مسؤولة أممية: تل أبيب تستغل المحتجزين لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين

"اختبأوا في شاحنة مساعدات".. كيف نفذت إسرائيل عملية النصيرات؟

أحد المحتجزين الإسرائيليين المحررين يهبط مع جنود من مروحية تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية في مركز شيبا الطبي بمدينة رمات جان قرب تل أبيب. 8 يونيو 2024 - AFP
أحد المحتجزين الإسرائيليين المحررين يهبط مع جنود من مروحية تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية في مركز شيبا الطبي بمدينة رمات جان قرب تل أبيب. 8 يونيو 2024 - AFP
دبي -الشرقوكالات

في عملية وُصفت بأنها واحدة من أكثر الهجمات دموية في الحرب الإسرائيلية على غزة، استعادت تل أبيب 4 محتجزين أحياء في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة، في حين قال مسؤولون من حركة حماس إن ما يزيد على 200 فلسطيني لقوا حتفهم في العملية، وأصيب نحو 400 آخرين.

وتزامنت عملية تحرير المحتجزين في النصيرات مع قصف جوي إسرائيلي مكثف على المنطقة نفسها التي شهدت الكثير من المعارك خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.

وقال "أبو عبيدة" المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، إن بعض المحتجزين لقوا حتفهم خلال عملية الجيش الإسرائيلي في النصيرات.

وجاءت العملية، على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل بعد غارة دامية على مدرسة تديرها الأمم المتحدة في النصيرات، كان يحتمي فيها نازحون.

كيف دخلت قوات إسرائيل إلى النصيرات؟

مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، قالت السبت، إن "جنوداً إسرائيليين وأجانب اختبأوا داخل شاحنة مساعدات"، لتنفيذ العملية العسكرية التي أسفرت عن استعادة 4 محتجزين"، وهو ما نفته إسرائيل، كما نفت استخدام رصيف المساعدات العائم لدخول المنطقة.

وأودت العملية التي أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذها، ظهر السبت، بحياة 210 فلسطينيين على الأقل وإصابة 400، مع استمرار الحرب على القطاع التي دخلت شهرها التاسع.

وأعربت ألبانيز، في بيان، عن شعورها بالارتياح بعد إطلاق سراح المحتجزين الأربعة، لكنها شددت على أن تحريرهم "جاء على حساب قتل ما لا يقل عن 200 فلسطيني، بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 400 آخرين على يد إسرائيل والجنود الأجانب المزعومين، أثناء اختبائهم غدراً في شاحنة مساعدات، وهذا تمويه إنساني على مستوى آخر".

واتهمت ألبانيز، إسرائيل، باستغلال المحتجزين "لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين وجرحهم وتشويههم وتجويعهم في غزة، بينما تتصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينيين في بقية الأراضي المحتلة وإسرائيل".

وتابعت ألبانيز: "كان بإمكان إسرائيل إطلاق سراح جميع المحتجزين، أحياء وسالمين، قبل 8 أشهر عند طرح أول مقترح لوقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى على الطاولة. مع ذلك، رفضت من أجل الاستمرار في تدمير غزة والفلسطينيين كشعب".

واعتبرت ألبانيز أن إسرائيل ترجمت "نيّتها المبيتة لتنفيذ إبادة جماعية في غزة إلى أفعال"، وهذا أمر "واضح وضوح الشمس".

وفي تسجيل مصور، ظهر أحد شهود العيان، وهو يشرح كيف باغتت القوات الإسرائيلية منطقة النصيرات تعج بالنازحين، دون سابق إنذار لاقتحام الأبنية السكنية التي يقيم بها المحتجزون.

وقال إن قوات الجيش الإسرائيلي نزلت من سيارة استخدمتها للتمويه، ثم اقتحمت عدداً من المنازل.

في المقابل، نفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة "إكس"، ما تردد عن استخدام "شاحنة مساعدات، أو الرصيف الأميركي العائم"، لدخول مخيم النصيرات.

متى جرى التجهيز لعملية النصيرات؟

قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن العملية تم التخطيط لها منذ أسابيع، وشارك فيها مئات الجنود، كما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إنه تم التخطيط للعملية قبل أسابيع، بهدف تحرير محتجزين لدى حركة "حماس" في غزة.

ووفقاً للصحيفة ذاتها، عُرفت العملية في البداية باسم "بذور الصيف"، وجرى تغيير اسمها بعد إلى "عملية أرنون" نسبة إلى ضابط وحدة اليمام أرنون زامورا، الذي لقي حتفه خلال معارك لتحرير محتجزين.

وأضاف المتحدث أنه "خلال فترة التخطيط، حصلت إسرائيل على معلومات استخباراتية عن مواقع المحتجزين"، مشيراً إلى أنه "في خضم الحرب، نقلت (حماس) المحتجزين حول غزة أكثر من مرة، في محاولة لمنع عمليات الإنقاذ الإسرائيلية".

وقال المسؤولون: "في الأيام التي سبقت عملية التحرير، عملت وحدة اليمام، التابعة للشرطة الإسرائيلية على تصميم نماذج مختلفة لاستخراج الأسرى من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة".

وأطلق الجيش الإسرائيلي، في الأيام التي سبقت المهمة، عملية جديدة في شرق البريج، إلى الشرق من النصيرات، وفي شرق دير البلح، إلى الجنوب الشرقي من المكان الذي شهد إنقاذ الرهائن، في خدعة لتقليل دفاعات "حماس" بالنصيرات. 

كيف نفذت إسرائيل عملية النصيرات؟

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري قال إن "الرهائن احتجزوا في مبنيين في مخيم النصيرات بارتفاع بين 3 و 4 طوابق"، معتبراً أنه كان "من المستحيل الوصول إليهم دون المرور عبر المدنيين".

وأضاف في تصريحات خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت: "كانت هناك عائلات وحراس" في المبنيين، لافتاً إلى أن استهداف شقة واحدة فقط كان أمراً محفوفاً بالمخاطر، ولهذا السبب تم إجراء عمليتين متزامنتين.

وتابع هاجاري: "فاجأناهم في المبنى الذي فيه الرهينة نوعا أرغاماني، لكن فريق الإنقاذ تعرّض لإطلاق نار في الشقة الأخرى التي كان فيها الرجال الثلاثة، فأصيب ضابط شرطة إسرائيلي، ثم توفي متأثراً بجروحه".

وأشار إلى أن "الرسالة هذا الصباح إلى (حماس) واضحة: نحن عازمون على إعادة جميع الرهائن".

وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تفاصيل عن العملية، مشيرة إلى الوحدات الخاصة الإسرائيلية اتخذت قراراً بمداهمة المبنيين في وقت واحد، على الرغم من أن المسافة بينهما 200 متر تقريباً.

واحتجز عناصر حركة "حماس" أرغاماني بمفردها في منزل عائلة فلسطينية، في حين احتجز الرهائن الثلاثة الآخرين في منزل منفصل، مع حراس أيضاً.

ووصف المسؤولون العسكريون عملية إنقاذ أرغاماني بأنها "سلسة نسبيا" بالنظر إلى الظروف، لكن معركة بالأسلحة النارية اندلعت في المنزل، الذي احتُجز فيه مئير وكوزلوف وزيف.

"دعم استخباراتي أميركي"

وكان مسؤول أميركي قال لموقع "أكسيوس"، إن "خلية رهائن أميركية في إسرائيل"، دعمت جهود الجيش الإسرائيلي لتحرير الرهائن، إلّا أن مسؤولاً أميركياً آخر نفى لشبكة CNN، مشاركة قوات أميركية في العملية.

وقال المسؤول، الذي لم تذكر الشبكة الأميركية اسمه، إن "الولايات المتحدة ساعدت فقط في جمع المعلومات، دون وجود أي قوات على الأرض داخل غزة".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح السبت، أن "عملية مركبة للجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والشرطة (الوحدة الشرطية الخاصة)، تمكنت من تحرير 4 محتجزين، وهم نوعا أرغاماني (25 عاماً)، ألموع مئير (21 عاماً)، وأندري كوزلوف (27 عاماً)، وشلومي زيف (40 عاماً)، والذين تم اختطافهم من قبل حركة (حماس) من حفل نوفا في 7 أكتوبر".

وأشار، في بيان، إلى أن "الوضع الصحي للمحتجزين الذين تم تحريرهم جيد، ونقلوا لإجراء فحوصات طبية في مستشفى "تل هاشومير".

"قصف عشوائي"

وعن تفاصيل ما جرى في عملية النصيرات، قال شاهد عيان فلسطيني لـ"الشرق": "كنا في السوق في النصيرات، وفجأة بدأت المدافع وطائرات F-16 والأباتشي والكوادكوبتر العمل، وبدأت القصف وسط السوق ومخيم النصيرات وجميع المباني في المنطقة. كانت تقصف بشكل عشوائي، وكان الناس يركضون ويختبئون".

وأضاف: "كان ابن أختي في منتصف السوق، وبعد 10 دقائق جئت إلى السوق، وكان ابن أختي شهيداً. كان شهيداً بين عشرات الشهداء".

وقال شاهد آخر: "كنت في المنزل كأي شخص آخر. لم يكن لدي ما أفعله. ضربوا بيتاً بالقرب منا. فهرعت للاطمئنان على إخوة صديقي، لأن صديقي في مصر. بعد هذا وقفت قليلاً، أخرجنا الشهداء".

وأضاف: "بعد أن أخرجنا الشهداء كان هناك صوت إطلاق نار من بعيد. بعد إطلاق النار لم أسمع سوى انفجار، وأصبح سمعي ضعيفاً. لم أتمكن من السمع بأذني بعد ذلك".

وتابع: "سقط الصاروخ وسقط في حضني 5 شهداء. أحدهم في إحدى تلك الثلاجات، وقع في حضني وهو من حماني. كان الهاتف في يدي، واحترق الهاتف تماماً، وذهبت يدي أيضاً مع الهاتف".

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن الفصائل الفلسطينية، ما زالت تحتجز نحو 120 شخصاً، أعلنت وفاة 43 منهم. ومن بين الناجين نساء أطفال ورجلين في الثمانينيات من العمر.

وأودت الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 8 أشهر بحياة أكثر من 36 ألفاً و800 فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينية في القطاع.

تصنيفات

قصص قد تهمك