المنطقة المكتظة بالسكان كانت مسرحاً لعملية "الجرف الصامد" في 2014 ولا تزال عصية على الجيش الإسرائيلي في 2024

الشجاعية.. حي في شمال غزة يؤرق إسرائيل رغم قدراتها العسكرية

جنود إسرائيليون وآليات عسكرية خلال مواجهات مع الفصائل الفلسطينية في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. 8 ديسمبر 2023 - Reuters
جنود إسرائيليون وآليات عسكرية خلال مواجهات مع الفصائل الفلسطينية في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. 8 ديسمبر 2023 - Reuters
دبي -الشرق

تتواصل، الاثنين، الاشتباكات في حي الشجاعية بمدينة غزة، لليوم الخامس على التوالي، مما دفع آلاف المدنيين إلى الفرار، فيما أكد الجيش الاسرائيلي أن عمليته العسكرية في الحي المكتظ بالسكان، ستستمر لأسابيع، حيث يقول إن هناك "بنية تحتية تابعة لحركة حماس"، لكن هذا الحي ظل وما زال طوال قرابة 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منطقة عصية على الجيش الإسرائيلي رغم هجماته المكثفة التي تنوعت ما بين القصف المدفعي والغارات الجوية وحتى التوغلات البرية والاشتباكات المباشرة مع الفصائل الفلسطينية.

وتقع منطقة الشجاعية في شرق مدينة غزة، وكانت بمثابة ملجأ لبعض سكانها وللعديد من الفلسطينيين، الذين نزحوا من أماكن أخرى في الشمال نتيجة للقصف الجوي والهجوم البري الإسرائيلي.

وحتى ديسمبر الماضي، ظلت "الشجاعية" الحي الوحيد في شمال غزة، الذي لم تغزوه القوات الإسرائيلية بعد؛ وعلى مدار ذلك الشهر، شهد الحي بعضاً من الهجمات الإسرائيلية الأكثر دماراً في أي مكان في القطاع.

وتعد هذه المرة الثالثة التي يعود فيها الجيش الإسرائيلي إلى حي الشجاعية، منذ الانسحاب الأول منه، مطلع يناير 2024.

أين يقع حي الشجاعية؟

حي الشجاعية من أكبر أحياء مدينة غزة، ويقع إلى الشرق مباشرة من مدينة غزة، وينقسم إلى قسمين الشجاعية الجنوبية والشجاعية الشمالية، بُنى خلال عهد الأيوبيين، وينسب في تسميته إلى "شجاع الدين عثمان الكردي" الذي سقط في إحدى المعارك بين الأيوبيين والصليبيين في عام 1239، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.

ويسكن الحي حوالي 100 ألف نسمة. ويحتوي على العديد من الهياكل القديمة والمساجد والمقابر.

ووصف المراسل العسكري لموقع "والا" الإسرائيلي، حي الشجاعية في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، بأنه "من أخطر الأحياء في الشرق الأوسط". وجاء هذا الوصف بعد مشاهدة ما واجهه الجيش الإسرائيلي في الحي من صواريخ وآبار وأنفاق وألغام زرعها مقاتلو حركة "حماس"، حسبما نقل الصحافي الإسرائيلي. 

وأضاف: "تاريخياً، الشجاعية معروف بأنه مكان يكثر فيه الشر والقسوة، وهو المكان الذي خطفوا فيه الجندي شاؤول آرون". وأشار إلى أن أي حركة في السماء أو أي ضجيج بسيط، يترجم إلى نظرات مشبوهة، مع تحرك فوهات البنادق، خوفاً من وجود طائرة بدون طيار مهاجمة تابعة لـ"حماس".

وفي المكان عينه، قتلت القوات الإسرائيلية، 3 من الأسرى المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، بإطلاق نار مباشر عليهم، وهم يحملون أعلاماً بيضاء.

لماذا عاد الجيش الإسرائيلي إلى الشجاعية؟

أمر الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، سكان أحياء شرق مدينة غزة بالإخلاء الفوري، وسط توغل قواته العسكرية في المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: "إلى كافة السكان والنازحين في منطقة الشجاعية والأحياء الجديدة والتركمان والتفاح، حرصاً على سلامتكم، عليكم الإخلاء الفوري جنوباً على شارع صلاح الدين إلى المنطقة الإنسانية".

وقالت مصادر أمنية فلسطينية، لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا"، إن آليات عسكرية إسرائيلية دخلت حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وسط قصف مدفعي كثيف وغارات جوية، مما دفع آلاف السكان إلى الفرار من المنطقة.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن مصدر في الجيش الإسرائيلي قوله إن الأخير وجد خلال عمليته العسكرية الحالية في حي الشجاعية أن حركة "حماس" تمكنت من "إعادة تأهيل نفسها عسكرياً ومالياً".

وبحسب المصدر، فقد أقامت "حماس" في حي الشجاعية، عشرات المواقع القتالية، لاسيما في الأماكن التي كانت بها مناورات قوات الجيش الإسرائيلي قبل 6 أشهر.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن مصادر عسكرية، أن "الجيش الإسرائيلي بدأ عملية برية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة لتفكيك البنية التحتية لحركة (حماس) التي لا تزال نشطة هناك"، على حد تعبيرها.

ماذا يحصل الآن؟

ذكرت وسائل إعلام فلسطينية، الاثنين، أن المواجهات "العنيفة" تستمر بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية بحي الشجاعية، لليوم الخامس على التوالي، فيما قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن جنوداً تابعين للفرقة 98 قتلوا عدداً من عناصر حركة "حماس" بالإضافة إلى ما وصفها بـ"بنية تحتية" للحركة.

ونقل موقع "والا" الاسرائيلي، الاثنين، أنه خلال المعارك سقط جنديان؛ هما الرقيب يائير أفيتان (20 عاماً) من كتيبة المظليين 890، والمقدم ياكير شموئيل تيتلبوم (21 عاماً) من الكتيبة 77.

وخلال الأيام الأربعة من الاشتباكات في الشجاعية، أوضح الجيش الإسرائيلي أنه كان هناك أكثر من 50 مواجهة مباشرة مع الفصائل الفلسطينية، وشملت فرق الـ RPG وقاذفات العبوات الناسفة ووحدات القنص.

وفي وقت سابق، الاثنين، أفادت وسائل إعلام فلسطينية، بأن قصفاً مدفعياً إسرائيلياً استهدف منطقتي الشجاعية والزيتون، مشيرةً إلى أن المعارك "محتدمة" في حي الشجاعية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، أمام حكومة الحرب "قواتنا تعمل في رفح والشجاعية وكل أنحاء قطاع غزة"، مضيفًا "يتم القضاء على عشرات المسلحين كل يوم. إنها معركة صعبة نخوضها على الأرض أحياناً عبر قتال بالأيدي، وكذلك تحت الأرض".

وأعلنت حركة "حماس"، السبت الماضي، استهداف القوات الإسرائيلية المتوغلة في حي الشجاعية، بعدة رمايات من قذائف الهاون عيار 120ملم، وحققت إصابات مباشرة أجبرت الجيش الإسرائيلي على "هبوط طيرانه المروحي لإخلاء القتلى والجرحى".

عملية "الجرف الصامد"

وقعت معركة الشجاعية، بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية في 20 يوليو 2014. وبدأ الهجوم الإسرائيلي على الحي المكتظ بالسكان، باستخدام مجموعة من طائرات F-16 ونيران الدبابات وقذائف الهاون.

هذه العملية، التي أطلق عليها الجيش الاسرائيلي اسم "الجرف الصامد"، جاءت بقرار من مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتنياهو، بشن هجوم على قطاع غزة، وقد كان الهدف المعلَن للعملية الإسرائيلية وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل، ومنع المزيد من الهجمات.

وخاض الجيش الاسرائيلي معارك عنيفة في حي الشجاعية، وتكبدت قواته خسائر فادحة، قبل أن يرتكب مجزرة في حق المدنيين عبر استهداف المنازل والمباني. وقد تسبب هذا الهجوم، في خسائر فادحة في الحي، وتركه مجرداً من أي مظهر من مظاهر الحياة تقريباً.

وتشير مجلة "972+" إلى أن الجيش الاسرائيلي واجه، في بداية الهجوم الذي قاده لواء جولاني، مقاومة بسيطة، لكن في اليوم التالي، خرجت وحدات "حماس" من الأنفاق للاشتباك وأبدت مقاومة شديدة، مما فاجأ الإسرائيليين بإصرارهم وفعاليتهم في مواجهة الوحدات المدرعة. ووفقاً لمصادر عسكرية واستخباراتية إسرائيلية، استخدمت إسرائيل بعد ذلك القصف الجوي المكثف ونيران المدفعية، فيما وُصف بأنه "خطوة محفوفة بالمخاطر وغير عادية لإنقاذ حياة الجنود الإسرائيليين على الأرض".

تصنيفات

قصص قد تهمك