تتجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى رفع الحظر عن إيفاد متعاقدين عسكريين أميركيين إلى أوكرانيا، لمساعدة جيشها على صيانة وإصلاح منظومات أسلحة أمدتها بها الولايات المتحدة.
وذكرت شبكة CNN الأميركية في تقرير، الأربعاء، أن هذا التغيير يُمثل تحوّلاً مهما آخر في سياسات إدارة بايدن تجاه أوكرانيا، إذ تبحث الولايات المتحدة عن سبل تمنح الجيش الأوكراني الغلبة في معركته ضد روسيا.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين وصفتهم بأنهم مطلعون على الأمر، قولهم إن هذه السياسة لا تزال قيد الدراسة من قبل مسؤولي الإدارة، وأنها لم تحصل بعد على موافقة نهائية من قبل بايدن.
وأضاف أحد المسؤولين في الإدارة: "لم نتخذ بعد أي قرارات. وأي نقاشات بهذا الشأن سابقة لأوانها"، موضحاً أن "(موقف) الرئيس حازم وثابت تماماً بشأن عدم إرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا".
وأوضح المسؤولون أنه بمجرد الموافقة على هذه السياسة، فمن المرجح تفعيل هذا التغيير خلال العام الجاري، ما يسمح لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) بتقديم عقود لشركات أميركية للعمل داخل أوكرانيا لأول مرة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وأعرب مسؤولون عن أملهم في أن يؤدي ذلك إلى تسريع عمليات صيانة وإصلاح منظومات أسلحة مستخدمة من قبل الجيش الأوكراني.
وخلال العامين الماضيين أصرّ بايدن على بقاء جميع الأميركيين، وخاصة القوات الأميركية، بعيداً عن جبهات القتال الأوكرانية، وكان البيت الأبيض حريصاً على الحد من الخطر الذي يهدد الأميركيين، وكذلك التصوّر خاصة من جانب روسيا، بأن الجيش الأميركي يشارك في القتال في أوكرانيا. كما حذّرت وزارة الخارجية الأميركية الأميركيين بوضوح من السفر إلى أوكرانيا منذ عام 2022.
ونتيجة لذلك، كان يتعين نقل المعدات العسكرية التي وفرتها الولايات المتحدة، والتي تعرّضت لأضرار جسيمة خلال العمليات القتالية، خارج أوكرانيا إلى بولندا أو رومانيا أو أي دولة أخرى من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" لإصلاحها، وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً.
علاوة على ذلك، كانت القوات الأميركية جاهزة أيضاً لمساعدة الأوكرانيين عبر إجراء المزيد من عمليات الصيانة الدورية وتقديم خدمات لوجستية، ولكن من بعيد عبر محادثات فيديو أو هواتف آمنة، وهو ترتيب تعتريه قيود ملازمة بالنظر إلى أن الجنود والمتعاقدين الأميركيين لا يمكنهم العمل بشكل مباشر على هذه المنظومات.
محاولة للتغلّب على القيود
وبدأ مسؤولو إدارة بايدن إعادة النظر جدياً في هذه القيود خلال الأشهر الماضية، مع مواصلة روسيا تحقيق مكاسب في ميدان المعركة، وتعثر التمويل الأميركي لأوكرانيا داخل جدران الكونجرس.
ويعني السماح للمتعاقدين الأميركيين ذوي الخبرة، والمُموّلين من الحكومة الأميركية بالتواجد في أوكرانيا أنهم سيكونون قادرين على المساعدة في إصلاح المعدّات التالفة عالية القيمة بسرعة أكبر.
وتمثل مقاتلات F-16، المتوقع أن تتسلمها أوكرانيا في وقت لاحق من العام الجاري، أحد الأنظمة المتقدمة التي أشار المسؤولون إلى أنها من المرجح أن تتطلب صيانة دورية.
وأوضح أحد المسؤولين أن الشركات التي تسعى إلى الحصول على عقود سيُطلب منها وضع خطط قوية للتخفيف من حدة المخاطر، للحد من التهديدات التي يمكن أن يتعرّض لها موظفوها.
وتأتي هذه المناقشات في أعقاب سلسلة قرارات اتخذتها الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة في محاولة لمساعدة أوكرانيا على التغلب على الروس.
ففي أواخر مايو، سمح بايدن للأوكرانيين بضرب أهداف داخل روسيا، على مقربة من الحدود مع مدينة خاركيف الأوكرانية، وهو الطلب الذي رفضته واشنطن مراراً في الماضي.
والأسبوع الماضي، بدا أن واشنطن تتوسع في انتهاج هذه السياسة مجدداً، عندما قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إنه بمقدور أوكرانيا توجيه ضربات مضادة في أي مكان على طول الحدود بين أوكرانيا وروسيا باستخدام الأسلحة الأميركية.
وشدد مسؤولون حاليون وسابقون مطلعون على النقاشات الخاصة بإيفاد متعاقدين أميركيين إلى أوكرانيا على أن هذا التغيير في السياسات، لن ينجم عنه تواجد مكثف للمتعاقدين، على غرار ما كان عليه الحال في العراق وأفغانستان، وبدلاً من ذلك، سينجم عنه على الأرجح تواجد بضعة عشرات إلى بضعة مئات من المتعاقدين يعملون في أوكرانيا في وقت واحد.
واعتبر ضابط الجيش المتقاعد أليكس فيندمان، الذي شغل منصب مدير الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، أن "ذلك سيكون جهداً أكثر تركيزاً، وعمقاً لدعم أوكرانيا من الداخل".
وكان فيندمان يضغط على الإدارة لرفع القيود المفروضة على مساعدة أوكرانيا منذ نحو عامين، لافتاً إلى أن الإدارة تعمل على خطة لتخفيف القيود منذ وقت سابق من العام الجاري.
وأشار إلى أن "أوكرانيا حليف"، موضحاً أن "الولايات المتحدة لديها مصالح قوية وحاسمة تتعلق بأمنها الوطني في دعم أوكرانيا، وهناك العديد من التدابير للحد من المخاطر".