قال السفير الأميركي السابق لدى دمشق روبرت فورد إن البيت الأبيض سيشهد نقاشاً بشأن مصير القوات الأميركية في سوريا في حال عودة دونالد ترمب إلى رئاسة الولايات المتحدة بالفوز في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر.
وقال فورد في حديثه لبرنامج "سباق القمة" على قناة "الشرق": "إذا فاز (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترمب حينها سيكون هناك سؤال مطروح بشأن ما إذا كانت القوات الأميركية ستبقى في سوريا أم لا، كما سيكون هناك نقاش داخل البيت الأبيض بين مجموعة تريد سحب القوات لأنها لا تريد أن تنفق الأموال والموارد الأميركية في سوريا، وبين مجموعة ثانية معارضة جداً لإيران وتريد أن تقاومها بكل وسيلة ممكنة، وبالتالي ستحث الرئيس على إبقاء القوات الأميركية في شرقي سوريا لمجابهة طهران".
وأضاف فورد أنه إذا فاز الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن بفترة رئاسية ثانية، فإن "السياسة الأميركية الحالية ستسمر وسيكون هنالك حضور عسكري محدود في شرق سوريا خلال الولاية الثانية لإدارة الرئيس الديمقراطي".
واستبعد السفير الأميركي السابق أن تطبّع واشنطن العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه قال إنه "إذا نجحت المفاوضات السياسية في الوصول إلى حكومة انتقالية جديدة في سوريا، مع أو بدون الأسد، تتمتع بدعم كبير وواسع من مختلف المكونات السورية، حينها فقط يمكن أن أتخيل حدوث مناقشات في واشنطن بشأن التطبيع"، مضيفاً: "لكن كما قلت من الصعب أن نرى حلاً سياسياً شاملاً للأزمة السورية في المستقبل القريب".
وأوضح أن "حل الأزمة داخل سوريا نفسها، ما بين حكومة الأسد والمعارضة، فالأمر يقع على عاتق هؤلاء"، مؤكداً أنه ليس لدى الولايات المتحدة أو روسيا أو إيران وتركيا رؤية لإنهاء الأزمة السورية، "فالأمر يعود إلى السوريين".
وقال: "يجب إيجاد حلول عملية لبعض المشكلات الفورية والبناء عليها خطوة بخطوة حتى يتم حل المشكلة السياسية الكبرى، مضيفاً أن الوضع في غاية الصعوبة والتعقيد لأن هنالك أطراف كثيرة لديها مصالح في سوريا، وهذا ما "يُزيد الطين بلة"، حيث "يجب إيجاد حل بين أطراف الصراع"، بحسب تعبيره.
أميركا والأزمة السورية
وبشأن العقوبات المفروضة على دمشق مثل قانون "قيصر" و"كبتاجون 1 و2"، قال فورد إن "العقوبات ستستمر طالما لا يوجد حل سياسي شامل للأزمة السورية، مشيراً إلى أن "هناك دعماً شعبوياً في الكونجرس من الديمقراطيين والجمهوريين لاستمرار هذه العقوبات"، بغض النظر عن هوية الرئيس القادم.
وبسؤاله عن "الرؤية الأميركية لإيجاد حل للأزمة السورية"، قال فورد الذي عمل سفيراً لدى سوريا من 2011 وحتى 2014 ضمن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما: "أعتقد أن السياسة الأميركية كانت تعتمد على الأمل أكثر من التحليل والبيانات، والاعتقاد بأن حكومة الأسد ستتفاوض من أجل حكومة انتقالية دون ضغوطات عسكرية كان خطأ واضحاً".
وأكد أن "الأميركيين لم يفهموا الدور الإيراني ومدى عمق مصالح طهران في سوريا، وجزئياً هذا خطأي الشخصي، وبنهاية المؤتمر الثاني في جنيف، بدا أن السياسة الأميركية كانت فاشلة، ولهذا استقلت من منصبي".
وأضاف روبرت فورد: "بعد استقالتي، استمر (وزير الخارجية الأميركي السابق) جون كيري في السعي لإجراء مفاوضات سياسية بين السوريين لإتمام صفقة سياسية كبرى لكنها كانت مستحيلة عندما أصبح تنظيم داعش أكثر قوة في نهاية 2014، وكان أوباما مستعداً لتغيير سياسته تجاه الأسد والحكومة الانتقالية والتركيز على محاربة داعش بدلاً من ذلك".
وألمح إلى أن "الإدارة الأميركية في ذلك الوقت أخطأت في أمرين"، موضحاً أنه كان سيحث أوباما على "التفكير بجدية في حجم الضغوطات التي كان مستعداً لوضعها على الأسد في أواخر 2011، وإذا كان الجواب بأن الرئيس حينها ليس مستعداً لفعل هذا، حينها سيكون قد ارتكب خطأ بالقول إنه يجب تنحية الأسد".
وذكر أن "الولايات المتحدة أعطت أملاً كبيراً للمعارضة، وبالتالي كان خطأ للأميركيين لاستخدام سردية بعيدة جداً عما كانت تسعى واشنطن للوصول إليه".
واختتم حديثه قائلاً: "أما الخطأ الثاني الذي ارتكبناه، فيتمثل في أننا لم نفهم أن إيران ستكون مستعدة لإلحاق الضرر بسمعتها في بقية أنحاء الشرق الأوسط بغرض الدفاع عن ديكتاتور غاشم في دمشق. كنا نعتقد أن إيران بنهاية المطاف سوف تكون مستعدة للتفاوض، لكننا كنا مخطئين في هذا"، على حد وصفه.