دراجي دوراً". 

ووفقاً للمجلة، فإنه "يُشاع منذ فترة طويلة أن ماكرون يناور خلف الكواليس لوضع دراجي، التكنوقراطي الذي ترأس حكومة الوحدة الوطنية التي قادت إيطاليا خلال جائحة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية، على رأس السُلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول فرنسي عن تأييد توليه منصب رفيع في بروكسل".

ورفض أحد مساعدي الرئيس الفرنسي، في تصريحات للمجلة، تأكيد كانفين بأن "مؤسسة الرئاسة في باريس تريد أن يحظى دراجي بدور قيادي في الاتحاد الأوروبي".

"معركة باريس" داخل الاتحاد الأوروبي

ولكن "بوليتيكو" أشارت إلى أن فرنسا تتفق إيديولوجياً مع دراجي، الذي لا يريد أن تؤدي القواعد المالية إلى الحد من الإنفاق السخي على إعادة تشكيل الاقتصاد الأوروبي، إذ يُنظر إلى محافظ البنك المركزي السابق (دراجي)، على أنه حليف رئيسي في "معركة باريس" المقبلة داخل الكتلة، والتي تتمثل في الحصول على تريليونات اليورو من الاستثمارات العامة للحاق بالقوى الصناعية العظمى الصين والولايات المتحدة

وقال كانفين، إن "دراجي يتمتع بالمصداقية اللازمة لمحاولة إقناع الدول الأخرى بالقدرة على الاستثمار طويل الأجل والحاجة إلى الاستثمارات المشتركة، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً". 

واعتبرت المجلة، أن المشكلة التي تواجه فرنسا تكمن في صعوبة تحرك دراجي داخل بعض الهياكل السياسية، خاصةً إذا أرادت باريس انتزاع منصب رئيس المفوضية من فون دير لاين، قائلة إن دراجي لا ينتمي رسمياً إلى أي حزب كبير، ولذا فإن ماكرون سيحتاج إلى إبرام صفقة سياسية كبيرة مع القادة الأوروبيين من حزب "الشعب الأوروبي" الذي تتزعمه فون دير لاين، ومع المستشار الألماني أولاف شولتز، فضلاً عن إقناع رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني بترشيح دراجي. 

وذكرت "بوليتيكو" أنه على الرغم من أن التكنوقراط الإيطالي البالغ من العمر 76 عاماً، ليس الحليف السياسي الأكثر وضوحاً لميلوني، فإنها من المرجح أن تنظر في مزايا وجود مسؤول إيطالي على رأس السُلطة في الاتحاد الأوروبي.

وفي حديثه مع "بوليتيكو"، بشأن الدفع بترشيح دراجي لمنصب قيادي، قال كانفين: "ليس هناك طريقة سهلة لتحقيق ذلك". 

وقالت المجلة، إن وصول دراجي للمنصب الرفيع الآخر في الكتلة وهو رئيس المجلس الأوروبي، الذي يشرف على الحكومات الوطنية الـ 27،  سيكون صعباً أيضاً. 

صفقة مع الاشتراكيين

ويتطلع الاشتراكيون، وهم ثاني أكبر مجموعة في البرلمان الأوروبي، إلى أن يحل شخص من صفوفهم محل رئيس المجلس الحالي، البلجيكي شارل ميشيل، ولذا فإنه سيكون لزاماً على فرنسا أن تساعدهم في الفوز بدور رئيسي آخر في الاتحاد الأوروبي في حال أصبح دراجي رئيساً للمجلس. 

وأوردت الصحيفة أن "باريس تدرك أنه من مصلحتها عدم الموافقة على حصول فون دير لاين على فترة ولاية ثانية باعتباره أمراً واقعاً، لافتة إلى أنه حتى لو ثبت في النهاية أنه من المستحيل التوصل إلى صفقة كبرى بشأن دراجي، فإن فرنسا سترغب في ممارسة النفوذ الدبلوماسي في المحادثات حول مَن سيحصل على الحقائب الوزارية الرئيسية". 

طموحات اقتصادية

وبغض النظر عمن سيحصل على المنصب الأعلى في الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف، فإن أولوية فرنسا "تتلخص في خلق مكانة اقتصادية أكثر قوة في المفوضية لتحسين القدرة التنافسية للكتلة، وذلك ربما من خلال دور نائب الرئيس التنفيذي"، وقد يكون دراجي مناسباً لهذا المنصب باعتباره الخبير الاقتصادي الذين يمكن لفرنسا التعامل معه، إذ إنه يُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في إنقاذ اليورو خلال الأزمة المالية في أوائل عام 2010، بعد أن تعهد بالقيام "بكل ما يلزم" لحماية عملة الكتلة عندما كان رئيساً للبنك المركزي الأوروبي في عام 2012. 

وتسعى فرنسا إلى إنشاء سوق موحدة، تسمح للمدخرات والاستثمارات بالتحرك بحرية في جميع أنحاء الكتلة، وهو المشروع الطموح الذي واجه معارضة شديدة من الأعضاء الآخرين، بقيادة ألمانيا، مما وضعه في ذيل قائمة الأولويات، لكن دراجي يمكن أن يساعد باريس على الفوز في هذه المعركة، بحسب الصحيفة. 

وفي حديثه بشأن كيفية تأمين دراجي لمنصب رفيع في بروكسل، قال كانفين في مقابلة مع ال"بوليتيكو": "إذا انتهى الأمر به في كتلة (تجديد أوروبا) فهذا يعني أنه سيصبح مرشحنا، لكننا نعلم جيداً أن هذه الكتلة لن تتولى رئاسة المفوضية". 

وبدلاً من ذلك، أوضح كانفين "كيف يمكن للمفاوضات المحتملة بين فون دير لاين وميلوني أن تؤدي إلى حصول إيطاليا على منصب رفيع المستوى، مما يعني على الأرجح الفوز بمنصب اقتصادي كبير، إن لم يكن منصب فون دير لاين نفسها". 

وتوقع كانفين، أن تقوم فون دير لاين، التي أشارت إلى استعدادها للعمل مع المسيحيين والإصلاحيين الأوروبيين من اليمين المتطرف بزعامة ميلوني لتأمين فترة ولاية أخرى، بإبرام اتفاق مع الأخيرة، وفي المقابل يمكن للزعيمة الإيطالية أن تطلب من أعضاء البرلمان الأوروبي التابعين لها مساعدة رئيسة المفوضية الأوروبية في تأمين الأعداد المطلوبة في تصويت البرلمان الحاسم للموافقة على حصولها على فترة ولايتها الثانية.

وتابع: "وهذا يعني أن دراجي قد يصبح مرشح ميلوني لوظيفة ما في المفوضية، لا أعتقد أن هذا سيكون مستحيلاً". 

ويعتمد تعيين رئيس المفوضية الأوروبية، الذي يعد أعلى منصب تنفيذي في الكتلة، على الإجراء المحدد في المادة 17 من معاهدة الاتحاد الأوروبي TEU، إذ يقترح المجلس الأوروبي على البرلمان الأوروبي مرشحاً لرئاسة المفوضية بناء على اقتراح بالأغلبية المؤهلة من المجلس، والذي يأخذ في الاعتبار نتيجة انتخابات البرلمان. ويتم انتخاب رئيس المفوضية لمدة خمس سنوات.

واختار البرلمان الأوروبي أورسولا فون دير لاين، التي كانت تشغل منصب وزيرة الدفاع في ألمانيا، رئيسة للمفوضية في عام 2019، حيث حصلت على 383 صوتاً فقط، أي بالكاد 9 أصوات أكثر من الأغلبية المطلقة.

كما يتم انتخاب رئيس المجلس الأوروبي من قبل أعضاء المجلس لمدة عامين ونصف، قابلة للتجديد مرة واحدة. وتتلخص مهامه في رئاسة الاجتماعات الدولية، وضمان استمرارية العمل، وتمثيل الاتحاد الأوروبي على أعلى مستوى على الساحة الدولية. 

تصنيفات

قصص قد تهمك